مع صدور العدد الثالث من المجلة، تختتم (رواق ميسلون) مرحلتها التجريبية التي أصدرت خلالها ثلاثة أعداد غنية؛ تناول العدد الأول ملف المسألة الوطنية السورية، فيما تناول العددان الثاني والثالث ملف الربيع العربي بمناسبة مرور عشر سنوات على انطلاقته. وستحاول المجلة بدءًا من العدد الرابع الذي سيصدر في نهاية عام 2021 تناول موضوعات حيوية أخرى على الصعد السياسية والثقافية والاجتماعية، بصورة عميقة وتفصيلية، تسمح بأن يكون هناك تكامل مفيد بين الدراسات والمقالات والحوارات ومراجعات الكتب بما يخدم الملف الرئيس المطروح كعنوان لعدد المجلة.
يتضمن العدد الثالث من (رواق ميسلون) الجزء الثاني من أوراق الملف الذي طرحته هيئة التحرير بعنوان: الربيع العربي بعد عشر سنوات؛ المسارات والحصائل والآفاق، استنادًا إلى الورقة الخلفية المنشورة في موقع المجلة على الشبكة العنكبوتية، والأسئلة التي طرحتها للنقاش والكتابة حولها، والجلسات الحوارية التي شارك فيها باحثون ومثقفون وسياسيون من نحو ثلاثة عشر بلدًا عربيًا، بهدف فتح حوار واسع حول موضوعات الملف، خلال المدة بين 5 و15 نيسان/ أبريل 2021، إضافة إلى مشاركة حضور واسع في النقاش والحوار.
كتب افتتاحية العدد الثالث من (رواق ميسلون) حازم نهار، وهي بعنوان “الثورات ومراحل الانتقال الديمقراطي”، وقد وقف فيها عند نقاط مهمة؛ السمات العامة التي تميز الثورات والانتقالات السياسية، أدوار النخب السياسية الثقافية، محاولة استكشاف فهم آخر أوسع للمرحلة الانتقالية يربطها بالثورة قبلها، محدِّدات أساسية بالاستفادة من تجارب بلدان أخرى لنجاح الانتقال السياسي الديمقراطي.
شارك في هذا العدد أكثر من أربعين مثقفًا/ة، وباحثًا/ة، وأديبًا/ة، ومترجمًا/ة. كانت هناك مشاركات متنوعة على مستوى الملف الأساسي، ففي باب الدراسات المحكّمة، كتب شوكت غرز الدين دراسة بعنوان “مشكلة البديل الديمقراطي في الربيع العربي”، وكتبت دينا رمضان دراسة بعنوان “الحزب الرقمي أداة للتغيير السياسي الانتقالي في دول الربيع العربي؛ الفرص لسورية”، وكتب مازن عدي دراسة بعنوان “الربيع العربي والأحزاب السياسية؛ سوريا مثالًا”، وأخيرًا كتب صفوان قسّام دراسة بعنوان “قراءة راجعة في اشكالات الربيع العربي المبكرة”.
وتطرقت المقالات والجلسات الحوارية التي تناولت ملف الربيع العربي، إلى أهم محطاته التي شكلت نقاطًا فارقة في مساره، والمراحل الانتقالية واستحقاقاتها الدستورية والتشريعية، والثورات المضادة، وحصائل الثورات في بلدان مختلفة، إضافة إلى تناول الموجة الثانية من الربيع العربي، وما تمايزت به من خبرات وتجارب عن الموجة الأولى. وكانت هناك محاولات للإجابة عن أسئلة مهمة من وحي تجربة العقد الفائت، إضافة إلى طرح مقاربات من زوايا مختلفة على صعيد البلد، أو التجربة، أو المشكلة، أو المصير: اليسار المتشظي أمام الثورات (غياث نعيسة– سورية)، الربيع العربي وفضائل الموجة الثانية؟ (ليلى عبد الحميد– سورية)، الجانب المجتمعي للربيع العربي (فؤاد القطريب– سورية)، ديسمبر 2018.. ثورة نساء السودان المتجددة (أبو بكر عبد الرازق –السودان)، الربيع العربي والدستور (ريم تركماني -سورية)، الربيع العربي الذي لم يحن موعده، ولا سيّما في لبنان وسورية (ساطع نور الدين -لبنان)، القراءات الخاطئة والإخفاق في طمأنة السوريين (عبد الباسط سيدا -سورية)، الربيع العربي؛ آمال وتحديات (محمد العمار -سورية)، الربيع العربي والقضية الفلسطينية (مهند عبد الحميد -فلسطين)، مسار الربيع العربي وإخفاق عملية التحول الديمقراطي (نوال الراضي -المغرب).
وفي الملف الخاص الذي فتحته هيئة التحرير، في محاولة لاستكشاف تجارب النساء، خلال العقد الفائت من الربيع العربي، شاركت عشر سيدات أيضًا في عرض تجاربهن وتصوراتهن في هذا العدد؛ إيمان الصادق (تجربتي)، أنجيل الشاعر (حب في زمن الحرب!)، تمارا شقير (تجرأنا على الحلم)، سهير فوزات (ما كانت الثورة خيارًا، بل نتيجة طبيعية مؤجلة)، علياء أحمد (الثورة بين آلام الذاكرة ومخاض المستقبل)، لينا وفائي (عشر سنوات على انفجار الحلم)، ميساء شقير (توهجات ذاكرة منطفئة)، هيفاء بيطار (أفقأ عين الخوف)، واحة الراهب (لكل حصان كبوة)، وفاء علوش (النساء السوريات؛ حق تقرير المصير ونضال الاستمرارية).
ننشر في هذا العدد أيضًا حوارًا مهمًا مع الدكتور جلبير الأشقر بعنوان “العقد الأول من السيرورة الثورية العربية”، ركّز فيه على الأبعاد الاقتصادية الاجتماعية للثورات في المنطقة العربية، وعلى أن الربيع العربي سيمر بإخفاقات وتراجعات لكنه سيبقى سيرورة مفتوحة ومستمرة، ما دامت الأسباب التي أدّت إليه موجودة.
وفي باب الدراسات الثقافية والاجتماعية (المحكّمة) كتبت نور حريري دراسة بعنوان “الجوهرانية والجوهرانية الجديدة في النظرية النسوية”، وكتب عبد الإله فرح وعبد اللطيف طالبي (المغرب) دراسة مشتركة بعنوان “التفكير مع العولمة”، وكتبت آلاء دياب دراسة بعنوان “الصراع على السلطة في سورية في أثناء الحكم الانفصالي؛ الخريطة السياسية”.
وفي باب (إبداعات ونقد أدبي)، نشرت المجلة نتاجات أدبية لعدد من الأدباء والنقاد؛ نور طلال نصرة “الخيال؛ نجاة من ورطة الواقعية”، علا الجبر “أدب الربيع العربي ونقده”، سهير أومري “موسم الهجرة إلى الشمال… هجرة نحو الذات”، عبد الرزاق دحنون “وطن الغجر (حوارية مسرحية)”، أمجد عطري “ذواكر مُقرصَنة (قصة)”، فواز قادري “برزخ الغائب”.
وفي باب (الترجمات) نُشرت دراستان مترجمتان لهما علاقة بملف الربيع العربي: الأولى؛ دور الإعلام في الثورات العربية: حالة سورية (بشار بكور) – ترجمة ورد العيسى. والثانية؛ تداعيات ما بعد الربيع العربي على حقوق الإنسان في سورية (دخيل الله الحربي، زارينا عثمان، سيتي داود) – ترجمة عمر حداد.
وفي باب (مراجعات وعروض كتب)، هناك عرض ومراجعة لكتاب “أطوار التاريخ الانتقالي؛ مآل الثورات العربية” من تأليف مجموعة من المؤلفين، قدَّمتها خولة سعيد، إضافة إلى عرض لكتاب “تاريخ العلويين، من حلب القرون الوسطى إلى الجمهورية التركية”، من تأليف ستيفان وينتر، قدَّمها فادي كحلوس. وفي باب (وثائق) اختارت هيئة التحرير عرض وثيقتين؛ الأولى ” صحيفة المدينة؛ كتاب الرسول بين المهاجرين والأنصار واليهود (1 هجرية)”، والثانية “رسالة الحقوق لعلي بن الحسين”.
نأمل أن يقدِّم هذا العدد من مجلة “رواق ميسلون”، الفائدة المرجوة، وأن تخدم دراساته ومقالاته وحواراته في تقديم قراءة عقلانية وموضوعية للموضوعات المطروحة فيه، خاصة تلك التي تتعلق بملف العدد “الربيع العربي”، فقد حرصت هيئة التحرير على إشراك عددٍ من الباحثين والمثقفين والناشطين الذين كان لهم دور فاعل خلال السنوات العشر الماضية، كما حرصت على أن يكون المشاركون من بلدان عربية عديدة، بقصد تكوين رؤية متكاملة حول الربيع العربي، والاطلاع على تجارب متنوعة.
هيئة التحرير