تهدف هذه الدراسة إلى تطوير تحليلٍ للاقتصاد السياسي في سورية البعث من منظور تحليلي خطابي. وباستخدام رؤى ميشيل فوكو Michel Foucault حول الخطاب والسلطة والحكومة، يكون هدف الدراسة استقصاء دور الخطاب الاقتصادي في المحافظة على علاقات السلطة وتحويلها في سورية. ويوحي هذا النهج بأن الخطاب الاقتصادي كان فعالًا ليس فحسب في إعادة هيكلة الاقتصاد السوري مع مرور الزمن، بل أيضًا في إعادة تشكيل المُتخيَّل الاجتماعي بينما يعيد بناء المجتمع السوري. وبالنظر إلى تشكيل وعمل ومسار الخطاب الاقتصادي السوري، يكون أحد أهداف هذه الدراسة توضيح كيف يمكن لتحليل الخطاب أن يساهم في إعادة تشكيل نظرتنا التحليلية. وعلى صعيد آخر، فإن الدراسة نفسها تتعلق بتوسيع فهمنا التحليلي للاستيراتيجيات الحديثة للحكومة. إن الأشكلة الجارية في الاقتصاد (من خلال تحركات مثل التصحيح، الإصلاح، الانفتاح، التحول) قد ترافقت مع صقلٍ لفن الحكم الذي ينطوي على إعادة النظر بطرق ومواضع تطبيق السلطة. وهذا التحليل شرط أساسي للانعكاسات النظرية على المفاصل الاستبدادية للسلطة وتحولها، بهدف وضعها – بمساعدة مفاهيم فوكو حول الانضباط والحاكمية – على مسار إضفاء الحاكمية governmentalisation في الدول الحديثة.
إن اختياري لمنهجٍ خطابيٍّ لتحليل الحقائق السياسية والاقتصادية يتطلب بعض الشرح. يحدث أن يأتي مفهوم الخطاب بمعانٍ متباينة في مواضع مختلفة، إذ تُقدِّم مجموعة متنوعة من برامج تحليل الخطاب المؤلفة من أجزاء لنظريات مختلفة مجموعة خياراتٍ من الإستراتيجيات التحليلية[1]. وقد وضع ميشيل فوكو، أكثر من أي شخص آخر، برنامجًا لتحليل الخطاب، والذي مهد الطريق لاستخدام مثل هذا التحليل لخدمة العلوم الاجتماعية بشكلٍ عامٍّ، والتحليل السياسي بشكلٍ خاص. وعلى الرغم من ذلك، فإنه لم يكن يسعى بقصد لتشكيل مدرسة أو نظرية، بل إنه، وبدلًا من ذلك، دعا الباحثين إلى “استخدام” اكتشافاته كصندوق “أدوات” للتحليل[2]. وهذا هو مبرري لاستخدام فوكو بشكلٍ انتقائي نوعًا ما، بينما أعطيت لنفسي الحرية في إدراج عناصر من نظريات أخرى للخطاب ضمن مناقشتي.
[1] انظر أندرسون Andersen، إستراتيجيات تحليلية منطقية، 2003، حول النهج التحليلي لفوكو، لاكلو، كوسليك ولوهمان Foucault, Laclau, Koselleck and Luhman. للحصول على التاريخ الفكري لمفهوم الخطاب، انظر سوير Sawyer، خطاب حول الخطاب: التاريخ الآثاري لمفهوم فكري، في الدراسات الثقافية، المجلد 16، 3، ص: 433-456.
[2] انظر فوكو Foucault، السلطة/المعرفة. آراء مختارة وكتابات أخرى، 1890، ص: 145.
لقراءة الدراسة الكاملة يرجى تحميل النسخة الإلكترونية