هذا الكتاب
الإثنوغرافيا لا تطلق الأحكام، لا تُدين باسم وجهة نظر “متفوقة”. إنها تسعى قبل كل شيء إلى الفهم، بتقريب البعيد، وجعل الغريب مألوفًا. ومن خلال القيام بذلك فهي تجعل الأشياء، الأشخاص والحوادث أكثر تعقيدًا مما تبدو عليه. ولأن الإثنوغرافي يجبر نفسه على عمل طويل على التوصيفات والتفسيرات – كلاهما يسيران جنبًا إلى جنب – فإنه يسلّط الضوء على تعقيدات الممارسات الاجتماعية الأكثر اعتيادية للمُستطلَعين، تلك التي تنبع إلى حدّ بعيد من الذات إلى درجة أنها تمرّ من دون الانتباه إليها، تلك التي نعتقد أنها “طبيعية” لأنها كانت قد تطبّعت من خلال النظام الاجتماعي: الممارسات الاقتصادية، الغذائية، المدرسية، الثقافية، الدينية أو السياسيّة، إلخ. بطريقة ما، عمل الميدان يقوم على إحلال العدالة، بل على إعادة تأهيل ممارسات تمّ تجاهلها وفُهِمَتْ بشكل سيّء، أو تمّ ازدراؤها.
لقد أخبرنا علم الاجتماع الثقافي أنّ ممارسات “المهيمَن عليهم” يتمّ النظر إليها في أغلب الأحيان من سمت “المُهيمنين”: ينظر إليها من أعلى، إمّا بازدراء أو بمثاليّة (لتبدو شعبوية). الإثنوغرافيا، وبفضل استغراق المستقصي في الوسط المستطلَع، تعيد بناء المنظورات من الأسفل بتنوّع أكثر كثيرًا ممّا نعتقد؛ إنها تسمح بتقاطع وجهات النظر المتنوعة حول الموضوع، وتلقي الضوء على تعقيد الممارسات، وتسبر عمقها.
أثار واحد من اعتقالات الكواكبي في حلب عام 1899 تظاهرة احتجاج نسائية، وهي بلا شك الأولى من نوعها في العالم العربي الإسلامي. الشيخ المتمرد يرى أن “الانحطاط الشرقي” يرجع إلى الاستبداد، وعلاجه هو الحرية، وأفضل صورة لها هي الديمقراطية الدستورية. كان انخراطه لصالح فصل ما هو سياسي عن ما هو ديني حاسمًا “دعونا نحل حياتنا الدنيا بتحييد الأديان التي تقوم بدورها في العالم الآخر”. دعونا نجتمع حول هذه الكلمات “تحيا الأمة، يحيا الوطن ونحيا أحرارًا وذوي كرامة”.
تخلى عالمنا عن سورية وعن شعبها لرعب لا يمكن تخيّله، ويبدو أن رعبًا مماثلًا لا يمسنا إلا حين تحتشد موجات اللاجئين على أبواب أوروبا أو حين تضرب الاعتداءات قارتنا. ولكي تصير لا مبالاة كهذه ممكنة وجب إخفاء كل ما في تاريخ سورية مدويًّا في ذاكرتنا، وتصديق أن كارثة كهذه يمكن أن تستمر فوق أرض قريبة منّا إلى هذا الحد، يعني أننا عاجزون عن استباق مآسي أخرى على أرضنا. لهذا السبب، من الملحّ إعادة الرابط مع جزء من التاريخ العالمي الذي حدث هناك؛ على الضفة الأخرى من المتوسط.
معظم الدراسات عن الماضي العلوي كانت إما شديدة التركيز على المعتقدات أو أنتجت تاريخًا أخباريًا يحاول حبك سردية كاملة من حفنة من الإشارات إلى ما يبدو أنه حالات نزاع واضطهاد وعنف طائفي… في حين إنه كان نادر الحدوث، وذلك من أجل إنتاج قصة صراع لا يبدو أن له نهاية. لكن الكتاب سيركز بالتحديد على دلائل تاريخية أقل بروزًا -لكنها في النهاية عادية- تشير إلى تفاعل عادي، روتيني، يشبه ما يحدث كل يوم، بين العلويين وجيرانهم، أو بينهم وبين سلطات الدولة. على وجه التحديد، ستلقي هذه الفصول الضوء على ثروة من الوثائق الإدارية من إسطنبول وطرابلس على حد سواء، وثائق لم يستخدمها أحد من قبل، لأسباب من بينها عدم دعمها للسردية المعتادة.. وسلسلة جديدة من الوثائق من الأرشيفات العسكرية في أنقرة تكشف روابط وظيفية بين ثورة علوية ضد الفرنسيين في نهاية العهد العثماني والقوات الكمالية في الأناضول.
عندما كنت أشاهد الصور، كانت تحدثني. كان كثير من الضحايا في الصور يعلمون أنهم سيموتون، كانت سباباتهم مرفوعة كما لو كانوا سيموتون ناطقين الشهادة. كانت أفواههم مفتوحة من الألم، وبإمكاننا أن نشعر بالذل الذي تحملوه. كانت وجوههم تحفر في ذاكرتي في كل مرة كنت أشاهدها. كانوا يصرخون ألمهم كي ننقذهم ولكن أحدًا لم يفعل، ولم يصغ إليهم أحد، كانوا يطلبون أشياء ولكن لم يسمعهم أحد.
كنت أسمع صوت الضحايا يصرخون من ألمهم الشديد في كل الأيام، ليخبرونا عما يجري في السجون والمعتقلات. لم يكن هناك أي شاهد ولم يجب أحد. وضع أولئك الضحايا على عاتقي مسؤولية الشهادة على عمليات التعذيب التي ألمت بهم، الشهادة أمام أسرهم، وأمام الإنسانية والعالم الحر.
خرجت من سورية بنيات صافية وصادقة. هنالك أكثر من ملف عن جرائم النظام: الكيماوي والقتل الجماعي والمعتقلين. ستُفتح تلك الملفات جميعها وستقدم أدلتها ضد بشار الأسد. متى وكيف؟ لا أعلم. ستقود الحقيقة إلى النصر، كما يقول المثل: (ما ضاع حق وراءه مطالب.)
قيصر؛ المصور الأسبق في الشرطة العسكرية لنظام بشار الأسد السوري
كان عبد القادر عَبْدَ اللِّي جسرًا متينًا بين الأدبين التركي والعربي؛ حيث مَنَحَ الكثيرَ للأدب التركي والثقافة التركية من خلال التعريف بهما وبصورتهما الصحيحة؛ لكن، لا العرب ولا الأتراك اهتموا به حقِّ الاهتمام.
هذا الكتاب بمنزلة خطوة أولى لتخليد إبداع هذا المترجم العظيم من خلال مقالات وأبحاث نشرها في دوريات مختلفة عن الثقافة والأدب والترجمة والفنون.
يأخذ هذا الكتاب أهمية خاصة في هذه المرحلة السوداء من تاريخ سورية التي تشهد تدميرًا ممنهجًا من قبل آل الأسد؛ إذ يلقي الضوء على عقدين من حكم الأسد الأب، أي مرحلة التأسيس، ومرحلة مصادرة الدولة السورية والاستحواذ على المجتمع السوري وبناء الآلة القمعية لإخضاع المجتمع مرة واحدة إلى “الأبد”.
أسهمت هذه الدراسة -ربما- في فهم آلية عمل النظام وأساليبه، للإمساك بمفاصل الحياة جميعها، والتلاعب بها، وتسخيرها لخدمة حفنة من النخب الحاكمة التي باعت ضميرها وأخلاقها، وبرعت بالكذب والفساد والتملق والمدح والتمجيد وخلق آلهة ممسوخة تعبدها، وتفرض على الشعب السوري أن يعبدها أيضًا.
وفي الوقت الذي يشاهد العرب والمسلمون في بلدان عربيَّة وإسلاميَّة شتى نشاطَ داعش في العراق وسورية، وفروعه في بلدان مختلفة، وتجنيده الشباب المسلمين، ثمَّ يكتفون بالشَّجب والإدانة والتَّعجُّب، تأتي إسرائيل لترصد ظاهرة داعش ودراستها من جوانب عدة في هذا الكتاب المهم الذي أصدره معهد دراسات الأمن القومي في إسرائيل.
يرصد هذا الكتاب بالتَّحليل العميق تلك الظَّاهرةَ من النَّواحي جميعها في دراسة علميَّة رصينة، وتكمن أهميَّته في أنَّه يعد كتابًا شاملًا جامعًا يحتوي على دراسة تنظيم داعش الذي يُطلِق على نفسه الدَّولة الإسلاميَّة من الجوانب جميعها، فيوضِّح الخلفيَّة التَّاريخيَّة للتَّنظيم، وكيفية نشأة تنظيم الدَّولة الإسلاميَّة، وأسباب هذه النشأة والتَّطوّرات المصاحبة لقيامه.
يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط الضرورية للتشغيل الفني للموقع والتي يتم تعيينها دائمًا. يتم استخدام ملفات تعريف الارتباط الأخرى ، التي تزيد من الراحة عند استخدام هذا الموقع ، للإعلان المباشر أو لتبسيط التفاعل مع مواقع الويب والشبكات الاجتماعية الأخرى ، فقط بموافقتك.
This website uses cookies to improve your experience while you navigate through the website. Out of these, the cookies that are categorized as necessary are stored on your browser as they are essential for the working of basic functionalities of the website. We also use third-party cookies that help us analyze and understand how you use this website. These cookies will be stored in your browser only with your consent. You also have the option to opt-out of these cookies. But opting out of some of these cookies may affect your browsing experience.
Necessary cookies are absolutely essential for the website to function properly. These cookies ensure basic functionalities and security features of the website, anonymously.
Cookie
Duration
Description
cookielawinfo-checkbox-analytics
11 months
This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics".
cookielawinfo-checkbox-functional
11 months
The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional".
cookielawinfo-checkbox-necessary
11 months
This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary".
cookielawinfo-checkbox-others
11 months
This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other.
cookielawinfo-checkbox-performance
11 months
This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance".
viewed_cookie_policy
11 months
The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data.
Functional cookies help to perform certain functionalities like sharing the content of the website on social media platforms, collect feedbacks, and other third-party features.
Performance cookies are used to understand and analyze the key performance indexes of the website which helps in delivering a better user experience for the visitors.
Analytical cookies are used to understand how visitors interact with the website. These cookies help provide information on metrics the number of visitors, bounce rate, traffic source, etc.
Advertisement cookies are used to provide visitors with relevant ads and marketing campaigns. These cookies track visitors across websites and collect information to provide customized ads.