دير الجسور (قصة طويلة)
$8.00هذا الكتاب
دير الجسور
قلبت في ذهني أسماء المناطق والبلدات التي أعرفها في بلادي، أو تلك التي مر ذكرها خلال التحقيقات مع مجرمين، تحدروا من أمكنتها المختلفة، فلم أجد بينها بلدة أو قرية اسمها “دير الجسور”؛ فقصدت مكتب المشرفين في الفرع على التطور الجغرافي للوطن، أستعلم عن “الدير” وأوضاعها، فإذا بهم يخبرونني بأنهم لم يسمعوا -هم أيضًا- باسمها من قبل؛ فخلتهم -أول وهلة- يمازحونني، أو يمتنعون عن تقديم المعلومات التي بحوزتهم إلي، وترددت بين أن أصدقهم، وهم الذين يعرفون سورية شبرًا فشبرًا، أو أنصرف إلى مكتبي، ومنه أوجه كتابًا رسميًا إليهم، ممهورًا بتوقيع وخاتم السيد مدير الفرع، أطلب فيه تزويدي بما لديهم من معلومات عن الدير. لكنني لم أنفذ ما كنت عازمًا عليه؛ لأن أحد الضباط توجه إلى خزانة مصفحة، فتحها وأخرج منها كتابًا، فتحه وأخذ يقرأ فيه بصوت خافت، يصعب سماعه، وهو مكب عليه؛ ليحجبه عن أنظاري. وبعد دقائق، وصل فضولي خلالها إلى ذروته، رفع رأسه، والتفت إليّ، وقال بصوت بدا لي معدوم الاكتراث: “ليست “دير الجسور” بلدة، بمعنى الكلمة، بل هي أقرب إلى معزل، يقع على الحدود مع البلد المعادي، يتطلب السفر إليه ساعات من السير الرتيب في أرض صحراوية مكشوفة، تشبه منبسطًا إسفلتيًا، تحرقه أشعه شمس وهاجة.”