الأنظمة الصغيرة في الشرق الأوسط: بديل مفاهيمي نظري للدول الصغيرة في المنطقة غير الغربية
Small regimes in the Middle East: a conceptual and theoretical alternative to small states in a non‑Western region
ماتي سزالي Máté Szalai [2]
ترجمة ورد العيسى
الملخص
تم ربط مفاهيم ونظريات دراسات الدولة الصغيرة، وهي تخصص فرعي للعلاقات الدولية، بالتطور السياسي الغربي، ما يجعل قابليتها للتطبيق خارج أوروبا موضع شك. باستخدام إطار عمل المدرسة الإنكليزية، تهدف المقالة الحالية إلى تحديد العناصر الرئيسة لنظرية الدولة الصغيرة التي يلزم تغييرها، حتى تكون ملائمة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. من خلال التحقيق في المظهر الإقليمي للمؤسسات الأولية الرئيسة التي تشكل عنصرًا أساسا لتحليل الدول الصغيرة، أي كيان الدولة والسيادة والصراع والتعاون، خلص البحث إلى أن نفوذ الدول الصغيرة في الشرق الأوسط يختلف اختلافًا كبيرًا عما هو متوقع من دراسات الدول الصغيرة التقليدية، خاصة بسبب المعايير الإقليمية المرتبطة بكيان الدولة والصراع. وبناء على هذا، فإن تغيير إطارنا المفاهيمي لـ “الدول الصغيرة” إلى “الأنظمة الصغيرة” سيكون ضروريًا أيضًا لتفسير كيفية تصرف هذه الكيانات بشكل أفضل في الشرق الأوسط أو مناطق أخرى من العالم.
الكلمات المفتاحية
الدول الصغيرة. المدرسة الإنكليزية. دراسات الشرق الأوسط. دول الخليج. الأنظمة.
توطئة
كثيرًا ما افتقر المنهج البحثي لدراسات الدولة الصغيرة إلى منظور إقليمي، ويرجع ذلك أساسًا إلى ثلاثة أسباب: أولاً، تشير النظريات السائدة في العلاقات الدولية عادةً إلى أن حجم الدولة هو المتغير الرئيس الذي يحدد السياسة الخارجية، نظرًا إلى طبيعة النظام الدولي، مع عد العوامل الأخرى معظمها غير ذات صلة (انظرWaltz 1979; Neumann and Gstöhl 2006). ثانيًا، إن النظريات التي تهدف إلى تحدي الافتراضات السائدة (خاصة المؤسسيين النيو ليبراليين، والبنائيين [متبعي النظرية التعليمية]) تحافظ على وجهة النظر النظامية العالمية، أو تقفز فورًا إلى المستوى الفردي للتحليل، تاركة المستوى الإقليمي كما هو. حتى المحاولات المبتكرة (مثل Gigleux 2016 أو الدراسات المقارنة في Archer et al. 2014) تحاول ربط الحالة والمستوى الهيكلي أو تقيّد نفسها بمقارنة تجريبية من دون تنظير عميق. ثالثًا، لم يكن للمدارس النظرية التي تمتلك مجموعة أدوات لفهم الخصائص الإقليمية (مثل نظرية النظام العالمي، أو النظرية المعقدة للأمن الإقليمي) تأثير كبير في دراسة الدول الصغيرة.
ومع ذلك، يمكن أن تؤدي الاختلافات الإقليمية إلى تغيير كبير في نفوذ وسلوك الدول الصغيرة. لا يمكن للمرء أن يشكك في أن بلدًا شحيح الموارد، يقع في الاتحاد الأوروبي، أو في الخليج العربي، لديه وضع مختلف استراتيجيًا عن الآخر، ليس بسبب التغيرات في البيئة الجيوسياسية فحسب، ولكن أيضًا بسبب الأوضاع المعيارية المتنوعة. يجب أن تغيّر مثل هذه الخصوصيات الإقليمية الطريقة التي لا ننظر بها إلى حالة الدول الصغيرة فحسب، بل إلى طبيعتها الذاتية أيضًا. فمن دون إجراء تحقيق ملائم، لا يمكننا التأكد حتى من أن المبادئ الأساس التي توجه توقعاتنا تجاه سلوك الدولة الصغيرة صالحة في بيئة جيوسياسية ومعيارية محددة. تحاول هذه المقالة تحديد التعديلات اللازمة لنظرية الدولة الصغيرة التقليدية المستمدة من خصوصيات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. باستخدام المصطلحات التي طرحتها المدرسة الإنكليزية للعلاقات الدولية، تتلخص حجتي الرئيسة بأن المفاهيم السائدة لدراسات الدولة الصغيرة غير قابلة للتطبيق، بسبب المظهر المتغاير للمؤسسات الأساس مثل “كيان الدولة” و”السيادة”، إضافة إلى “الصراع” و”التعاون” في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أو مناطق أخرى.
ومع ذلك، فإن تغيير الإطار المفاهيمي التقليدي، ووجهة النظر، يمكّننا من اكتشاف الأنماط السلوكية المختلفة. نتيجة البحث، سأدافع عن توسيع مفردات دراسات الدولة الصغيرة، وتغيير وحدة التحليل المعتادة من “الدول الصغيرة” إلى “الأنظمة الصغيرة”، لأن المصطلح الأخير، في بيئات معيارية محددة، يظهر طبيعة الفاعل بطريقة أكثر دِقَّة. بينما يستخدم المصطلح لوصف دول الشرق الأوسط الصغيرة، فإنه يمكن تطبيقه على الجهات الفاعلة ذات الخصائص المماثلة في مناطق أخرى.
تنقسم المقالة إلى ثلاثة أجزاء: أولاً، سأضع الإطار النظري الأساس للمقالة بناءً على مفاهيم المدرسة الإنكليزية، وتحديد المؤسسات الأساس التي تحدد نفوذ الدول الصغيرة. ثانيًا، سأنتقل إلى التحقيق في مثل هذه المؤسسات الأولية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأقدم دراسات قصيرة لحالات شاهد لإثبات أهميتها. ثالثًا، سألخص اقتراحاتي بشأن تعديلات نظرية الدولة الصغيرة، لتكون قابلة للتطبيق في مناطق خارج أوروبا.
بوساطة التحليل، أرغب في المساهمة في ثلاثة مساعٍ أكاديمية معاصرة في أدب العلاقات الدولية؛ أولاً، سد الفجوة بين العلاقات الدولية النظرية والتطبيقية في دراسات الشرق الأوسط. ثانيًا، المساهمة في الأدبيات المتنامية التي تضفي الطابع الإقليمي على النظريات السائدة في العلاقات الدولية. وثالثًا، إعادة تقييم النقاط المحورية الحالية لدراسات الدولة الصغيرة التي “قد تركز كثيرًا على القوة والحجم وقليلًا جدًا على وضع الدولة” (Baldacchino 2014: 242).
تفسير الاختلافات الإقليمية والصغيرة في إطار المدرسة الإنكليزية
مع أنّ تاريخها يمتد لعقود من الزمن، لا يزال من الممكن عد المدرسة الإنكليزية برنامجًا بحثيًا ناشئًا في العلاقات الدولية. فكرتها الأساس هي أنه يمكن تصور النظام الدولي على أنه “مجتمع فوضوي”، (مجتمع من الدول) يتضمن عناصر من الفوضى، إضافة إلى العلاقات الرسمية، والمؤسسية في الوقت نفسه، (ولهذا السبب لا يمكن أن تكون الواقعية ولا الليبرالية قابلتين للاستخدام بوصفهما نظريتين كُلْيّتين). من أجل تقليل الضرر إلى الحد الأدنى، ودعم الاتفاقات وضمان الممتلكات (Bull 2002: 4; Schouenborg 2014: 80)، طور أعضاء المجتمع مؤسسات أولية، وهي “مجموعة من العادات والممارسات التي تم تشكيلها من أجل تحقيق الأهداف المشتركة” (Bull 2002: 71) التي “تم تطويرها أكثر من أن تحدد وتصمم”، تمثل “ممارسات أساس ودائمة” وتشكل تأثير الفاعلين السياسيين، إضافة إلى “أنماط نشاطهم المشروع في علاقات بعضهم ببعض” (Buzan 2004: 167). تتم حماية هذه المفاهيم المجردة، والحفاظ عليها عبر المؤسسات الثانوية، أي “الأنظمة الملموسة أو المنظمات” (Schouenborg 2014: 80).
بطبيعة الحال، من الصعب إعداد قائمة دقيقة للمؤسسات الأولية. ذكر الباحثون عديدًا من المفاهيم المختلفة، منها المفاهيم الخمسة “الكلاسيكية” التي عددها هيدلي بول؛ الدبلوماسية والحرب وتوازن القوى والقانون الدولي والقوى العظمى. نوقشت هذه القوائم الفردية في الأدبيات، فضلًا عن تعرضها لانتقادات شديدة (Buzan 2004: 174). تتناول المناقشة أيضًا التسلسل الهرمي بين المؤسسات المذكورة، والعلاقة بين المؤسسات الرئيسة والمشتقة.
على الرغم من وجود المنهجية، إلا أن المدرسة الإنكليزية فاعلة جدًا في تحديد وتفسير الاختلافات بين الأنظمة الفرعية الإقليمية للمجتمع الدولي. في حين أن الإقليمية ليست سمة أساس لأدب المدرسة الإنكليزية، يجادل كثيرون بأن “المجتمع العالمي يتطور بشكل غير متساو إلى درجة ملحوظة بسهولة” (Buzan 2004: 208). يكمن السبب في أصول المجتمع الدولي، وهو بناء أوروبي غالبًأ، انتشر عبر بقية العالم بوساطة الاستعمار، وأشكال المواجهات الأخرى، وتوطد بعد الاستقلال، ما فتح المجتمع على “العالم الثالث” (Buzan and Little 2014: 61).[3] بينما تضمنت العملية من الناحية النظرية، نقل الأشكال السياسية الغربية (مثل الدول) إلى بقية العالم، لم تتمكن هذه النماذج القانونية (والثقافية) من التغلب تمامًا على “القوى المعقدة والمتنافسة التي واجهتها على الأرض” من الناحية العملية. (Buzan and Little 2014: 62) مثل الانتماءات القبلية، والأشكال الأخرى لأنظمة المساعدة الذاتية الجماعية (Salzman 2016). وقد أدى ذلك إما إلى نوع من التعددية و/أو مزيج من المؤسسات والمعايير المحلية و”العالمية”. تؤدي هذه العملية، المسماة بـ “التبعية المعيارية” (Acharya 2011: 96)، إلى اختلافات بين الأنظمة الإقليمية الفرعية المختلفة (مثل النظام الأوروبي ونظام الشرق الأوسط)، وبين النظام العالمي ونظام إقليمي فرعي محدد (على سبيل المثال النظام العالمي والنظام الشرق أوسطي).
تم بالفعل إجراء بعض المساعي المحددة في الأدبيات لفهم الأنظمة أو المؤسسات الإقليمية عبر تطبيق المدرسة الإنكليزية، على سبيل المثال ما قام به نارين Narine (2006) في ما يتعلق بمنطقة الآسيان [رابطة دول جنوب شرق آسيا]، وكذلك تحليل Stivachtis (2008) في ما يتعلق بتوسيع الاتحاد الأوروبي وقواعده، أو المجلد المحرر لـ Buzan وGonzalez-Pelaez (2009) حول المجتمع الدولي في الشرق الأوسط. يصور كوستا برونيلي (Costa-Brunelli 2015) هذه التركيبات الجيوسياسية مثل “السياقات اللغوية” التي تعطي في الواقع معنى مختلفًا للمؤسسات نفسها (مثل السيادة). وهذا يعني أنه حتى في السيناريو الضعيف المتمثل في أن المؤسسات الأولية نفسها قوية بالقدر نفسه في المناطق جميعها، فإن المناطق نفسها لن تعمل بالضرورة بالطريقة نفسها، حيث يمكنها إعطاء معنى ومضمونًا مختلفين للقواعد “المشتركة”.
على عكس الاختلافات الإقليمية، فإن المدرسة الإنكليزية “ليس لديها كثير لتقوله عن (…) الدول الصغيرة” (Maas 2005: 1).[4] نظرًا إلى أن دراسات الدولة الصغيرة تطورت غالبًا في إطار الواقعية الجديدة والنيوليبرالية والبنائية (Neumann and Gstöhl 2006: 16-17)، فإن “التقاليد النظرية الأخرى”، وفيها المدرسة الإنكليزية، “تكرس مزيدًا من الوقت والاهتمام للدول الأكبر، أو القوى العظمى، مقارنة بالدول الصغيرة” (Neal 2017: 34). ومع ذلك، فإن التحقيق في التغييرات الإقليمية للمؤسسات الأولية يمكن أن يكون له قيمة ضخمة تضاف إلى دراسة الدول الصغيرة، وهي فكرة رددها تشونج وماس (2010: Chong and Maas 382) اللذان حثا علماء المدرسة الإنكليزية على إيلاء مزيد من الاهتمام للدول الصغيرة.
تم تجاهل هذه الدعوة في أغلب الأحيان حتى الآن. كان الاستثناء الأكثر بروزًا ورقة بحثية كتبها ماس (2005 Maas).[5] وكان سؤاله البحثي فيها يتمحور حول وجود فائدة من المجتمع الفوضوي الذي ظهر في القرون الماضية للدول الصغيرة أم لا. من خلال التحقيق في تطور المجتمع الدولي منذ القرن السابع عشر، ليتوصل إلى استنتاج مفاده أن المعنى الدقيق لكل من القوة والحجم “لا يمكن تحديده إلا إذا قورن بالنظام العام”.
إن أهم درس قدمه تحليل ماس هو أن وضع الدول الصغيرة قد تم تشكيله بوساطة تطور المؤسسات الأولية (والثانوية) للمجتمع الدولي. بالنسبة إلى معظم الأبحاث في دراسات الدولة الصغيرة، “تظل نقطة البداية في التحليل هي القيادة الواقعية للسلطة” (Chong and Maas 2010: 382). لذلك، تشير الملاحظات التي يبدونها عادةً إلى العجز الأمني، والضعف الناشئ عن صغر حجم هذه الدول، ما يؤدي إلى سياسة خارجية محدودة تحت الرادار تفضل المنظمات والقانون الدولي، وتسوية النزاعات بالطرق الدبلوماسية.
تشير هذه الملاحظة أيضًا إلى أنه إذا تم تغيير المؤسسات الأولية المحددة في عصور ومناطق مختلفة، فإن نفوذ الدول الصغيرة سيخضع أيضًا للتغيير. السؤال الأهم هو ما هي المؤسسات الأساس التي تؤثر في وضع الدول الصغيرة إلى أقصى حد؟. يجب أن يكون هناك زوجان من هذه المعايير في بؤرة البحث.
– أولًا: “الدولة” و”السيادة”. اعتمادًا على مفهوم الدولة، يمكن أن يكون للحجم عواقب مختلفة. في إطار الواقعية الجديدة (Waltz 1979: 87–89)، الدول هي جهات فاعلة متطابقة وظيفيًا في السياسة العالمية “تختلف عن بعضها بعضًا”، “لا في الوظيفة، ولكن بالقدرة في المقام الأول. التفاوتات بين الدول لها تأثير سياسي أكبر من عدم المساواة بين مجموعات الدخل، داخل الدول”(Waltz 1999: 698). وبناء على هذا، فإن الدول هي في الأساس صناديق سوداء، يجب عدها جهات فاعلة ذات سيادة على أراضيها. من ناحية أخرى، يمتلك النيوليبراليون فهمًا مختلفًا للدول والسيادة. وهم يجادلون بأن البيئة المؤسسية المحلية والدولية للدول، تحدد السلوك الدولي إلى حد بعيد، ما يحرم الحجم من كونه المتغير المستقل الأكثر سطوةً على السياسة الخارجية. وصف كاتزنشتاين (Katzenstein 1985) كيف أدت الثقافة السياسية والنظام الاقتصادي المرن للدول الأوروبية الصغيرة إلى مرونتها خلال الأزمات الاقتصادية الكبرى. إلى جانبه، حقق عديد من الكتاب، مثل فيتال (Vital 1967) أو ثورهالسون (2006 Thorhallson)، في كيفية تأثير بناء المؤسسات لأطر السياسة الخارجية ضمن الدولة الصغيرة في علاقاتهم بالدول الأخرى والمنظمات الدولية. في الآونة الأخيرة، تم إجراء بعض المحاولات لمعالجة مختلف مظاهر الدولة في دراسات الدولة الصغيرة (مثل Chong 2014 أو Taylor 2014)، ولكن على أساس دراسة حالة شاهد فحسب.
– ثانيًا: “الصراع” و “التعاون”. وهي مسألة اختلاف بين المدارس الثلاث لدراسات الدولة الصغيرة. ففي بيئة يُسمح فيها بالنزاع المسلح، ويُنظر إليه على أنه ظاهرة يومية، تواجه الدول الصغيرة تهديدات مستمرة من الخارج. ولكن إذا ما تم بناء السياسات الإقليمية بطريقة مؤسسية وتعاونية، (كما هو الحال في أوروبا)، فإن الدول الصغيرة ستكون أكثر أمنًا، وسيكون لديها القدرة على أن تكون أكثر نفوذاً. ينبع الاختلاف الأكثر وضوحًا بين المدرسة الواقعية الجديدة والمدرسة النيوليبرالية من الوصف المختلف لأهمية ألعاب الصراع، والحصيلة الصفرية في الفوضى الدولية.[6] من أجل تشكيل توقعاتنا في ما يتعلق بسلوك الدول الصغيرة في نظام إقليمي معين، ينبغي لنا أولاً أن نفهم المظهر المحلي للأزواج المعيارية من “الدولة” و”السيادة” إضافة إلى “الصراع” و”التعاون”.
الدولة والسيادة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
تغيير الوكيل: “الدول” و”الأنظمة”
يشكل تنوع الأنظمة السياسية وأشكال التنظيم الاجتماعي التي نطلق عليها عادة “الدول” النوع الأساس للمجتمعات السياسية المنظمة والمؤسسية. النوع الأكثر نفوذاً من هذه المنظمات هو الدولة الحديثة أو الدولة الوستفالية، التي كانت حجر الزاوية في العلاقات الدولية منذ القرن السابع عشر. بينما لا يزال من الصعب تحديد هذا المفهوم، يمكننا وضع الحد الأدنى من المعايير التي يجب أن تُنسب إلى المؤسسة حتى تسمى دولة حديثة (Coporaso 2000: 8-11). وتشمل هذه المعايير:
- السلطة (الحق المعترف به في الحكم على إقليم وشعب معين).
- السيادة (كونها السلطة النهائية، ولها الحق النهائي في اتخاذ القرار).
- الإقليمية (يجب أن تُنسب السلطة القضائية إلى الحدود المكانية).
- المواطنة (العضوية المؤسسية في المجتمع السياسي على أساس الحقوق والمسؤوليات الصريحة).
هذا النموذج، المبني على وجهات نظر فيبرية، ووجهات النظر القانونية الدولية، تم الأخذ به بوصفه مسلّمة من مختلف التخصصات في العلاقات الدولية، مثل دراسات الدولة الصغيرة. ومع ذلك، يركز هذا المفهوم على السمات القانونية للدولة، وليس على مظاهرها التجريبية (Jackson and Rosberg 1982: 3) التي يمكن أن تختلف اختلافًا كبيرًا لأسباب التاريخية. تم تصدير الدولة الحديثة، على أنها مؤسسة أساس للمجتمع الدولي المولود في أوروبا، إلى مناطق أخرى في خطوتين؛ أولاً، شكلت الإمبراطوريات الغربية الإطار المؤسسي بطريقة تنازلية من أعلى إلى أسفل، وبعد ذلك قدّم القادة المحليون المحتوى لها (Hinnebusch 2018: 392-393.). يتألف هذا المحتوى غالبًا من التقاليد المحلية، ورواية النخب في ما يتعلق بالحداثة، ومحاولتهم تعزيز سلطتهم. أدت هذه العملية إلى مفاهيم مختلفة بشكل ملحوظ عن الدولة والسيادة في مناطق مختلفة، فالدول الآسيوية الصغيرة في فترة ما بعد الاستعمار، التي كانت مبنية على المفاهيم البوذية، وما يسمى بالنظام الماندالي (Chong 2014)، تعمل وتتصرف بشكل مختلف عن دولة التنمية الأفريقية، على سبيل المثال (Taylor 2014).
في سياق الشرق الأوسط، بدأت العملية بتطور تطوعي قامت به الإمبراطورية العثمانية في القرن التاسع عشر، حيث أدرك القادة تراجعهم النسبي. وهكذا، دأبوا على نسخ الحلول المؤسساتية الغربية. بالتوازي مع هذا “التحديث الدفاعي” (Anderson 1987: 5)، وسعت الحكومتان البريطانية والفرنسية نفوذهما في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وبدأتا بتغيير المؤسسات السياسية والاجتماعية المحلية بالقوة. أدى هذا التحديث القسري، الذي استمر مع نظام الانتداب، إلى إنشاء معظم الدول العربية القائمة حاليًا.
الحكام الجدد، مناصرين أكانوا أم معادين للغرب، استوعبوا من قبل النظام الويستفالي خلال بنائهم لسلطتهم، وحدوا تطلعاتهم جغرافيًا، وبدؤوا بالانخراط في منافسة واقعية فيما بينهم، على الرغم من عموم الخطاب العربي (Lawson 2000: 529). بطبيعة الحال، لم تحدث العملية بين عشية وضحاها، وفقًا لهينبوش (Hinnebusch 2014: 36–54)، في السبعينيات من القرن الماضي أسفر جهد بناء الدولة عن حسابات سياسة خارجية واقعية جدًا، لكنها أدت بالتأكيد إلى نظام إقليمي لدولة الأمة الذي نص، للوهلة الأولى، على استيفاء معايير الحداثة.
ومع ذلك، فإن الوضع أكثر تعقيدًا من الناحية العملية. تعد إقامة الدولة في الشرق الأوسط مثالاً على التعديلات اللغوية لمؤسسات أولية عالمية محددة اقترحتها كوستا برونيلي (2015 Costa-Brunelli). تظهر كلمة “دولة” (دولة باللغة العربية، و”دولات” بالفارسية وديفليت باللغة التركية) في الخطاب السياسي الإقليمي لوصف الدول الحديثة، مع أنّها تحمل معنى مختلفًا قليلاً (N. Rózsa 2018: 17-18). حتى القرن العشرين، لم يشر العالم إلى مفهوم الدولة الحديثة، بل أشار إلى “المنصب الرفيع وسلطة الشخص في الحكم” وإلى المؤسسات التي يحكم بوساطتها (المرجع نفسه). عبر التاريخ، تم ممارسة السلطة السياسية من خلال أنواع أخرى من المجتمعات السياسية المؤسسية، كالقبائل والإمبراطوريات، وهي ظاهرة استمرت في التأثير على الديناميات السياسية حتى بعد التقديم الرسمي للدول الحديثة في القرنين التاسع عشر والعشرين. كانت النتيجة مزيجًا من السمات القديمة والجديدة التي خلقت إطارًا مختلفًا بشكل ملحوظ عن إطار عمل العلاقات الدولية بوصفها نظامًا. لفهم وظيفة دولة الشرق الأوسط، فإن أفضل طريقة هي إدراج التعديلات الأساس في مقابل فكرة الدولة الويستفالية. لخص هينبوش (2018 Hinnebusch) أهم الاختلافات في النقاط التالية:
- الهوية / التنافر الإقليمي: تم بناء الهيكل ما قبل الويستفالي للمجتمع الإقليمي على وحدات هوية أصغر (مثل القبائل)، وأكبر (مثل الأمة)، من المجتمعات الوطنية. ونتيجة ذلك، كان على الهويات القومية التي تروجها الدولة دائمًا أن تعاني المنافسة من داخل وخارج حدود الدولة.
- تقنيات الطاقة الهجينة: تم استيراد السلطة العقلانية القانونية الفيبرية أيضًا مع نظام الدولة الحديث، الذي دمج تقنيات تجميع الطاقة الموجودة بالفعل، ما أدى إلى ثقافة سياسية هجينة. يشير مفهوم النيوباتريمونالية (Sharabi 1988) إلى ظاهرة مماثلة.
- شبه السيادة على الميديفالية الجديدة [neo-medievalism]، والحكم غير الهرمي، غير الوستفالي: نتيجة ضعف الهياكل المؤسسية، والتدخل المستمر للقوى الخارجية، وعدم الاستعداد للعولمة، تعاني دول الشرق الأوسط فقدان سيادتها، ويتم نقل سلطتها جزئيًا إلى جهات فاعلة من دون وطنية، وعابرة للحدود.
- المسارات غير الخطية: لم يحدث جهد بناء الدولة تطورًا تقدميًا مستمرًا، بل اتخذت شكل منحني الجرس، الذي بلغ ذروته في سبعينيات القرن الماضي، لكنه بدأ بالتراجع نتيجة الإصلاحات الموجهة نحو السوق في تسعينيات القرن الماضي.
- فشل الدولة والحروب بالوكالة: بسبب كل سمات الدولة هذه، لم تتمكن مؤسسات الدولة من تقوية نفسها، وممارسة السلطة الكاملة. يمكن أن يؤدي هذا بسهولة إلى حروب أهلية، والتعرض لمنافسة خارجية على القوة.
نتيجة هذه الظواهر كلها، فإن الفاعل في السياسة الدولية في الشرق الأوسط ليس بالضرورة الدولة نفسها، بل النظام (Brichs 2013; Brichs and Lampridi-Kemou 2013). على مر التاريخ، حاربت النخب المحلية المختلفة (القبائل والجماعات الدينية، …إلخ) من أجل السلطة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهي منافسة لم تنته بسبب صعود هياكل الدولة الحديثة، بل تحولت. عُدت الدولة المورد النهائي في التنافس، وفعلت مجموعات النخبة التي تمكنت من السيطرة عليها كل شيء لإعادة إنتاج هيمنتها. ونتيجة ذلك، اندمجت النخب الحاكمة مع بعض مؤسسات الدولة، ما أدى إلى إنشاء أنظمة. تعيد هذه الدينامية إنتاج ضعف شرعية الدولة باستمرار، حيث إنها بنيت بطبيعتها على الإقصاء والهياكل النيوباتريمونالية للعائلات أو العشائر أو القبائل (Sharabi 1988: 35).
هيكل النظام ليس نادرًا في المناطق الأخرى بعد إنهاء الاستعمار (Jackson 2009)، ويمكن القول إن صغر حجم الدولة يحفز تطورها. على الرغم من المناقشة النظرية في السياسة المقارنة في ما يتعلق بالعلاقة بين الديمقراطية أو ثقافة تقاسم السلطة وصغر حجم الدولة، يُظهر التحقيق التجريبي أن “الصغر ينتج مجموعة متنوعة من الآليات غير الرسمية التي تقوض الديمقراطية”، ولا سيما “المحسوبية والسياسة الشخصية والسيطرة التنفيذية” (Veenendaal 2020: 80). نتيجة ذلك، من المرجح أن تستحوذ النخب على الدولة “القهرية والشاملة” وستعمل “كصاحب عمل الملاذ الأخير، و (…) جهاز يقوده الأشخاص يوزع (…) الفوائد، خاصةً لأولئك المتعاونين على المستوى السياسي”(Baldacchino 2014: 247).
هذه الخصوصية لها عواقب كثيرة على سلوك الجهات الفاعلة التي ترتدي زي “الدول”. بالنسبة إلى نظام ما، فإن الانقسام الوستفالي بين السلام الداخلي والفوضى الخارجية، ليس ذا أهمية قصوى. تطبق الأنظمة “استراتيجية شاملة للتوازن”، وتوجه دائمًا عينًا واحدة إلى المنافسين المحليين لحكمها (David 1991; Colombo 2017: 56–58)، ما يطمس الخط الفاصل بين السياسة الداخلية والسياسة الخارجية. مثل هذا السلوك ليس فريدًا من نوعه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فعلى سبيل المثال وفي حالة دول جنوب آسيا الصغيرة، يلاحظ تشونغ (2014: Chong 206) أيضًا مفهومًا “داخليًا” للأمن، بحجة أن “إدارة مشاكل الدول الصغيرة تتطلب معايرة ثابتة بين الضغوط الداخلية والخارجية”.
وبذلك، فإن خط الانقسام الرئيس لن يكمن بين المجالين الداخلي والخارجي، ولكن بين النطاق داخل النظام، والمجال خارج النظام. كل شيء خارج النظام (داخل أو خارج الحدود “الوطنية”) سيتم عده عدائيًا محتملًا، ما يثير تساؤلات حول مؤسسة المواطنة بالمعنى الويستفالي. يتم نقل سلام المجال المحلي إلى المجال داخل النظام، حيث تختلف الديناميات السياسية بشكل ملحوظ عما هو خارجها.[7] على غرار المجال المحلي الويستفالي، إذا حدثت مشكلة داخل النظام، فعادة ما تكون مصدر قلق كبير يمكن أن يقوض الحكم إلى حد بعيد.
أثرت تلك الأوضاع في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جميعها، بغض النظر عن حجمها. ومع ذلك، فإن خصائص نظام دولة الشرق الأوسط مفيدة بالفعل للدول الصغيرة لأسباب عديدة.
أولاً؛ لا تستطيع دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا رسم خط وقائي بين السياسة الداخلية والخارجية، ما يعرضها للبيئة الخارجية. فهي بطبيعتها “دول ضعيفة مخترقة” (Hinnebusch 2018: 392) من منظور المجتمع الدولي. لذلك، في السياسة الدولية، يعد التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين ممارسة شائعة (Halliday 2009: 15–17). يمكن أن يكون هذا مفيدًا للدول الصغيرة بطريقتين؛ أولاً، التدخل هو أداة أكثر نجاعة لها من شنها الحروب ضد بعضها بعضًا، ما يقلل من فرص الحروب التقليدية بين الدول، وهو السيناريو الأكثر رعباً للدول الصغيرة. ثانيًا، القدرة على التدخل في الشؤون الداخلية لبعضها بعضًا، أو حجب مثل هذا المسعى لا يرتبط حصريًا بامتلاك الموارد المادية. الأولى ليست بالضرورة أداة باهظة الثمن، ويمكن أن تتطلب استراتيجية قوة ناعمة فاعلة فحسب، بينما تعتمد الثانية إلى حد بعيد، التماسك الاجتماعي وإدارة المظالم الاجتماعية. في حين أن الموارد المادية ضرورية لكليهما، إلا أنها لا تتطلب كثيرًا، مثل بناء جيش وطني منافس.
ثانيًا؛ نظرًا إلى ضعف الدول، هناك مجال كبير لمناورة الجهات الفاعلة غير الحكومية، خاصة الحركات الإسلامية (منها الجمعيات الخيرية والشبكات والأحزاب السياسية)، والجماعات العنيفة التي تشكك في احتكار الدولة استخدام السلطة الشرعية (Valensi 2015)، أو المنظمات غير الحكومية. في حين أن هؤلاء الفاعلين يمتلكون بالتأكيد وكالة، إلا أنه يمكن استخدامهم بسهولة على أنهم أدوات للسياسة الخارجية (Kausch 2017؛ Marchetti and Al Zahrani 2017). هذه الأدوات فاعلة في التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وهي أرخص من الأساليب القسرية التقليدية، وعلى هذا، فإنّه من الممكن استخدامها بسهولة من الدول الصغيرة أيضًا. إضافةً إلى ذلك، فهي لا تعاني عيبًا نسبيًا لقيامها بذلك. يمكن للمرء أن يفكر في قطر وعلاقتها بالإخوان المسلمين على سبيل المثال.
ثالثًا؛ بسبب التوازن الشامل، يتم تثبيط الدول الأكبر حجمًا عن العسكرة التقليدية للسياسة الدولية (خوف الدول الصغيرة الأعظم). بما أن الأنظمة جميعها يجب أن تهتم بالعواقب الداخلية لأعمال السياسة الخارجية، فإن بناء جيش مفرط القوة لا يأتي من دون أي تكاليف سياسية. بسبب ظاهرة تسمى “معضلة انعدام الأمن” (Jackson 2009: 148)، فإن تطوير القدرات القسرية يمكن أن يضر بسهولة بالتوازن بين النخب المحلية، حيث تعد المجموعات المعارضة أن هذه الخطوات تهدد بقاءها وتحفزها على الوقوف في وجه الحكومة. هذا لا يعني أن العسكرة غير واردة، لكنها تأتي مع ثمن تعريض السلام الداخلي للخطر. لا يمثل هذا مجرد قيود على الدول الأكبر حجمًا، بل يمثل أيضًا إمكان تدخل الدول الأصغر في الشؤون الداخلية للدول الأكبر حجمًا، والتسبب بمشاكل في الفناء الخلفي للأنظمة.
ونتيجة ذلك، فإن المظهر الإقليمي لظاهرة الدولة الحديثة له تأثير إيجابي عمومًا على وضع الدول الصغيرة، حيث إنه يضيق الفجوة بين القوة التي يمكن أن تمارسها هذه الدول، والقوة التي يمكن أن تمارسها الدول الأكبر. في حين أن أمنهم يتضاءل أيضًا بسبب قابلية اختراق شؤونهم الداخلية، كذلك هو الحال بالنسبة إلى جيرانهم الأكبر. من ناحية أخرى، إنهم مُخولون بأدوات غير تقليدية (مثل استخدام الجهات الفاعلة غير الحكومية) لتزيد من نفوذهم. يشير هذا إلى الاستنتاج القائل: إن الفكرة الواقعية عن توافق الدول، غير صالحة في نظام الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
دراسة حالة شاهد: المقارنة بين حالتي قطر والبحرين
مع أنّ دول الخليج الصغيرة ليست متطابقة في الحجم، إلا أنها تتمتع بوضع متشابه بشكل منهجي. كما تنبأت نظرية الدولة الصغيرة، فهي تعرض أمن الدول الخمس للتطورات التي تحدث بجوارها، منها حروب الخليج الثلاث، وتغيرات السياسة الخارجية في المملكة العربية السعودية وإيران والعراق، وازدياد عدم الاستقرار في اليمن والعراق. ومع ذلك، اختلفت تصوراتها وسلوكها الأمني إلى حد بعيد في العقود الماضية، وهي ظاهرة يمكن أن تُعزى إلى الخصائص الموصوفة أعلاه لدولة الشرق الأوسط. لإثبات أن تحويل انتباهنا إلى الأنظمة أمر حيوي لفهم اختلافات السياسة الخارجية بين “الدول الصغيرة” التي لها مواقف متشابهة بشكل منهجي، سأقارن حالتي قطر والبحرين. إن الدينامية المختلفة داخل النظام والمستوى المختلف للتماسك الاجتماعي في الدولتين، في سياق الشرق الأوسط، أكثر أهمية من الحجم.
للوهلة الأولى، يبدو النظامان البحريني والقطري متشابهين جدًا (Byman and Green 1999; Crystal 2014; Davidson 2012; Ismael and Ismael 2011). كلاهما قائم على تحالف تجلى في اتفاق ثنائي بين عائلة سنية (آل خليفة وآل ثاني، على التوالي) والإمبراطورية البريطانية. يتميز كلا النظامين السياسيين باتخاذ قرارات مركزية، وشخصية، وروح ريعية. تتمتع كلتا الدولتين بنظام ملكي، ودستور مكتوب، وكلاهما يشتمل على شكل من أشكال الهيئات الاستشارية التمثيلية، ولكنهما يضعان السلطة السياسية والاقتصادية في المركز.
على الرغم من أوجه التشابه هذه، هناك بعدان رئيسان يختلف فيهما النظامان البحريني والقطري اختلافًا عميقًا، وكلاهما يكتسب أهمية بسبب الطبيعة الخاصة لدول الشرق الأوسط. يمكن ملاحظة الاختلاف الأكثر أهمية بين الدولتين من حيث التماسك الاجتماعي. كثيرًا ما حوربت عائلة خليفة المعارضة المحلية في المجتمع البحريني لثلاثة أسباب على الأقل (Kinninmont 2011: 32; Louer 2014: 118–119)؛ أغلبية السكان من الشيعة، لم تنحدر الأسرة من البحرين، وبالتالي فهي ليست جزءًا من السكان الأصليين البحرينيين، وينتقد كثيرون الهيكل الملكي بوصفه شكلًا من أشكال الحكومة. تقترن هذه المظالم، وفقًا للذاكرة الاجتماعية، بالحرب الناتجة من سوء الإدارة الاقتصادية، ما يؤدي إلى نقص طويل الأمد في القدرة التنافسية للبحرين (Fuccaro 2009: 16–42). ونتيجة ذلك، كان على الحكومة البحرينية دائمًا مواجهة استياء مزمن من السكان، ما أدى إلى سلسلة من الاحتجاجات الواسعة النطاق بين عشرينيات وسبعينيات القرن الماضي (Ulrichsen 2014: 334-335).
إلى جانب استخدام المنطق الريعي التقليدي، كانت الأدوات الرئيسة في يد النظام هي خطوات محدودة للتحرير (Crystal 2014: 172)، وتعزيز السرد الطائفي (Diwan 2014: 144). بسبب الثورة الإيرانية، لم يكن من الصعب البناء على المشاعر المعادية لإيران لدى المجتمعات السنية، على الجانب الآخر من الخليج الفارسي. ولذلك كان تأمين “التهديد الشيعي” فاعلاً. كانت هذه الأداة مفيدة خلال أحداث “الربيع العربي” في عام 2011 (Matthiesen 2013: 33–49; Khalaf 2013)، بعد محاولة فاشلة لإرضاء المتظاهرين، بوعد بتحويل مالي مباشر لكل أسرة (Barany 2012: 23)، تمكنت الحكومة من نزع حوافز عديد من المتظاهرين السنة عبر التأكيد على الطبيعة الطائفية للتظاهرات. في النهاية لم يكن هذا كافيًا، فاتجهت الحكومة إلى مساعدة مجلس التعاون الخليجي الذي نفذ تدخلًا داعمًا قصيرًا لضمان بقاء النظام.
نظرًا إلى وجود الانقسامات الاجتماعية الحساسة والافتقار إلى التماسك الاجتماعي، تعرضت البحرين للتدخل الخارجي. تمكنت إيران، من توسيع نفوذها بوساطة الشبكات الإسلامية الشيعية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين من جهة، ومن جهة أخرى، وسعت المملكة العربية السعودية نفوذها على عملية صنع القرار في البحرين منذ عام 2011. كان للرياض بالفعل تأثير كبير في جزيرة دولة البحرين، بسبب التهديد الإيراني المتصور والعلاقات الاقتصادية الوثيقة بين الدولتين، ولكن منذ الربيع البحريني، تعمق اعتماد النظام على الدعم السعودي. لعل الضغط المتزايد على شبكة الإخوان المسلمين البحرينية (المتمركزة في مجتمع ميمبار الإسلامي)، يشكل أحد مظاهر النفوذ السعودي المتنامي، إذ كانت تاريخياً أقرب إلى الحكومة منها إلى المعارضة الشيعية (على الرغم من الاختلافات الأيديولوجية جميعها)، ولكن في الآونة الأخيرة تم إبعادهم من النظام (Freer and Cafiero 2017). ما يبدو أنه يتماشى مع المصالح الأمنية السعودية، وليس المصالح البحرينية. في عام 2018 أيضًا، ظهرت بعض الأخبار حول الضغط السعودي والإماراتي لعزل رئيس الوزراء خليفة بن سلمان آل خليفة من منصبه (Middle East Eye 2018).
في المقابل، إن التماسك الاجتماعي أقوى كثيرًا في قطر. وبسبب الافتقار إلى القدرات الاقتصادية الكبيرة قبل اكتشاف الفحم الهيدروجيني [النفط]، والموقع المحيطي للبلاد، لم تتمكن النخب الاقتصادية أبدًا من موازنة سلطة الأسرة الحاكمة. كثيرًا ما كان السكان الشيعة (الذين يقدرون بنحو 20 في المئة من المجتمع) مندمجين جيدًا من دون أي تطلعات معادية للمؤسسة (Kamrava 2014: 161).
سمح هذا المستوى من التجانس الاجتماعي للحكومة القطرية بأن يكون لها نفوذ أوسع، لأن الجهات الخارجية لم تنجح في اختراق المجتمع القطري إلى حد يُنذِرُ بالخطر. حتى بعد الصدع الخليجي في عام 2017، لم تنجح القيادة السعودية وحلفاؤها في تشكيل معارضة كبيرة للقيادة الحالية. فضلًا عن ذلك، كان الدعم الشعبي للقيادة واضحًا بعد عام 2017، وبينما كان ذلك على الأرجح حملة سياسية منظمة جزئيًا، فقد كان لها خلفية اجتماعية.
لم يحمِ التماسك الاجتماعي قطر من التدخل الخارجي فحسب، بل أدى أيضًا إلى توسيع نفوذها في السياسة الخارجية. لم يكن من الضروري أن يأخذ جهد النظام لتحقيق التوازن الشامل العواقب المحلية لأعمالهم على المستوى الدولي في الحسبان. سمح ذلك لآل ثاني ببناء علاقات مع اللاعبين الإقليميين والعالميين من دون أي مقايضات، وقد أدى ذلك إلى القدرة على بناء استراتيجية تحويط (Kamrava 2014: 167–181)، تهدف إلى الحفاظ على علاقات مستقرة مع أي أحد.
تختلف الدولتان بشكل ملحوظ في بعد آخر هو الديناميات داخل النظام. تاريخيًا، كانت القيادة البحرينية موحدة إلى حد ما من دون أي معارك داخلية مثيرة، فتوارث الحكم الوحيد منذ الاستقلال حدث في عام 1999، بعد وفاة عيسى بن سلمان آل خليفة، ليتبعه حمد بن عيسى آل خليفة، الذي كان الوريث المعين منذ عام 1994. علامة أخرى على الاستقرار هي حقيقة أن خليفة بن سلمان آل خليفة المذكور آنفًا قد تولى رئاسة مجلس الوزراء منذ الاستقلال (Kinninmont 2011: 40).
أهم التطورات الحديثة داخل النظام هو ظهور فرع الخوالد من آل خليفة. حيث أُجبر أعضاء هذا الفرع على مغادرة البلاد في أوائل القرن العشرين بسبب معارضتهم لتعميق العلاقات البريطانية البحرينية، وبسبب مشاعرهم العميقة المعادية للشيعة (Diwan 2014: 162–163). بعد خلافة عام 1999، تمكن الخوالد من الاقتراب من السلطة (حيث تنتمي والدة الأمير الجديد أيضًا إلى هذا الفرع)، ولا سيما مع وزير الدفاع خليفة بن أحمد، ووزير الديوان الملكي خالد بن أحمد. ساهمت وجهات نظرهم الطائفية بشكل كبير في تنامي الخطاب الطائفي الذي أعاد النظام إنتاجه باستمرار بعد عام 2011 (Gengler 2013).
تأثرت السياسة الخارجية للبحرين كذلك بصعود الخوالد إلى الساحة. يتوافق النهج القاسي المناهض للشيعة، ممثلًا بهذا الفرع من آل خليفة، مع الرؤية الإقليمية الحالية للقيادات السعودية، وهذا هو السبب في أنهم معروفون بقربهم من الرياض. على سبيل المثال، في عام 2011، دعموا مبادرة الاتحاد الخليجي للمملكة العربية السعودية، التي تم رفضها بشدة من الأعضاء الآخرين من مجلس التعاون الخليجي (Guzansky 2015: 25-28؛ Wehrey 2013: 135–136).
في حين يُنظر إلى النظام القطري على أنه يعمل من دون أي تصدعات داخلية خطرة، لم يكن هذا هو الحال تاريخيًا. منذ الاستقلال، حدث تعاقبان على الحكم بالقوة، في 1972 و1995 (Kamrava 2013؛ Crystal 2014). مرت أول عملية انتقال سلمي للسلطة في أواخر عام 2013، عندما تم استبدال حمد بن خليفة آل ثاني بابنه تميم بن حمد آل ثاني. من بين هذه التعاقبات، كان لحدث عام 1995 أهمية كبيرة لأنّه غيّر السياسة الخارجية للبلاد بشكل عميق. الأمير خليفة، الذي حكم بين عامي 1972 و1995، قاد سياسة خارجية متسترة، متبعًا غالبًأ قيادة المملكة العربية السعودية. ومع ذلك، عندما أُجبر على إعطاء العرش لحمد، بذل الأمير الجديد كل ما في وسعه لإخراج رجال والده من السلطة. الأمر الذي يعني عمليًا الانفصال عن الرياض أيضًا، لأن السعوديين (الذين يفضلون الاستقرار على عدم القدرة على التنبؤ) نظموا محاولة انقلابية ضد حمد.
هذا هو أحد الجذور الرئيسة لسياسة قطر الخارجية المناهضة للسعودية على مدى العقدين التاليين. ظهرت التوترات بعد الصدع الخليجي في عام 2017 بين آل ثاني الموالين لحمد وابنه تميم من جهة، وأولئك الذين يفضلون الموقف الموالي للسعودية الممثل من خليفة، وبعد ذلك بدأت الرياض بتكوين معارضة ملكية ضد تميم من دون أي نجاح ملحوظ.
تؤثر الصراعات داخل النظام والتماسك الاجتماعي بشكل كبير في نفوذ السياسة الخارجية واستراتيجية كل من البحرين وقطر. ففي حالة الأولى، ساهم صعود فرع الخوالد في السياسات الطائفية بعد عام 2011، التي فتحت البلاد أمام التدخل السعودي (من أعلى إلى أسفل)، والإيراني (من أسفل إلى أعلى)، بسبب غياب التماسك الوطني. عندما يتعلق الأمر بقطر، مكّن التجانس الاجتماعي النظام من إدارة سياسة خارجية أكثر استقلالية، لكن عملية الاستيلاء العنيف على الحكم في عام 1995، وضعت البلاد في مسار تصادمي مع المملكة العربية السعودية. تكتسب هذه التطورات أهمية ومعنى في سياق المؤسسة الأولية المعدلة للدولة الحديثة، في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
الأنظمة الصغيرة في بيئتها الإقليمية المحيطة للصراع والتعاون
القواعد المتعلقة بالصراع والتعاون
لطالما عدت الحرب سنة في المجتمع المشترك بين الدول في الدول الحديثة، ومع ذلك، فقد تباين جوهرها، وحدودها القانونية والمعيارية على نطاق واسع. كما ذكرنا سابقًا، كان أحد الدوافع وراء إنشاء قواعد المجتمع بين الدول هو تجنب نزاع مسلح واسع النطاق، لكن هذا لا يعني أن استخدام القوة قد تم استبعاده بوصفه ممارسة اجتماعية أو “نمطًا ثابتًا للسلوك “(Bull 2002: 178).
لقد تغير جوهر قاعدة “الحرب” على المستوى العالمي بشكل عميق في القرن الماضي. تقلصت شرعية مهاجمة دولة أخرى إلى حد بعيد (Buzan 2004: 182)، حتى أن بوزان جادل لاستبدال القاعدة بـ “إدارة القوة العظمى”، ما يشير إلى أن القواعد الحالية للمجتمع بين الدول تحرم الدول من إمكانية خوض الحروب من أجل المصالح الذاتية، وتسمح لهم باستخدام القوة في حالة الهدف الجماعي الذي يحدده مجلس الأمن، أو الدفاع عن النفس فحسب.
يمكن للمرء أن ينظر إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على أنها مجتمع متصارع، إذ كان لنظام الشرق الأوسط نزاعات مسلحة عديدة (على سبيل المثال بين إسرائيل وجيرانها، أو حروب الخليج)، حيث كانت التطورات التي حدّت من استخدام القوة المسلحة على المسرح العالمي، (أي الاعتماد المتبادل والدمقرطة والمأسسة) غائبة في المنطقة، ما خلق بيئة غير مستقرة بشدة (Hinnebusch 2014).
كما حفز توازن ديناميات ميزان القوة الحرب. نظرًا إلى الطبيعة المخترقة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والضعف المؤسساتي المتأصل في الدول، لم تتمكن أي قوة مهيمنة إقليمية من الظهور. يحد وجود القوى العالمية، ونقاط ضعفها المحلية، من نفوذ الركائز الإقليمية، ما يجعل القوة أكثر تشتتًا على المستوى الدولي (Commins 2014: 2). تسارعت هذه الظاهرة بالفعل منذ عام 2011، ما أدى إلى تعددية قطبية تنافسية (Kausch 2014). إن الافتقار إلى الهيمنة يجعل اندلاع الحروب بين الدول من الناحية النظرية أكثر احتمالًا، حيث لا يوجد فاعل في المجتمع قادر على تقديم السلام على أنّه صالح عام، على الرغم من أنّه يوسع نفوذ القوى الصغيرة والمتوسطة.
من ناحية أخرى، هناك معايير إقليمية قائمة، تحد من القدرة السياسية للدول على بدء الحروب التقليدية. وأهمها التضامن العربي، ونظرًا إلى طبيعة أن العروبة فوق الوطنية، فإن القومية لم تدفع الصراع، ولكنها وفرت أساسًا معياريًا لتكاتف الدول ومجتمعاتها. حتى عام 1990، عندما هاجم العراق الكويت، كانت هذه المعايير تمنع الدول العربية من بدء نزاع مسلح ضد بعضها بعضًا (Gonzalez-Pelaez 2009: 105)، ما نزع شرعية الحرب التقليدية بوصفها أداة سياسية في السياسة بين الدول العربية.
إن حظر الحروب بين الدول العربية متجذر في كل من التاريخ والثقافة، وليس في المتغيرات المادية التي بحثت فيها الواقعية الجديدة أو النيوليبرالية. لا يحدد الإسلام طريقة محددة لإدارة العلاقات الدولية، مع أنّه ساهم عمليًا في ظهور رؤية ثنائية للعالم، تميز بين “الأمة” والآخرين (Saeed 2006: 6; Bennison 2009: 45). تعود قاعدة شن الحروب إلى نطاق الأخيرة (دار الحرب). تم تعزيز هذا التمييز المعياري بوساطة التراث الإمبراطوري للمجتمعات السياسية في الشرق الأوسط الذي كان قائمًا أيضًا على مثل هذا الانقسام، لم يتم الاعتراف بالمؤسسات خارج حدود الإمبراطورية على أنها شرعية (Steunebrink 2008: 10). ورثت الدول العربية منطقًا مشابهًا، حيث تنص معظم دساتيرها على أنها جزء من الأمة العربية، الأمر الذي يشكل وبطريقة رسمية منطقةً لا تُقبل فيها الحرب. هذه سمة رائعة بالنسبة إلى الدول الصغيرة في المجتمع المشترك بين دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث إن النزاع المسلح التقليدي يأتي على رأس مخاوفها.
بطبيعة الحال، كما ذكرت سابقًا، لا تعني هذه الخصوصية المعيارية القضاء على أشكال المنافسة العدائية جميعها. التضامن العربي لم يقضِ على الصراع، بل أعاد تشكيل الطريقة التي تتم بها إدارة الصراع. هناك طريقتان على الأقل يمكننا من خلالهما رؤية حدود التطور الموصوف أعلاه؛ أولاً، مرتبط بالطبيعة المميزة للدولة الموصوفة في الجزء الثاني، حيث كان التدخل في شؤون الآخرين أمرًا شائعًا (Halliday 2009: 15–17).
ثانياً، مع ضعف القومية العربية بعد فشل الصراع العربي الإسرائيلي، تراجعت كذلك قاعدة تحريم الحروب العربية- العربية. أدت عملية التجزؤ المعياري (Barnett 1998) التي تزامنت مع الحرب العراقية الكويتية أيضًا، والتي تسببت في انقسام إضافي في العالم العربي، إلى تراجع التضامن القومي العربي، وصعود الهويات الإقليمية، وإضعاف حظر الصراعات بين الدول.
هذا يدل على أنه لم يتم إضفاء الطابع المؤسسي على حظر الصراع بين الدول العربية بشكل كافٍ (Hinnebusch 2014: 17). كانت جامعة الدول العربية أهم مؤسسة ثانوية مشتقة لإدارة الشؤون العربية البينية. ستكون هذه المؤسسة الثانوية موضوع دراسة الحالة التالية.
دراسة حالة: جامعة الدول العربية بوصفها حامية للدول الصغيرة
تم إنشاء جامعة الدول العربية في عام 1945، لتكون أول منظمة إقليمية في إطار الأمم المتحدة. وفقًا لميثاقها (ميثاق جامعة الدول العربيةوملاحقه، 2017)، فإن القواعد الأساس التي تسعى لحمايتها في العالم العربي هي التعاون والاستقلال والسيادة.
وبطبيعة الحال، ينتقد كثيرون جامعة الدول العربية لكونها منظمة غير فاعلة، تعمل اسميًا من دون أي فحوى (Little 1956; Toffolo 2008: 121–122). تجادل فرح دخل الله بأن جامعة الدول العربية هي “نتاج معضلة بين سيادة الدولة والقومية العربية”، وبناء على هذا، فهي غير قادرة على العمل بفاعلية (Dakhlallah 2012: 393). على الرغم من صدق مثل هذا النقد، أود أن أزعم أن جامعة الدول العربية تؤدي دورًا معياريًا وثيق الصلة بين الدول في الشرق الأوسط.
أهمية الجامعة العربية بالنسبة إلى الدول الصغيرة؛ أولاً، تخلق وتعيد إنتاج ثقافة التعاون الحكومي الدولي القائم على التوافق المبني على احترام المساواة الناشئة عن القبول المتبادل للسيادة (Hinnebusch 2014; Murden 2009)، ما يوفر بيئة رائعة للدول الصغيرة، لأنه يحرم القوى العظمى الساعية للحصول على مكانة من فرض إرادتها على الآخرين في إطار جامعة الدول العربية.
أدت الدول الصغيرة الأعضاء في الجامعة دائمًا دورًا نشطًا في إنشاء وتشغيل هذه الجامعة (Solingen 2008: 284-285). إحدى الطرق التي ساهمت بها في العمل كانت المشاركة في الوساطة بين عامي 1945 و2000، حيث أدت دورًا في 45 في المئة من محادثات التيسير في إطار جامعة الدول العربية (Yassine-Hamdan and Pearson 2014: 93–94).
الطريقة الأخرى التي تؤدي بها جامعة الدول العربية دورًا مهمًا للدول الصغيرة هي الحماية المعيارية التي يتم اكتسابها مع العضوية. بما أن الجامعة نفسها هي مؤسسة مشتقة من الهوية العربية، والتكافل العربي، يمكن ترجمة العضوية على أنها اعتراف بكونها جزءًا من المجتمع العربي بين الدول. يعني هذا، في الممارسة العملية، حمايةً معيارية (وليست فعلية) من الهجمات الخارجية.
ومن الأمثلة البارزة على ظهور آليات الدفاع هذه طلب الكويت للعضوية (Yassine-Hamdan and Pearson 2014: 117–126). كانت الإمارة محمية بريطانية قبل حصولها على الاستقلال في حزيران/ يونيو 1961. وبالتالي، تم توفير الدفاع الخارجي عن الإقليم من لندن. قبل وبعد أن تصبح الكويت دولة مستقلة بالكامل، أعلن رئيس الوزراء العراقي مرارًا وتكرارًا أن الكويت تنتمي إلى العراق (Podeh 2003: 103). أصبحت الأزمة عالمية حيث اجتمع مجلس الأمن لمناقشة البدائل الممكنة، بمشاركة بريطانية وسوفياتية قوية. ومع ذلك، لجأ نظام صباح جابر الصباح إلى جامعة الدول العربية أيضًا، وكانت إحدى أولى الخطوات الدبلوماسية التي اتخذها هي التقدم بطلب للحصول على عضوية في المنظمة. كان التفسير الأكثر احتمالًا لهذه الخطوة هو تصور الوظيفة الوقائية للعضوية. كما كان متوقعًا، رفض العراق على الفور اقتراح العضوية، لكن دولًا أخرى (المملكة العربية السعودية في مطلعها) أيدت الجانب الكويتي.
وقرر الأمين العام للجامعة عبد الخالق حسونة التوسط بين أصحاب المصلحة. وفقًا لأحمد الرشيدي (Al-Rashidi 1992: 38–42)، فقد أراد حسونة أن يجعل الجهات الفاعلة المتورطة تقبل أربعة مبادئ أساس لإدارة الصراع:
- استبعاد الجهات الفاعلة غير العربية (مجلس الأمن بالدرجة الأولى).
- إيجاد حل سلمي لتجنب التدخل العسكري غير العربي.
- تجنب حدوث انشقاق في القومية العربية بقبول الكويت عضوًا مستقلًا في المجتمع العربي.
- المحافظة على الوحدة بين الدول العربية.
تُظهر هذه المبادئ بوضوح كيف ترتبط القومية العربية والعمل الجماعي بالمساواة في السيادة والحماية المعيارية، المستمدة منها للدول الأعضاء جميعها، صغيرة أكانت أم كبيرة. كما يُظهر أن هذه الظاهرة مرتبطة أيضًا بإدراك الطبيعة المخترقة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فالحاجة إلى تجنب التدخل الأجنبي، والرغبة في إيجاد حلول عربية للمشاكل العربية، تحفز الوحدة والتعاون على الصراع.
في النهاية، تم حل النزاع بواسطة اجتماع مجلس جامعة الدول العربية الذي عقد في 20 تموز/ يوليو. في ذروة النقاش، غادر الدبلوماسيون العراقيون المفاوضات، وبعد ذلك وافق الأعضاء المتبقون جميعهم على طلب عضوية الكويت. إن حقيقة قبول العراق القرار وعدم مهاجمة الكويت (على الأقل حتى عام 1990)، تظهر أن العضوية وفرت الحماية للكويت.
من المهم الإشارة إلى أن الأزمة، ونشاط حسونة (وهو نفسه مواطن مصري)، يمكن تفسيرها أيضًا على أنها أفعال ناصر في سياق الصراع المصري العراقي على السلطة (Podeh 2003). لا تتعارض هذه الرواية مع السرد السابق حول الدور الوقائي للعضوية. لا تحظر البيئة المعيارية لمجتمع الشرق الأوسط على الدول السعي لتحقيق مصالحها، ولكنها تخلق بيئة يتم فيها، وفقًا لبارنيت (اُقتبس من قبل Podeh 2003)، “إضفاء الشرعية على مصالح الدولة، بالرجوع إلى نظام معياري، و لا يزال يتم تأمين النظام [العربي] من خلال المفاوضات، وليس الإكراه العسكري وحده”.
بطبيعة الحال، فإن عملية التجزئة المعيارية تطرح السؤال عما إذا كان بإمكان جامعة الدول العربية الاستمرار في تقديم مثل هذا الدور في مجتمع الشرق الأوسط. على الرغم من ذلك، ومن المدهش أن نرى وظيفة مشابهة جدًا للجامعة العربية خلال الانتفاضات العربية، وإن كان ذلك بطريقة متناقضة. في عام 2011، للمرة الأولى في تاريخها، قررت الرابطة تجريد ليبيا من عضويتها بسبب مخاوف إنسانية، وفي الوقت نفسه، أيدت تدخلاً عسكريًا ضد نظام القذافي (Wajner and Kacowicz 2018: 504-505). مع أنّ التدخل نفسه لم يتم تنظيمه من الدول العربية، حيث تم بناؤه من الدول الغربية على أساس قرار مجلس الأمن رقم 1973، فقد شاركت دولتان عربيتان، وهما قطر والإمارات العربية المتحدة. تظهر هذه الحالة، مرة أخرى، بوضوح العلاقة بين العضوية وحظر الحرب. على النقيض من ذلك، وفرت جامعة الدول العربية الشرعية للنظام البحريني في عام 2011 من خلال عدم محاولتها سحب عضويته لديها.
حدثت عملية مماثلة مع سورية، عندما علقت جامعة الدول العربية (بعد محاولة وساطة سريعة) عضويتها في نوفمبر 2011، وفرضت عقوبات على نظام الأسد. بعد ذلك، تدخلت عدة دول عربية في الحرب الأهلية، لدعم المعارضة غالبًا (Küçükkeleş 2012). بعد ثماني سنوات، بدأت إعادة دمج سورية في المجتمع العربي المشترك ببطء، ولكن من المحتمل أن تنتهي بإعادة تثبيت عضويتها في جامعة الدول العربية فحسب.
الخلاصة: تغيير مفردات دراسات الدولة الصغيرة
كان الهدف من الدراسة هو التحقيق في كيفية تغيير النظريات السائدة لدراسات الدولة الصغيرة، بحيث تكون قابلة للتطبيق في مناطق خارج أوروبا، وبشكل أكثر تحديدًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. لقد جادلت في أن المدرسة الواقعية الجديدة والنيوليبرالية صُممت لتحليل الدول الصغيرة في الجزء الغربي من المجتمع الدولي غالبًا، لكنها تتجاهل التغيرات المحتملة التي يمكن رؤيتها في مناطق أخرى. وهذا هو سبب فشلهم في تفسير نفوذ الدول الصغيرة في الشرق الأوسط بطريقة شاملة.
عندما يتعلق الأمر بالتعديلات الضرورية، قلت إنه يجب إجراء تعديلين لتحليل السياسة الخارجية لدول الشرق الأوسط الصغيرة. بادئ ذي بدء، تغيرت ظاهرة الدولة الحديثة بشكل كبير في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التغير الذي يتجلى غالبًأ في هيكل النظام وإمكان اختراق حدود الدولة، ما يجبر الدول على تحقيق توازن شامل. هذا يعني أن التجانس الاجتماعي والديناميات داخل النظام هي التي تحدد نفوذ الحكومات، وليس بالضرورة حجم الدولة. ثانيًا، توفر المعايير المتعلقة بالصراع والتعاون مستوىً معينًا من الأمن للدول العربية الصغيرة، كتضامن عربي (حتى اليوم) يحظر بدء الحروب بين أفراد المجتمع العربي.
لا تقتصر أهمية هذين التعديلين على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لأن المعايير المتعلقة بإقامة الدولة والسيادة والصراع والتعاون ليست متساوية في الأنظمة الإقليمية المختلفة في العالم. وبالتالي، يجب تغيير كل من نظريات دراسات الدولة الصغيرة ومفرداتها، لتكون قابلة للتطبيق في مناطق خارج أوروبا. إن التركيز على الدول على أنها جهات فاعلة فحسب، ليس كافياً، بسبب المظاهر المختلفة للدولة في العالم. لفهم كيف يؤثر الصغر على اللاعبين السياسيين، يجب أن نكون منفتحين على مؤسسات مختلفة عن الدولة الويستفالية.
يقدم تحليل سلوك “الأنظمة الصغيرة” مثل هذا الاحتمال، من خلال الأخذ في الحسبان عملية التبعية المعيارية التي تحدث في مجتمعات تشبه مجتمع الشرق الأوسط. يمكن استخدام هذا النموذج في أجزاء أخرى من العالم أيضًا، ولكن ليس تلقائيًا، إذ يجب تحليل التغييرات المحددة في معايير الدولة والسيادة والصراع والتعاون أيضًا، لتعكس تعقيد المجتمعات السياسية. هذه هي الطريقة الوحيدة لفهم الديناميات بين الأطراف الصغيرة والكبيرة، وكذلك الفاعلين الأقوياء والضعفاء في المجتمع الدولي.
المراجع
Acharya, A. 2011. Norm Subsidiarity and Regional Orders: Sovereignty, Regionalism and Rule-Making in the Third World. International Studies Quarterly 55 (1): 95–123.
Archer, C., A.J.K. Bailes and A. Wivel (eds.). 2014. Small States and International Security. Europe and Beyond. New York & London: Routledge.
Al-Rashidi, A.A. 1992. Watheefet Jami’at Al-Duwal Al-Arabeyeh Fi Mejal Al-Tesweyeh Al-Silmeyeh [The Role of the Leage of Arab States in Peaceful Settlement of Disputes]. Cairo: Arab Center on Development and Future Research.
Anderson, L. 1987. The State in the Middle East and North Africa. Comparative Politics 20 (1): 1–18.
Baldacchino, G. 2014. The Security Concerns of Designed Spaces: Size Matters. In Small States and International Security. Europe and Beyond, ed. C. Archer, A.J.K. Bailes, and A. Wivel, 241–254. New York & London: Routledge.
Barany, Z. 2012. The ‘Arab Spring’ in the Kingdoms. Arab Center for Research & Policy Studies, September, https ://www.dohai nstit ute.org/en/lists /ACRPS -PDFDo cumen tLibr ary/The_Arab_Sprin g_in_the_Kingd oms.pdf. Accessed 4 January 2020.
Barnett, M. 1998. Dialogues in Arab Politics: Negotiations in Regional Order. New York: Columbia University Press. Bennison, A.K. 2009. The Ottoman Empire and its Precedents from the Perspective of English School Theory. In International Society and the Middle East. English School Theory at the Regional Level, ed. B. Buzan and A. Gonzalez-Pelaez, 45–70. New York: Palgrave MacMillan.
Brichs, F.I. 2013. Introduction. In Political Regimes in the Arab World, ed. F.I. Brichs, 1–5. New York: Routledge.
Brichs, F.I., and A. Lampridi-Kemou. 2013. Sociology of Power in Today’s Arab World. In Political Regimes in the Arab World, ed. F.I. Brichs, 6–35. New York: Routledge.
Bull, H. 2002. The Anarchical Society: A Study of Order in World Politics, 3rd ed. London: Macmillan.
Buzan, B. 2004. From International to World Society? English School Theory and the Social Structure of Globalisation. Cambridge: Cambridge University Press.
Buzan, B., and R. Little. 2014. The Historical Expansion of International Society. In Guide to the English School in International Studies, ed. C. Navari and D. Green, 59–76. West Sussex: Wiley Backwell.
Buzan, B., and A. Gonzalez-Pelaez (eds.). 2009. International Society and the Middle East. English School Theory at the Regional Level. New York: Palgrave MacMillan.
Byman, D.L., and J.D. Green. 1999. The Enigma of Political Stability in the Persian Gulf Monarchies. Middle East Review of International Affairs 3 (3): 1–20.
Chong, A., and M. Maas. 2010. Introduction: The Foreign Policy Power of Small States. Cambridge Review of International Affairs 23 (3): 381–382.
Chong, A. 2014. Small State Security in Asia: Political and Temporal Constructions of Vulnerability. In Small States and International Security. Europe and Beyond, ed. C. Archer, A.J.K. Bailes, and A. Wivel, 202–222. New York & London: Routledge.
Colombo, S. 2017. Foreign Policy Activism in Saudi Arabia and Oman. Diverging Narratives and Stances towards the Syrian and Yemeni Conflicts. The International Spectator 52 (2): 54–70.
Commins, D. 2014. The Gulf States. A Modern History. London: I. B. Tauris.
Coporaso, J.A. 2000. Changes in the Westphalian order: Territory, public authority, and sovereignty. International Studies Review 2 (2): 1–28.
Costa-Brunelli, F. 2015. ‘Do you know what I mean?’ ‘Not exactly’: English School, global international society and the polysemy of institutions. Global Discourse 5 (3): 499–514.
Crystal, J. 2014. Eastern Arabian States: Kuwait, Bahrain, Qatar, United Arab Emirates, and Oman. In The government and politics of the Middle East and North Africa, 7th ed, ed. M. Gasirowski, 157– 196. Boulder: Westview Press.
Dakhlallah, F. 2012. The League of Arab States and Regional Security: Towards an Arab Security Community? British Journal of Middle Eastern Studies 39 (3): 393–412.
David, S.R. 1991. Third World Alignment. World Politics 43 (2): 233–256.
Davidson, C.M. 2012. After the Sheikhs. The Coming Collapse of the Gulf Monarchies. London: Hurst & Co.
Diwan, K.S. 2014. Royal Factions, Ruling Strategies, and Sectarianism in Bahrain. In Sectarian Politics in the Persian Gulf, ed. L.G. Potter, 143–178. Oxford: Oxford University Press.
Fuccaro, N. 2009. Histories of City and State in the Persian Gulf. Manama since 1800. Cambridge: Cambridge University Press.
Freer, C. and G. Cafiero. 2017. Is the Muslim Brotherhood’s ‘Special Status’ Over? The New Arab, August 7, https ://www.alara by.co.uk/engli sh/comme nt/2017/8/7/is-the-bahra ini-musli m-broth erhoods-speci al-statu s-over. Accessed 4 January 2020.
Gengler, J. 2013. Royal Factionalism, the Khawalid, and the Securitization of ‘the Shi’a Problem’ in Bahrain. Journal of Arabian Studies 3 (1): 53–79.
Gigleux, V. 2016. Explaining the Diversity of Small States’ Foreign Policies through Role Theory. Third World Thematics 1 (1): 27–45.
Guzansky, Y. 2015. The Arab Gulf States and Reform in the Middle East. New York: Palgrave Macmillan.
Halliday, F. 2009. The Middle East and Conceptions of ‘International Society’. In International Society and the Middle. East English School Theory at the Regional Level, ed. B. Buzan and A. Gonzalez-Pelaez, 1–23. New York: Palgrave MacMillan.
Hinnebusch, R. 2014. The Middle East Regional System. In The Foreign Policies of Middle East States, 2nd ed, ed. R. Hinnebusch and A. Ehteshami, 35–74. London: Lynne Rienner Publishers.
Hinnebusch, R. 2018. From Westphalian Failure to Heterarchic Governance in MENA: The Case of Syria. Small Wars & Insurgencies 29 (3): 391–413.
Jackson, R. 2009. Regime Security. In Contemporary Security Studies, ed. A. Collins, 146–164. Oxford: Oxford University Press.
Ismael, T.Y., and J.S. Ismael. 2011. Government and Politics of the Contemporary Middle East. Continuity and Change. London & New York: Routledge.
Jackson, R.H., and C.G. Rosberg. 1982. Why Africa’s Weak States Persist: The Empirical and Juridical in Statehood. World Politics 35 (1): 1–24.
Kamrava, M. 2013. Qatar: Small State, Big Politics. London: Cornell University Press.
Kamrava, M. 2014. The Foreign Policy of Qatar. In The Foreign Policies of Middle East States, 2nd ed, ed. R. Hinnebusch and A. Ehteshami, 157–184. London: Lynne Rienner Publishers.
Katzenstein, P.J. 1985. Small States in World Markets. Industrial Policy in Europe. Itacha & London: Cornell University Press.
Kausch, K. 2014. Competitive Multipolarity in the Middle East, Istituto Affari Internazionali. 10 September, https ://www.iai.it/en/pubbl icazi oni/compe titiv e-multi polar ity-middl e-east-0. Accessed 4 January 2020.
Kausch, K. 2017. Proxy Agents: State and Non-State Alliances in the Middle East. In: Lorenzo Kamel (ed.) The Frality of Authority. Borders, Non-state Actors and Power Vacuums in a Changing Middle East. Istituto Affari Internazionali, 67–84. http://www.iai.it/sites /defau lt/files /newme d_autho rity.pdf. Accessed 4 January.
Khalaf, A. 2013. Squaring the Circle: Bahrain’s Pearl Roundabout. Middle East Critique 22 (3): 265–280.
Kinninmont, J. 2011. Bahrain. In Power and Politics in the Persian Gulf Monarchies, ed. C. Davidson, 31–62. London: Hurst & Company.
Küçükkeleş, M. 2012. Arab League’s Syrian Policy. SETA Foundation for Political, Economic and Social Research, April, http://file.setav .org/Files /Pdf/arab-leagu e%E2%80%99s-syria n-polic y.pdf. Accessed 4 January 2020.
Lawson, F.H. 2000. Westphalian Sovereignty and the Emergence of the Arab States System: The Case of Syria. The International History Review 22 (3): 529–556.
Little, T.R. 1956. The Arab League: A Reassessment. Middle East Journal 10 (2): 138–150. Louer, L. 2014. The State and Sectarian Identities in the Persian Gulf Monarchies. Bahrain, Saudi Arabia, and Kuwait in Comparative Perspectives. In Sectarian Politics in the Persian Gulf, ed. L.G. Potter, 117– 142. Oxford: Oxford University Press.
Maas, M. 2005. Small States and the International Society of States. International Studies Association Annual Conference. March, http://citat ion.allac ademi c.com//meta/p_mla_apa_resea rch_citation/0/6/9/3/6/pages 69364 /p6936 4-1.php. Accessed 4 January 2020.
Marchetti, R. and Y. Al Zahrani. 2017. Hybrid Partnerships in Middle East Turbulence. In: L. Kamel (ed.) The Frality of Authority. Borders, Non-state Actors and Power Vacuums in a Changing Middle East. Istituto Affari Internazionali, 07-122. http://www.iai.it/sites /defau lt/files /newme d_autho rity.pdf. Accessed 4 January 2020.
Matthiesen, T. 2013. Sectarian Gulf. Bahrain, Saudi Arabia and the Arab Spring that Wasn’t. Stanford: Stanford University Press.
Middle East Eye. 2018. UAE and Saudi Arabia behind Push to Topple Bahrain’s PM: Source. Middle East Eye, 7 January, http://www.middl eeast eye.net/news/uae-and-saudi -arabi a-pushi ng-uphea val-bahra ingovernment -sourc e-82689 1255. Accessed 4 January 2020.
“Mithaq Jamiah al-Daul al-Arabiyah wa-Mullaqatihu”. 2017. [The Charter of the League of Arab States and its Annexes]. http://www.laspo rtal.org/ar/about las/Pages /Chart er.aspx.
Murden, S.W. 2009. The Secondary Institutions of the Middle Eastern Regional Interstate Society. In International Society and the Middle East. English School Theory at the Regional Level, ed. B. Buzan and A. Gonzalez-Pelaez, 117–139. New York: Palgrave MacMillan.
Narine, S. 2006. The English School and ASEAN. The Pacific Review 19 (2): 199–218.
Neal, A.W. 2017. Security in a Small Nation. Scotland, Democracy, Politics. Cambridge: Open Book Publishers.
Neumann, I.B., and S. Gstِhl. 2006. Introduction. Lilliputians in Gulliver’s World? In Small States in International Relations, ed. C. Igebritsen, I.B. Neumann, S. Gstِhl, and J. Beyer, 3–39. Reykjavik: University of Iceland Press.
Northedge, F.S. 1976. The International Political System. London: Faber & Faber.
- Rَzsa, E. 2018. Models of State-Formation in the Middle East. Asian Journal of Middle Eastern and Islamic Studies 12 (1): 16–34.
Podeh, E. 2003. Suez in reverse: The Arab response to the Iraqi bid for Kuwait, 1961-63. Diplomacy & Statecraft 14 (1): 103–130.
Saeed, A. 2006. Islamic Thought. An Introduction. New York: Routledge.
Salzman, P.C. 2016. Tribes and Modern States: An Alternative Approach. In Tribes and States in the Changing Middle East, ed. U. Rabi, 207–2019. London: Hurst & Co.
Schouenborg, L. 2014. The English School and Institutions: British Institutionalists? In Guide to the English School in International Studies, ed. C. Navari and D. Green, 77–90. Oxford: Wiley Blackwell.
Sharabi, H. 1988. Neopatryarchy. A Theory of Distorted Change in Arab Society. Oxford: Oxford University Press.
Solingen, E. 2008. The Genesis, Design and Effects of Regional Institutions: Lessons from East Asia and the Middle East. International Studies Quarterly 52 (2): 261–294.
Stivachtis, Y.A. 2008. Civilization and International Society: The Case of European Union Expansion. Contemporary Politics 14 (1): 71–89.
Steunebrink, G. 2008. Sovereignty, the Nation State and Islam. Ethical Perspectives 15 (1): 7–47.
Taylor, I. 2014. Botswana as a Small Development State. In Small States and International Security. Europe and Beyond, ed. C. Archer, A.J.K. Bailes, and A. Wivel, 187–201. New York & London: Routledge.
Thorhallson, B. 2006. The Role of Small States in the European Union. In Small States in International Relations, ed. C. Igebritsen, I.B. Neumann, S. Gstِhl, and J. Beyer, 218–231. Reykjavik: University of Iceland Press.
Toffolo, C.E. 2008. Global Organizations: The Arab League. New York: Infobase Publishing.
Ulrichsen, C.K. 2014. Bahrain’s Uprising: Domestic Implications and Regional and International Perspectives. In The New Middle East. Protest and Revolution in the Arab World, ed. F. Gerges, 332–352. Cambridge: Cambridge University Press.
Valensi, C. 2015. Non-state Actors: A Theoretical Limitation in a Changing Middle East. Military and Strategic Affairs 7 (1): 59–78.
Veenendaal, Wouter. 2020. Does Smallness Enhance Power-Sharing? Explaining Suriname’s Multiethnic Democracy. Ethnopolitics 19 (1): 64–84.
Vital, D. 1967. The Inequality of States: A Study of the Small Power in International Relations. Oxford: Oxford University Press.
Wajner, D.F., and A.M. Kacowicz. 2018. The quest for regional legitimation: Analyzing the Arab League’s legitimizing role in the Arab spring. Regional & Federal Studies 28 (4): 489–521.
Waltz, K.N. 1979. Theory of International Politics. Reading: Addison-Wesley.
Waltz, K.N. 1999. Globalisation and Governance. Political Science and Politics 32 (4): 693–700.
Wehrey, F.C. 2013. Sectarian Politics in the Gulf. From the Iraq War to the Arab Uprisings. New York: Columbia University Press.
Wight, M. 1978. Power Politics. London: Chatham House.
Wivel, A., A.J.K. Bailes, and C. Archer. 2014. Setting the Scene: Small States and International Security. In Small States and International Security. Europe and Beyond, ed. C. Archer, A.J.K. Bailes, and A. Wivel, 3–25. New York & London: Routledge.
Yassine-Hamdan, N., and F.S. Pearson. 2014. Arab Approaches to Conflict Resolution. Mediation, Negotiation and Settlement of Political Disputes. London & New York: Routledge. Yost, D.S. 1979. New Perspectives on Historical State-Systems. World Politics 32 (1): 151–168.
[1] نشرت هذه الدراسة في Springer Nature، 24 آب/ أغسطس 2020، رابط المادة على الشبكة العنكبوتية: https://doi.org/10.1057/s41311-020-00266-0
[2] جامعة كورفينيوس في بودابست ((Budapesti Corvinus Egyetem، هنغاريا، معهد الشؤون الخارجية والتجارة في بودابست/ هنغاريا.
[3] انظر
Yost (1979) for a discussion of works of F.S. Northedge, Martin Wright and Hedley Bull on different historical state systems and their interactions.
[4] سيتم تعريف الدول الصغيرة على أنها تلك الدول التي تقل أراضيها وسكانها وإنتاجها الاقتصادي وقدراتها العسكرية عن المتوسط لمنطقة معينة.
[5] إلى جانبه، كتب وايت (1978 Wight) عن الجهات الفاعلة الضعيفة في العلاقات الدولية. ومع ذلك، فإن إطاره المفاهيمي لا يتناسب تمامًا مع دراسات الدولة الصغيرة.
[6] في حال عدم استخدام مفردات المدرسة الإنكليزية، توصل ويفل (2014: 21 Wivel et al) إلى استنتاجات مماثلة فيما يتعلق بأهمية هذه المعايير. عند مقارنة أمن الدول الصغيرة داخل أوروبا وخارجها، جادلوا بأن التحقيق في الخصوصيات الإقليمية ودون الإقليمية له قيمة تفسيرية إذا تضمن “المفهوم المحلي للدولة” (أي المؤسسات الأساسية لـ “الدولة” و “السيادة”) و”العلاقات بين الدول” (أي القواعد المتعلقة بالصراع والتعاون).
[7] هذا هو السبب وراء ملاحظة نورثيدج (1976: Northedge 172) فيما يتعلق بالسياسة الخارجية لدول ما بعد الاستعمار التي لا تحددها التطورات النظامية، ولكن “المتطلبات” الداخلية (أي أمن النظام).