Search

المجتمع الذكوري على الإنترنت

مقاربة سوسيولوجية لحركة “رد بل” Red Pill 

خلاصة

تهدف هذه الدراسة إلى فهم الجماعات الذكورية التي تنشط في مواقع الإنترنت، وعلى وجه التحديد: حركة “رد بل” (The Red Pill) التي تسعى إلى تنظير الذكورة في العالم الافتراضي، من خلال تمسكها بفلسفة الحبة الحمراء بغية تحرير الرجال من الهيمنة النسوية. فهي حركة تعتمد كثيرا على إطار علم النفس التطوري في مواقفها، وتدعي أن النساء بطبيعتهن متلاعبات ومهتمات بأنفسهن، وأن النسوية منحتهن هيمنة اجتماعية على الرجال.

هذه الدراسة عبارة عن استثمار للأدبيات السوسيولوجية التي اهتمت بحركة “رد بل”، وهي دراسة اعتمدت على الملاحظات الميدانية التي تم تدوينها وتسجيلها من طرف الباحث أثناء تصفحه لبعض المجموعات على منصة الفيسبوك.

مقدمة

“تذكر، كل ما أقدمه هو الحقيقة. لا شيء آخر”.

مورفيوس، ماتريكس (The Matrix) (1999).

يشهد العالم الكثير من الخطابات والحملات المعادية للمرأة والحركات النسوية على الإنترنت التي تقودها الحركات اليمينية المتطرفة والمحافظة في الغرب بشكل أساسي، حيث تلعب الحملات المعادية نحو المرأة في منع تقدمها وتهميشها وتحقيرها، نظرا لمجموعة من الاعتبارات، أهمها: ما يتعلق بتدفق المعلومات بسبب التطور التكنولوجي المصاحب للعولمة، إلى جانب تأثير الرأسمالية على اليد العاملة الذكورية، فهناك دعوة من طرف المؤسسات الاقتصادية إلى الزيادة في عدد النساء ضمن القوى العاملة من أجل الرفع من الإنتاجية وتحقيق منافع اقتصادية أكبر للمؤسسات والشركات. ذلك أن الأنظمة الرأسمالية في حاجة إلى فئة اجتماعية يمكن لها أن تنافس الرجال على الوظائف مقابل تدني الأجور والرواتب بغية استغلالها وتحقيق أرباح سريعة من ورائها.

بالمقابل، هناك شعور عند الرجال الغربيين بأن أدوارهم داخل الأسر في تراجع مستمر، ويتمثل ذلك في تعرضهم للعنف المنزلي، والشعور بالظلم بسبب تأثير المنظمات النسوية (Feminism) المدعومة من طرف المؤسسات القانونية والاقتصادية. حيث يرى الكثير من الناس بأنها تقلب التقاليد والأعراف والمعتقدات الدينية وأدوار الجنسين الراسخة في المجتمعات الإنسانية. وأن النسوية تؤدي إلى تحولات سلبية في العلاقات والروابط الاجتماعية مثل الحب والزواج. كما أن هناك من الناس من يعتقدون أن النسوية تؤدي إلى خسارة الرجال للقوة والتأثير والسيطرة داخل البيت إلى جانب الفرص الاقتصادية. ولهذا، فإنه في العادة ما يكون لدى مناهضي النسوية انتقادات بسبب أنها تحاول إحباط الرجال وتعريضهم للقمع، والقضاء على ما بقي من مفهوم الذكورة في المجتمع.

أما في المغرب، فإن تاريخ الحركات النسوية ارتبطت خطواتها الأولى في فترة الأربعينيات، عندما أصبحت الأحزاب السياسية آنذاك مهتمة بوضع المرأة. وفي سياق النضال الديمقراطي والحقوقي، برزت أولى الحركات النسائية في الثمانينيات من القرن الماضي، وكان قانون الأسرة لعام 1957 محور نشاطهن، من خلال النضال ضد التمييز الجنسي الذي كان ينظر إلى النساء بوصفهنّ أقل شأنًا من الرجال. ومن هذا المنظور، اكتسبت النسوية شرعيتها في المغرب، وقدمت نفسها كلاعب سياسي مهم. وخلال هذه الفترة من النضال، استطاعت الحركات النسوية أن تحقق مجموعة من الانتصارات، أهمها إصلاح مدونة الأسرة (2004). وعلى الرغم من تحقيقها مجموعة من المكاسب منذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، فإن تحقيق التكافؤ والمساواة بين الجنسين لا يزال يمثل تحديًا كبيرًا للمغرب بسبب القوى المعارضة التي ترى في الحركات النسوية تهديدا للنظام الاجتماعي والديني والثقافي للبلد. ومن نتائج ذلك، ظهور مجموعة من الحملات التي شهدها المجتمع المغربي في السنوات الأخيرة على منصة الفيسبوك (Facebook) ضد فكرة الزواج من النساء العاملات والتي أثارت الكثير من ردود الأفعال المؤيدة والمعارضة لها.

في هذا الإطار، تم تبني هذا النوع من الحملات من طرف نشطاء حركة “رد بل” (الحبة الحمراء) (Red Pill) بالمغرب التي تنشط على منصة الفيسبوك، حيث أعلنت معارضتها لفكرة خروج المرأة إلى العمل أو الارتباط بالمرأة النسوية. ويتضح هذا الموقف ليس فقط على المستوى الوطني (والمحلي) ولكن أيضا على المستوى العالمي، فقد ساهمت الحركات اليمينية في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية في مناهضة النسوية والتعبئة ضد المساواة بين الجنسين والحقوق الجنسية والإنجابية. وخلال السنوات الأخيرة، ظهرت مجموعة من الحركات المستقلة المناهضة ضد النوع الاجتماعي والتي تهاجم حقوق المرأة، مثل مجتمعات المانوسفير (Manosphère)(1).

تنتشر مثل هذه المجتمعات (الذكورية) على مواقع الويب الخاصة بها، وقد شهدت في السنوات الأخيرة زيادة في عدد الزائرين على مواقعها بالآلاف. ومع ذلك، يمكن العثور عليها في المنصات الاجتماعية الشهيرة، مثل التويتر (Twitter) والريديت (Reddit) والانستغرام (Instagram). فهي تعد موطنا للعديد من الحركات الذكورية، على الرغم من حظر بعضها من هذه المنصات. كما يمكن أن نجد بعضها على منصة اليوتوب (YouTube)، نظرًا إلى الدور الذي يلعبه نظام الخوارزميات في الحفاظ على تفاعل المستخدمين بشكل مستمر، وهو ما يساهم في تعزيز الخطاب الذكوري لمجتمعات المانوسفير.

تتناول هذه الدراسة مجتمعات “رد بل” (Red Pill) الذكورية، وهي عبارة عن حركات تنشط على مواقع الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، حيث يحاول الرجال من جنسيات مختلفة تحسين مهاراتهم العاطفية والاجتماعية والاقتصادية. ويرجع اهتمامنا بهذه الحركة إلى أنها تدخل ضمن المساحات الافتراضية التي ترتكز على المشكلات الذكورية في العالم. إذ يمكن اعتبارها بأنها جزء لا يتجزأ من بعض الحركات الذكورية المناهضة للنسوية في العالم. إضافة إلى أن الغرب كان له السبق في الاهتمام بموضوع “الحركات الذكورية على الإنترنت”. في حين ما زلنا في الوطن العربي نتلمس بداية الطريق في غياب شبه تام للدراسات السوسيولوجية التي تهتم بموضوع الذكورة على الإنترنت.

بالنسبة لأهداف الدراسة، فهي تتمثل في الإجابة على الأسئلة التالية:

  1. ما هو مجتمع رد بل؟ وما هي فلسفته؟
  2. ما هي صورة الرجل في مجتمع رد بل على الإنترنت؟
  3. ما هي صورة المرأة في مجتمع رد بل على الإنترنت؟

المنهجية

تعرف البيانات والمعطيات المتاحة على الإنترنت حجمًا كبيرًا يفرض على الباحثين في العلوم الاجتماعية تطوير إستراتيجية جديدة لجمع المعطيات وتحليلها. في هذا السياق، قمنا بالانخراط في المجموعات الذكورية على منصة الفيسبوك من أجل التعرف إليها دون المشاركة في نشاطها، حيث يمكن أن يساعد هذا التستر في تحديد المضامين والبيانات الأكثر قيمة بهدف “رؤية هذا العالم كما يفعل المشاركون في البحث من الداخل”(2). وقد كان المنهج المعتمد في جمع المعطيات استقرائيًّا من خلال عملية الملاحظة للمضامين والمحتويات بغرض وصفها وتحليلها ومناقشتها من منظور سوسيولوجي. وتم أيضا الاعتماد على بعض الدراسات النظرية والميدانية التي اهتمت بموضوع “رد بل”، خصوصا تلك التي اهتمت بمنتدى (r/TRP) على منصة (Reddit)، كما تم اختيار بعض المجموعات الذكورية على منصة الفيسبوك، نذكر منها: مجموعة (Red Pill Community)(4) و(ريد بيل المغرب ـRed pill Maroc)(3) و(مجتمع الحبة الحمراء بالعربي ـ Red Pill Arabic community)(5)، نظرًا إلى أن منصة الفيسبوك تعد من المجالات المساعدة على البحث في المضامين المتحيزة ضد النساء. إذ يتم التعبير عن المحتوى الذكوري في شكل نصوص، صور، مقاطع فيديو، اقتباسات وغيرها.

1) مدخل إلى مجتمع “رد بل”

1 ـ 1: رد بل (الحبة الحمراء)

تعود فكرة “رد بل” (Red Pill) إلى الفيلم الأميركي “المصفوفة” (The Matrix) الذي حقق نجاحًا كبيرًا في عام 1999، الفيلم من بطولة الممثل الأميركي كيانو ريفز (Keanu Reeves) الذي لعب دور نيو (Neo). في الفيلم، يعيش نيو في عالم مزيف (المصفوفة) الذي صنعته الآلات (الذكاء الصناعي) للتحكم في المجتمع البشري؛ حيث يتم تجنيد نيو من طرف شخص اسمه مورفيوس (Morpheus) من أجل تحقيق الحرية للمجتمع الإنساني، والذي يعرض على نيو إما الحبة الحمراء (Red Pill) أو الحبة زرقاء (Blue Pill) لابتلاعها. وذلك لأن الحبة الزرقاء سوف تسمح له بالبقاء في واقعه المريح، ولكن في حياة مزيفة، في حين أن الحبة الحمراء ستكشف له كل الأكاذيب وتحرره من المصفوفة. فيقرر نيو أخذ الحبة الحمراء من أجل معرفة الحقيقة(6).

في هذا السياق، فإن فكرة “رد بل” تشير إلى استيقاظ الرجال على حقيقة إخضاع الذكور من قبل النساء في ظل إيديولوجية النسوية. تتلاءم الحبة الحمراء مع الخوف من أن يفقد الرجال مكانتهم في عالم لا يمكنهم السيطرة عليه. وقد ظهر هذا الاسم في سنة 2012 على منتدى فرعي لموقع reddit.com عرف باسم “الحبة الحمراء” (r/TRP). وفي سنة 2016، صدر فيلم وثائقي أميركي بعنوان الحبة الحمراء (Red Pill)، من إخراج ناشطة نسوية سابقة تدعى كاسي جاي (Cassie Jaye )، تناقش فيه مجموعة من القضايا التي يعاني منها الرجال والفتيان، مثل الانتحار والمخاطر التي يتعرضون لها في وظائفهم وأعمالهم، والمسائل المتعلقة بالطلاق والعنف المنزلي.

يمكن النظر إلى حركة “رد بل” بوصفها “مجموعة تقوم على فلسفة ترفض النسوية الحديثة والتقدمية، وتؤمن بدلًا من ذلك بمفهوم حتمي وراثيًا للجنس: فهي تؤكد أن للجندر أدوارًا متأصلة بسبب خصائصهم الجسدية”(7). وعليه، فإن موضوع الزواج من المرأة الموظفة أو العاملة هو جزء لا يتجزأ من النقاش في مجموعات “رد بل” على مستوى العالم. ويجب الانتباه أن فكرة “رد بل” لا تعارض الزواج والارتباط من المرأة، وإنما هي فكرة في الحياة وفي التعامل مع المرأة على وجه التحديد. إنها طريقة لمواجهة الأفكار النسوية التي تسعى لاستغلال الرجال. فإذا كانت النسوية أداة جماعية أنثوية لتأمين رفقاء مرغوبين وموارد اقتصادية، فإن الشريط الجانبي (r/TRP) يرى أنها ترياق تصحيحي للرجل. فالنسوية هي إستراتيجية جنسية للنساء، وبالتالي فإن الحبة الحمراء هي إستراتيجية جنسية للرجال وإستراتيجية فعالة ضد الإستراتيجية الجنسية للمرأة(8).

إن “رد بل” هي فكرة تهدف إلى دفع الإنسان إلى الواقعية وإخراجه من الوهم والمثل العليا، وهدم بعض المعتقدات التي يتلقاها معظم الرجال على أنها من المسلمات والبديهيات، وعلى رأسها نظرية “الأنثوية الملائكية” أو كما يسمونها في الغرب (women are awesom)، حيث يشير (r/TRP) إلى أن النسوية تخفي حقيقة استغلال الذكور واضطهادهم(9). علاوة على أن ما يميز النسوية أنه يتفرع منها الكثير من المعتقدات كإيديولوجيا الضحية والمظلومية والمعرف باسم “أسطورة اضطهاد المرأة”، والتي يتم تأطيرها من خلال مجموعة من المؤلفات النسوية مثل كتاب (How to Destroy a Man Now)(10) لأحد الباحثات (مجهولة الهوية)، وهو كتاب يعمل كدليل من أجل تدمير سمعة الرجل وإزاحته من السلطة. وبسبب انتشار مجموعة “رد بل” على الإنترنت بكثرة، تم تعريفها من طرف النشطاء النسويين على أنها مجموعة من الرجال يربطهم استياء مشترك ضد النساء والمهاجرون والملونون والنخبة الليبرالية(11).

1 ـ 2: المرجعية الفكرية لحركة “رد بل”

تستند “رد بل” إلى بعض المؤلفات والكتابات (الثقافية والعلمية) من أجل تعزيز مواقفها ضد الفكر النسوي، فهناك كتابات مهمة تدافع عن فكرة أساسية، وهي أن الأجندة النسوية تدمر المرأة وتقوم بغسل دماغها من أجل دعم النسوية(12). وبالتالي، فإن “رد بل” عند الرجال هي استعارة لفرد يغير نظرته إلى العالم لكي يواجه بها الأفكار النسوية التي لا تنسجم مع الظروف الاقتصادية والاجتماعية والبيولوجية للجنسين. إنها ثقافة متمركزة على الذكورة التقليدية في معاداتها للنساء على الإنترنت.

يرجع الكثير من أنصار “رد بل” إلى الفلسفة اليونانية والرومانية القديمة من أجل تأكيد مواقفهم وتعزيز صدقيّتهم في العالم. وذلك على غرار العديد من الحركات السياسية والاجتماعية التي خصصت التاريخ والأدب وأسطورة العالم القديم لصالحها. إذ ترى الناشطة النسوية دونا زوكربيرج (Donna Zuckerberg)، أن “الكلاسيكيات اليونانية والرومانية لها أهمية ثقافية خاصة بالنسبة لهم. ومن خلال اللجوء بشكل متكرر إلى مؤلفين مثل ماركوس أوريليوس (Marcus Aurelius) وأوفيد (Ovid)، يحاولون إدامة فكرة أن الرجال البيض هم الأوصياء على السلطة الفكرية، خاصة عندما ينظر إلى هذه السلطة على أنها مهددة من طرف النساء…”(13).

من بين الكتابات أيضا، نجد “أسطورة القوة الذكورية” للكاتب وارن فايل (Warren Farrell)(16)، أو كتابات رولو توماسي (Rollo Tomassi) حول الذكر العقلاني(15)، أو كتابات ريتشارد كوبر (Richard Cooper) عن ذكر ألفا (Alpha Male)(14). إلى جانب أن أنصار “رد بل” يهتمون بشكل خاص بالتاريخ الأوروبي، وعلى وجه الخصوص، فترة العصور الوسطى، كما أنهم يؤلفون ويستشهدون بمقالات في علم النفس التطوري والفلسفة وعلم الأحياء والاقتصاد. فعلى الشريط (r/TRP) هناك إعلان على أن فلسفة “رد بل” شبه وضعية. وهو ما يعني أن هناك محاولة للتحالف مع المجتمع العلمي، حيث يعلن (r/TRP) أن الحبة الحمراء تدور حول البراغماتية والحقيقة القائمة على الملاحظة. بعبارة أخرى، لا ينبغي أن يناقش “رد بل” القيم أو المُثُل ولكن يجب أن يركز على “ما يصلح”، والذي يتم تحديده في حد ذاته من خلال تقييم الملاحظات في العالم الحقيقي. وبالتالي، كترياق لأوهام الحركة النسوية (و”الأكاديميات النسوية”)، يجب على مجتمع (r/TRP) أن يناقش بدقة وموضوعية ما إذا كانت معتقداتنا تتماشى مع النتائج القابلة للاختبار التي يمكننا تكرارها(17).

يعتمد أنصار مجتمع “رد بل” كثيرًا على علم النفس التطوري. وعلى سبيل المثال، يتم استخدام الحتمية الجينية أو البيولوجية لشرح (وتبرير) الاختلافات في سلوك الذكور والإناث. وأحد أكثر المؤيدين شهرة لمثل هذه النظريات هو أستاذ علم النفس الكندي جوردان بيترسون (Jordan Peterson). كما يستخدم مجتمع “رد بل” مجموعة من المفاهيم والمصطلحات التي تساعد على تبرير العديد من الآراء والمواقف الخلافية. فالخطابات العلمية نجدها مدمجة بعمق في أيديولوجية الحبة الحمراء، لا سيما في استراتيجيات الإغواء واصطياد النساء. فمن المفروض على رجال “رد بل” أن يتعرفوا إلى بعض النظريات البيولوجية والاجتماعية، وأن ينشروا فقط المحتوى الذي يتفق مع ما يؤمنون به من آراء ومواقف مقبولة والتي تعزز خطاب حركة “رد بل”. وعلى سبيل المثال، نجدهم يستعملون بعض المفاهيم والمصطلحات بغرض إضفاء الشرعية على التصورات السلبية للمرأة، مثل عدم عقلانيتها، وأن رغبتها حتمية في الاقتران بذكر ألفا (Alpha Male). فوفقًا لفان فالكنبرج (Van Valkenburgh) فإن “أيديولوجية رد بل تنظر إلى الطبيعة البشرية على أنها غير قابلة للتغيير أساسًا، لأنها تعتمد بشكل كبير على علم الأحياء”(18).

هناك أيضًا مرجعيات أنثروبولوجية يعتمد عليها مجتمع “رد بل” بهدف تفسير العلاقة بين الرجل والمرأة، مثل قانون بريفولت(19) نسبة للأنثروبولوجي روبرت بريفولت (Robert Briffault)؛ حيث جاء في هذا القانون: “الأنثى، وليس الذكر، هي التي تحدد جميع شروط عائلة الحيوان. وحيث لا تستفيد الأنثى من ارتباطها بالذكر، فلا يحدث مثل هذا الارتباط”. وهذا القانون يستخدمه مجتمع “رد بل” للتأكيد على أن الأنثى هي التي تحدد ما إذا كانت العلاقة سوف تحدث أم لا؛ حيث إن معظم النساء، يسعون لفهم ما إذا كانت الفوائد التي سوف يحصلون عليها تتفوق على التكاليف. فإذا تجاوزت الفوائد التكاليف، فإن الأنثى توافق على الدخول في علاقة. وهذا النوع من المرجعيات، يتم مشاركته على الإنترنت من أجل تنوير الرجال حول أدوار الجنسين ومشكلات النسوية في الحياة الواقعية. 

1 ـ 3: نقد النسوية في مجتمع “رد بل”

كان الفكر النسوي ينظر إلى المشكلات التي تعانيها المرأة على أنها مرتبطة بالنظام الاجتماعي، وهو ما يتطلب تدخلًا سياسيًا من أجل حلها. فقد كانت الحركات النسائية تلوم الرجال بسبب احتكارهم للحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وكانت تعتبره أنه قائم أساسًا على عدم المساواة بين الرجل والمرأة. وأن هذا الوضع لا يرتبط بما هو طبيعي وإنما بما هو ثقافي واجتماعي. حيث وجهت أنظارها النقدية إلى المعارف السائدة في الثقافة الأميركية والأوروبية التي كانت تخدم مصالح البيض من الرجال. فقد اعتبرت مجموعة من النسويات أنه لا توجد نظرية أو معرفة علمية لم يضعها الرجال لخدمة مصالحهم في المجتمع. وعلى سبيل المثال، رأت دروثي سميت (Dorothy Smith) أن السوسيولوجيا “أسست أساليبها ومخططاتها ونظرياتها المفاهيمية وبنيت ضمن العالم الاجتماعي الذكوري”(20).

ومع صعود الحركات النسوية وتأثيرها على الفكر الاجتماعي المعاصر، ظهرت مجموعة مختلفة من حركة الرجال ذات مواقف متباينة، حيث كانت حركة “تحرير الرجال” ملتزمة بنقد المفاهيم التقليدية للذكورة، لكنها سرعان ما انقسمت إلى فصائل مؤيدة ومناهضة للأفكار النسوية. وذلك بسبب الخلافات حول الادعاء بأن الامتياز الذكوري يؤثر سلبًا على النساء. وفقًا لميشيل ميسنر (Michael Messner)، استمرت الفصائل المعادية للنسوية في نشر لغة محافظة بشكل ضيق لأدوار الجنس، بينما تبنت الحركة الاحتجاجية بدلًا من ذلك خطابًا راديكاليًا للعلاقات بين الجنسين يهدف إلى إنهاء الامتيازات المؤسسية للرجال والعنف ضد المرأة(21).

في هذا السياق، يمكن اعتبار حركات “رد بل” على الإنترنت بأنها نتيجة للتحديات التي تواجه المعايير المجتمعية حول الجنس. ذلك أنها تعمل على تقديم أرضية مشتركة للمستخدمين بهدف التجمع والاستكشاف الجماعي لأدوار النساء والرجال. حيث يلعب النقاش بين أعضاء المجموعة في تطوير هوية جنسية معاكسة للثقافة النسوية.

ينظر أعضاء منتدى (r/TRP) على موقع ريديت (reddit.com) ومجتمع (Red Pill Community) على منصة الفيسبوك، بأن الرجال هم من يتحكمون في معظم المجتمعات، وأن الرجال هم من قاموا ببناء الحضارات، وأنهم أكثر فئة عبر تاريخها كانت معرضة للتهديدات والمخاطر. وعليه، يرفض مجتمع “رد بل” على الإنترنت فكرة النسوية التي تنظر إلى الرجال كما لو أنهم يشتركون جميعا في نفس العقلية والدوافع نفسها، مثل أنهم مدفوعون إلى الشهوة ومفرطون في الجنس وأنهم يستخدمون القسر والعنف والتحرش الجنسي للحفاظ على سلطتهم في المجتمع.

بالنسبة إلى مجتمع “رد بل” فإن هذه النظرة متعمدة، ذلك أن طائفة من النسويات هن من صنعن مفهوم الذكورة من أجل تسميمها بغرض التصدي لكل ما هو ذكوري في الحياة الاجتماعية. وكأن الذكورة هي فعل إجرامي، حيث يتم الإشارة إلى الذكورة بأنها سلطوية وتهدف إلى الحفاظ على مركز مهيمن للرجال وإخضاع النساء من خلال مجموعة متنوعة من التقنيات، بما في ذلك العنف والبنية المجتمعية والتمييز. وبالتالي، فإن دور رجل “رد بل” هو تغيير هذه النظرة ومكافحتها، لأن الذكورة يمكن أن تكون إيجابية للمرأة والمجتمع. “فالحبة الحمراء (TRP) هي مجتمع يركز على خلق الذكورة لمواجهة ما يعتقد أنه حملة نسوية خبيثة لتفكيك الرجولة التقليدية، وإيذاء الرجال عمدًا”(22)، فهي حركة تحشد الرجال حول قضايا محددة، مثل العنف المنزلي ضد الرجال، وحضانة الأطفال، والطلاق، وتأنيث التعليم، وسوق الشغل.

ولتأكيد رفضهم للحركات النسوية، يعتمد أنصار “رد بل” على مجموعة من الكتابات النسائية، مثل عالمة النفس هيلين سميث (Helen Smith)(23) من خلال كتابها “الرجال في إضراب”(24)، فقد اعتبرت سميث أن النسوية تؤدي بشكل عام إلى الشعور عند الرجال بأن العالم مناهض لفكرة الذكورة من الأساس. وكردّة فعلٍ هناك اتجاه يدفع أغلب الرجال إلى الانقطاع عن الدراسة الجامعية وعن العمل ويتجنبون الزواج بمعدلات تنذر بالخطر، حيث إنهم يرون أن المجتمع لا يقدم لهم الفرص حتى يكونوا أزواجًا وآباءً ومتحملين للمسؤولية. مما يجعلهم يخوضون إضرابًا إما بوعي أو بغير وعي، لأنهم لا يريدون أن يصابوا بأذى بسبب عدد لا يحصى من القوانين والمواقف التي تدعم النساء أكثر من الرجال. كما يعتمدون على الكاتبة الأميركية كريستينا هوف سومرز (Christina Hoff Sommers)(25) من خلال كتابها “الحرب ضد الأولاد”(26)؛ إذ تشير سومرز على أن النظام التعليمي في الولايات المتحدة الأميركية يقوم أساسًا على التمييز بين الإناث والذكور، وأن النظام التعليمي المدرسي يدعم الفتيات أكثر من الأولاد، الشيء الذي يمكن أن يؤثر على مستقبلهم. وعلى الرغم من أن العديد من المدرسين يدركون أن الأولاد يتخلفون كثيرا عن الفتيات في المدرسة، إلّا أن القليل منهم يعالج المشكلة بطريقة جادة. وغالبًا ما يتم إحباط المؤسسات التعليمية التي تحاول معالجة المشكلة من طرف المنظمات والحركات النسائية، لأنها تعتبرها دليلا على “رد فعل عنيف” ضد إنجازات الفتيات، وأنها جزء من حملة تستهدف تعطيل المرأة من التقدم. علما أنه في نظر سومرز لا بدّ من الاعتراف بالحقيقة الواضحة وهي: الأولاد والبنات مختلفون. ومع ذلك، فإن العديد من الدوائر التعليمية والحكومية، لا يحبون التطرق إلى موضوع الفروق بين الجنسين. ولا يزال مجموعة من العلماء والخبراء يصرون على أن الجنسين متماثلان، ويجادلون بأن أي حديث عن الاختلاف يشجع فقط على التمييز الجنسي والقوالب النمطية.

وعلاوة على ذلك، يعتبر الأعضاء في مجموعة (Red Pill Community) بأنه من الضروري لأي رجل أو شاب ينتمي إلى مجتمع “رد بل” أن يقرأ ما كتبته إستر فيلار (Esther Vilar)(27) في كتابها “فن التلاعب بالرجل”، لأنه كتاب يدور حول العلاقة التي تربط الرجل بالمرأة، والطبيعة الحقيقية للمرأة وكيف تستغل المرأة الرجل لتحقيق أهدافها عن طريق الإغواء الجنسي. وعلى سبيل المثال، ترى فيلار أن الوظيفة، الجامعات والتجمعات بشكل عام بالنسبة للمرأة هي بيئة لاصطياد الفرائس (الرجال) واستغلالهم(28).

من جانب آخر، يخاطب الأعضاء في مجموعة (Red Pill Community) النساء بأنهن تعرضن لغسيل الدماغ من طرف النسويات؛ حيث لا يمكن لأي شخص أن ينكر الدور الذي لعبته الحركات النسائية في تصوير مؤسسة الزواج على أنها عبودية للمرأة بدعوى المساواة بين الجنسين، من خلال تنفير المرأة من الزواج وتشجيعها على ممارسة الجنس خارج إطار الزواج، الأمر الذي أضر بها، وجعلها رخيصة أمام الرجال. ومثل هذا الموقف، يؤكده عالم الاجتماع الفرنسي جيل ليبوفتسكي (Gilles Lipovetsky) بقوله: “صارت النساء يعرضن العلاقة على الرجال أسوة بالرجال، وما كان يوصف بأنه سلوك (امرأة لعوب) اكتسب الآن شرعية اجتماعية، ولم تعد المبادرات النسائية تنعت بالسلوك الشائن أو المستهجن. لقد نجحت ديناميكية التكافؤ في طمس معالم السمة الجوهرية للعلاقة، بالأخص التعارض المتميز بين النشاط الذكوري والسلبية الأنثوية”(29). وعليه، فإن ابتلاع الحبة الحمراء سوف يساعد المرأة على إزالة الضرر الذي أصابها. فضلًا عن أن هناك مجموعة من النساء منخرطات وتؤمن بأن الحركة النسوية ضارة ويستشهدون بأمثلة لدعم وجهة نظرهن، بما في ذلك فكرة أن المجتمع بشكل عام مناهض للذكور. كما لوحظ أنه من أبرز سمات السياسة المعادية للنسوية الجديدة هي كراهية النساء والميل إلى السخرية منها، نظرًا إلى أنها قائمة على التسييس، وتعمل على تشجيع الشذوذ الجنسي. لأن النسويات في البداية “رفعن شعارات استقلالية المرأة، والتي لا سبيل لها إلا بالتخلص من القيود الزواجية، والانعتاق من نموذج التفاني التقليدي، فإذا بهن في نهاية المطاف ينادين بالشذوذ، بتدمير التنميطات الجنسية، وإبطال ما يعرف بـ (سجن النوع الجنسي)، وإعادة تعريف الذكورة والأنوثة”(30). لذلك، اعتبرت حركة “رد بل” من طرف الباحثين على أنها إيديولوجيا تهدف إلى الكشف عن “الطبيعة الحقيقية” للنسوية، أي أن النسوية في الواقع قمعية ومعادية للرجال”(31). وفقا لوجهة النظر هذه، فإن جميع الرجال يعيشون في الوهم النسوي الكاذب، والذي تم بناؤه من أجل اضطهاد الرجل. كما أن الهدف من النسوية هو استخراج الموارد التي يستخرجها الرجال من الدولة إلى جانب الاستغلال البيولوجي للرجال. وبالتالي، تشير عبارات مثل (تناول الحبة الحمراء) أو (أن تكون حبة حمراء) إلى تلك الشخصية المتحررة من الوهم، أي الشخص المستنير الذي يعمل على بناء رؤية عالمية جديدة مناهضة للنسوية.

يدعي أنصار “رد بل” أن الرجال الذين يتناولون الحبة الحمراء قادرون فعلًا على فتح أعينهم على الطرق الضارة للمرأة وتحرير أنفسهم من الوقوع فريسة في قبضتهم. وأنه بمجرد الانضمام إلى الحركة، سيدرك الرجل أن اضطهاد المرأة كما تروج له الحركات النسوية غير موجود، وأن الرجال هم الذين يتعرضون للقمع. إلى جانب ذلك، يعتقد أعضاء (Red Pill Community) أن الرجال والنساء مختلفون من حيث التطور، من خلال اعتمادهم على نظريات علم النفس التطوري لدعم مجموعة متكررة من الادعاءات: أن النساء غير عقلانيات، ويقمن على التزاوج الفوقي (hypergamous)، ولديهن الرغبة للاقتران مع ذكور ألفا، ويحتجن إلى الهيمنة”(32). وبالتالي يجب أن يخضعوا لأدوار الجنسين. إذ يرون أن أدوار النساء تتمحور حول الأسرة والرعاية الأسرية في البيت، بينما أدوار الرجال تتمثل بالعمل خارج البيت وبتأمين مستقبل أسرتهم.

أما في المجموعتين على منصة الفيسبوك (ريد بيل المغرب ـRed pill Maroc) و(مجتمع الحبة الحمراء بالعربي ـ Red Pill Arabic community)، فإننا نلاحظ بأن الأعضاء يعملون على محاكاة نفس المنظور الثقافي والإيديولوجي الذي يعزز الاختلاف بين الرجل والمرأة على مستوى الأدوار في مجتمع “رد بل”. وبعبارة أخرى، يبدو أنه ليس هناك اختلاف في المنظور الثقافي لمجتمع “رد بل” حول النسوية. وذلك راجع إلى “أن المزايا التكنولوجية لوسائل التواصل الاجتماعي قد زادت بشكل جذري من تدفق الأفكار والمعلومات المعادية للنسوية عبر المجموعات والمنصات والحدود الجغرافية”(33).

زيادة على ذلك، يهدف أعضاء مجتمع “رد بل” على الإنترنت إلى الحصول على بعض النصائح حول المواعدة أو الحياة المرتبطة بالزواج والتي تبدو أنها تُظهر ميولًا محافظة. ويناقش بعضهم مجموعة من الأفكار التي يمكن أن تساهم في إخضاع المرأة، وإعطاء الأولوية لقيمة الرجل في الأسواق الجنسية، إلى جانب بعض الطرق لضمان علاقة جيدة. في حين أن هناك بعض المناقشات التي تحدث في المجموعات، والتي تميل إلى استعمال نوع من الخطاب أكثر تطرفًا، كاستعمال الإساءات اللفظية نحو النساء. فقد تم خلق مجموعة من المفاهيم والمصطلحات لتؤدي إلى معجم فريد يقوم على معاداة النساء، مثل “كلاب المال”(34) أو “القهويات”(35). وبالتالي، يبدو أن الهدف الرئيس لأيديولوجية “رد بل” هو إعطاء الرجال مزيدًا من السلطة لممارسة العلاقات الجنسية في ظل هذا الاضطهاد، من خلال تقديم المشورة بشأن أشياء مثل الإغواء والعلاقات(36). كما يمكن النظر إلى حركة “رد بل” على أنها إستراتيجية جنسية محددة للرجال، وحركة مضادة ضد النسوية، في حين يُنظر إلى النسوية على أنها “أداة نسائية جماعية لتأمين رفقاء مرغوب فيهم وموارد اقتصادية”(37).

2) النظام الذكوري لمجتمع “رد بل”

يقع النظام الذكوري الخاص بمجتمع “رد بل” في المنصات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي. فهو نظام موجود بشكل واضح في العديد من المجموعات “الفيسبوكية” وفي منتديات “ريديت” وعلى قنوات اليوتوب وغيرها. يرى مجتمع “رد بل” أن الواقع الاجتماعي يشجع على تأنيث المجتمع، ويعمل على سحب السلطة من الرجل، كما يسعى لإلحاق الضرر بالرجل من طرف النسوية. وهو الشيء الذي يفرض على أعضاء مجتمع “رد بل” أن يدركوا أنهم يعيشون في بيئة معادية ومربكة بشكل متزايد للرجال. وبناء عليه، فإن “رد بل” هي في نهاية المطاف فلسفة تعمل على تقوية المناعة ضد النساء، خصوصا اللواتي يحاولن استغلال الرجال على مستوى الموارد والعلاقات الجنسية.

يصر المدافعون عن مجتمع “رد بل” على أن الغرض من فكرة ابتلاع “الحبة الحمراء” ليس كره النساء، وإنما السماح للرجال بفهم النساء من خلال علم النفس والأنثروبولوجيا والبيولوجيا. فهم يزعمون أن الغرض الأساسي من “رد بل” هو فهم الفروقات الفردية والجنسية بين الرجل والمرأة. نظرًا إلى أن الكثير من الرجال يبحثون عن إجابات وتوجيهات حول علاقتهم بالنساء.

2 ـ 1: الذكورة المطلوبة في مجتمع “رد بل”

     تتميز حركة مجتمع “رد بل” في منتدى (r/TRP) ومجموعات الفيسبوك: (Red Pill Community)، (ريد بيل المغرب ـRed pill Maroc)، (مجتمع الحبة الحمراء بالعربي ـ Red Pill Arabic community)، بكونها تهدف إلى تعزيز الخصائص الفردية والتنافسية والعلائقية والعقلانية من أجل النجاح وتحقيق الذات. بمعنى آخر، أنها تقوم على المساعدة الذاتية أو السرديات العلاجية التي تشجع على تقدير المسؤولية الفردية نحو العمل والأسرة. كما تعتمد حركة “رد بل” على مفاهيم من علم النفس التطوري لإضفاء الشرعية على استراتيجيات الإغواء الخاصة بهم وتبريرها، وهي استراتيجيات مشبعة أيضا بالنيوليبرالية الكامنة، وتدعي بأن استراتيجيات الإغواء الخاصة بهم مبنية بشكل فريد على النظريات العلمية(38).

في مواقع ومنصات مجتمع “رد بل”، هناك العديد من الرجال يلجئون إليها للبحث عن إجابات حول كيفية عمل الذكورة، وفي تحسين الذات أمام الآخرين، وفي التأثير على النساء وإغرائهن. لأن سرعة انتشار أفكار “رد بل” على الإنترنت هي أحد الأسباب التي تزيد من السرعة التي يمكن من خلالها التعرف على الأفكار المتعلقة بتحفيز الذات وتطويرها. لذا، يتميز نشطاء مجموعة “رد بل” على الإنترنت بكونهم يهدفون إلى بناء ذكورة توجيهية يمكنهم الاستفادة منها عبر تعظيم أهدافها المرتبطة بالعلاقات العاطفية وبناء الذات الذكورية. كما أنهم يدفعون بالرجال إلى البحث عن إجابات حول كيفية التعامل مع التوقعات المتغيرة في سياق رفض الذكورة التقليدية. وبهذه الطريقة، فإن “الرجال الذين يسعون للحصول على إرشادات حول كيفية بناء رجولتهم، بسبب تشكيكهم في نماذج الأدوار التقليدية، ينجذبون إلى الشخصيات القوية والإثبات المقدم كدليل على تفوق الذكور الذي تمثله المانوسفير”(39). وعليه، نجد أنصار “رد بل” يستعملون بعض المصطلحات والمفاهيم من أجل وصف وضعية الرجال ومكانتهم ضمن التسلسل الهرمي الاجتماعي، مثل مصطلح ألفا (Alpha) الذي يشير إلى الذكورة المطلوبة والمرغوبة، ومصطلح بيتا (Beta) الذي يشير إلى الذكورة المرفوضة في سياق مجتمع “رد بل”. 

أ. ذكر ألفا

 تستخدم حركات “رد بل” كلمة “ألفا” (Alpha) في بناء الذات الذكورية، وهي كلمة تشير في الدراسات الحيوانية، إلى تلك الحيوانات التي تحتل في مجموعتها أعلى مرتبة. إذ يمكن للذكور والإناث أن تكون من الألفا بحسب النوع الحيواني. وعلى سبيل المثال، فإن بعض الذكور من الحيوانات يمتلكون وحدهم الحق في التكاثر، ويستخدمون العنف والتهديد لإبقاء مكانتهم في المجموعة عندما يواجهون معارضة من الذكور الأخرى.

يعبر مفهوم “ذكر ألفا” (Alpha Male) في فكرة “رد بل” على مفهوم الذكورة الإيجابية، والتي تفرض على الرجل تعلم كيفية ممارسة السلطة، فلكي يحقق الرجل ذاته ويصبح في المرتبة أو الدرجة العالية “رجل ألفا”، عليه أن يتبنى السمات والقيم والسلوكيات الشخصية التي تحفزه للوصول إلى السلطة وامتلاكها. فمن المفروض أن يكون الرجل حاسمًا في المواقف ومتطلعًا نحو الأهداف، وناجحًا في أفعاله، من خلال الثروة والنفوذ الاجتماعي. حيث يدافع “توماسي” عن فكرة الرجولة التقليدية الإيجابية المفصولة عن الذكورة السامة (الراديكالية) والمشوهة عمدا. وعليه، فإن مهمة رجل الحبة الحمراء هو جعل أبنائه واعين من أجل تحدي العالم الذي يريد إقناعنا بأن تأثير الأبوة في المجتمع هو أمر خطير أو غير ضروري(40).

يعتبر “رجل ألفا” هو النموذج المثالي في المجتمع الذكوري. فالرجل الذي يرتقي بنفسه ويحقق ذاته في العمل، وقادر على توفير الموارد، هو الرجل الذي تجتذب إليه النساء، لأنه يتسم بالهيمنة ويمتلك الموارد والقدرات في تأمين مستقبلهن وتعزيز رفاهيتهن، إلى جانب أنه لا يخضع إطلاقًا لإغراءاتهن ونزواتهن، لأن مهمته الأساسية ترتكز على تحقيق أهدافه وبناء ذاته في المجتمع. ومع ذلك، فهو قادر على أن يرتبط بالمرأة التي يرغبها وأن يلبي حاجاته الجنسية والعاطفية منها، ويتركها بعد ذلك.

كما أن رجل ألفا هو الذي يمتلك الثقة في نفسه، يحب المغامرة والمراهنة، ولا يشعر بالخوف من مواجهة التحديات والصعوبات. فهو رجل يحب القيادة وقادر على تحقيق أهدافه، وهو دائما محط اهتمام من طرف زملائه وأصدقائه. ويمكن أن يكون شخصا يهتم بصحة جسده من خلال ممارسة الرياضة. وعليه، “تهدف رد بل إلى مساعدة الرجال على فهم مكانتهم في عالم يرفض الذكورية المهيمنة. فإذا كان الرجال محرومين من السلطة بسبب تدهور النظام الأبوي، أو وحيدين بسبب تحول الأدوار المجتمعية بين الجنسين، فإن محور “الأهداف والازدهار” هو الحل لذلك”(41).

ب. ذكر بيتا

في سياق العلاقة بين الرجل والمرأة، فإن على رجل “رد بل” أن يولي أهمية خاصة لأمه وأخته وأن لا يترك لصديقته أو لزوجته المجال بأن تفصله عن عائلته أو أصدقائه، لأن المرأة تحب أن تنفرد بالرجل لوحدها من أجل استغلال موارده(42). ففي جزء من مجموعات “رد بل”، يدور النقاش من طرف الرجال حول علم النفس التطوري. ذلك أن فهم جوانب علم النفس هو المفتاح لتطوير إستراتيجية جنسية جيدة عند الرجال. وفقًا لـمنتدى (r/TRP)، فإن تعلم البديهيات النفسية التطورية يمثل الخطوة الأولى نحو تطوير مهارات الإغواء الفعالة(43). فالغالبية في مجتمع “رد بل”، هم رجال بيتا (Beta)(44) الذين عانوا من حظوظ سيئة جدًا في ارتباطهم بالنساء. إلى جانب شعورهم بأن النساء قد ظلموهم. ولهذا، يجادل البعض بأن الرجال، بعد أن ابتلعوا الحبة الحمراء، يجب أن يرفضوا حالة بيتا، وأن يسعوا جاهدين لتحقيق ذكورة ألفا”(45). لأنهم يفترضون أن النساء يبحثن عن “الذكور ألفا” لممارسة الجنس، نظرًا إلى أن المرأة هي التي تحدد بقاء النوع.

إن رجل بيتا هو الرجل الذي يستثمر كل الإمكانيات والوقت والجهد من أجل مرافقة النساء والاختلاط معهن على أمل الدخول مع إحداهن في علاقة عاطفية أو جنسية. وهو يعبر عن الفئة غير المقبولة والمرفوضة في مجتمع “الحبة الحمراء”. لأنه الرجل الذي يقدم كل شيء للمرأة اعتقادًا منه أن علاقته بها ستستمر، وسيتم معاملته مستقبلًا باحترام وتقدير أو الحصول على منفعة خاصة به.

لذلك، يلاحظ في مجتمع الذكورة على الإنترنت، بأن فئة رجال بيتا أو الفئة الأدنى من رجال ألفا غالبا ما يتم السخرية منها على منصات التواصل الاجتماعي، نظرًا إلى المبالغة التي يظهرونها في التودّد إلى النساء؛ حيث يعتبرون أن الرجل الحقيقي لا يجب أن يكون على استعداد للتنازل عن كرامته في سبيل الاقتراب من المرأة بغية الحصول منها على الاهتمام. وبالتالي، هناك عدة تسميات تُطلق على هذه الفئة بغرض تحقيرها والسخرية منها مثل كلمة “سيمب” (Simp)، وهي مأخوذة من الكلمة الإنجليزية (Simpleton) التي تعني “مغفل”، أو كلمة “حميدة” (Hmida) المتداولة في المجتمع المغربي التي تعني بدورها “غبي”.

لذا، تدعو مجموعة من أعضاء الحبة الحمراء الرجال إلى تثقيف أنفسهم والتعلم من الآخرين. ففي نظرهم، يعتبر رجل ألفا هو الشخص المثقف والعقلاني في ممارسته، وهو الشخص الذي يمتلك الرغبة في التطور على كل الأصعدة والمستويات. وعلى سبيل المثال، أصبح التطور الفكري عند الرجل موضع تقدير بين أعضاء مجتمع الحبة الحمراء، لأن التطور الفكري هو جزء لا يتجزأ من الأهداف والغايات التي يوصى بها بغية تحقيقها (الانتقال من رجل بيتا إلى رجل ألفا). علاوة على ذلك، أن “الطريقة الرئيسة التي بنى بها رجال “رد بل” هويتهم الجماعية كانت من خلال المناقشات حول تحولهم من رجال بيتا ضعفاء إلى رجال ألفا أقوياء. وهذا التحول يعكس قبول الرجال للهوية الجماعية التي ترفض المساواة بين الجنسين وكل من يؤيدها”(46).

يظهر تأثير مجتمع “رد بل” على “رجال بيتا” من خلال رغبتهم في التحول إلى “رجال ألفا”، فأن يكون الشخص رجل ألفا معناه أنه مقبول ومطلوب جنسيا واجتماعيا من قبل الآخرين. لذلك، يلاحظ أن هذا النوع من الخطاب يتم تضخيمه من طرف الرجال الذين يستشهدون بشكل متكرر بأوراق علمية ومقالات في المجلات وذلك في محاولة منهم لإثبات ادعاءاتهم أو دعمها.

ج. ذكر سيجما

هناك نقاش في مواقع ومنصات مجتمع “رد بل” حول ذكر سيجما (Sigma Male)، مثل أن ذكر أو رجل سيجما هو نفسه ذكر ألفا، إلّا أنه يمتلك شخصية أكثر انطوائية. إذ ينظر إليه على أنه نموذج آخر للذكور التي تكافح للهروب من منتديات المانوسفير ومجتمع “رد بل”، وأنه مختلف عن منظور الذكورة التقليدية التي يحاول البعض تعزيزها في مجتمع المانوسفير.

يمكن اعتبار ذكر سيجما بأنه رجل ذو شخصية قوية ومميزة مع سمات انطوائية. فقد اعتبر الكاتب ثيودور روبرت بيل (Theodore Robert Beale)(47) أن هذا المصطلح الذي صاغه في سنة 2010 يعبر عن “ذئب وحيد” (lone wolf)، حيث ساوى ذكور سيجما بذكور ألفا. فرجل سيجما هو الشخص الانطوائي الذي لا يلعب اللعبة الاجتماعية ولكنه ينجح في الفوز بها، وهو الذي يستطيع أن يرتبط بأي امرأة جميلة من الدرجة (A) دون أن يمارس موقفا عدوانيا منها. وقد جاء في منتدى (r/TRP) على منصة “الريديت”، والمجموعة الذكورية على مصة الفيسبوك بأن ذكر سيجما لا يعتمد على النجاح الاجتماعي ولا يسعى إلى التملق. زيادة على ذلك، يشترك ذكر سيجما في العديد من السمات مع ذكر ألفا، لكن ما يميزه أنه لا يريد أن يكون قائدًا، ولا يهتم حقا بهرم السلطة بشكل عام. لكنه قادر على التخلص من ذكر ألفا إذا وجد أنه ضعيف على مستوى القيادة.

وبالتالي، يقع ذكر سيجما عمومًا خارج التصنيف الثنائي لألفا وبيتا. وبعبارة أخرى، فإن رجل سيجما هو شخص موجود خارج التسلسل الهرمي الاجتماعي ـ الجنسي. وعلى الرغم من أن رجل سيجما انطوائي ويرفض الذكورة السائدة في مجتمع المانوسفير، إلا أن ذلك لا يعني مطلقًا أنه يفتقر إلى المهارات الاجتماعية، فهو ذكر ناجح في الحياة (الدراسة والعمل) ويحظى بقبول كبير لدى النساء. كما أنه رجل يتمتع بدرجة عالية من الاستقلالية ولا يهتم كثيرًا بالتصورات الاجتماعية ولا يتوافق مع التوقعات؛ أي أنه يعمل على تكسير الصور النمطية ويشق طريقًا خاصًّا به خارج توقعات المجتمع.

وعلى ذكر ما سبق، نستطيع أن ننظر إلى فلسفة “رد بل” على أنها إيديولوجية متمركزة على الرجال، وأنها فلسفة شاملة وأساسية في سياق المجتمعات المتحيزة ضد المرأة والنسوية، وأن انتشار هذه الإيديولوجيا قد خلق شعورًا بأن العالم الاجتماعي لا يهتم لوجودهم. ولهذا، يجب استعادة وجودهم عن طريق استخدام كل الوسائل والأساليب الممكنة والضرورية لتحقيق أهداف الرجال (المادية والجنسية…). حيث يسعى “رجال رد بل ليس فقط لاستعادة الذكورة التقليدية ولكن أيضًا لتحويل المفاهيم الحديثة للجنس لكي تناسب احتياجاتهم الخاصة”(48)

2 ـ 2: المرأة المحظورة في مجتمع “رد بل”

تعتبر مجموعة “رد بل” على الإنترنت بأنها منصات خلقها الرجال للحديث عن مشكلاتهم مع النساء. يرى مجتمع “رد بل” بأن النساء (النسويات) يعملن على إدارة العالم دون تحمل المسؤولية عنه، ولا يُسمح لضحاياهن الذكور بتقديم أي شكوى ضدهن. وهو ما يجعل الرجال المحسوبين على “رد بل” في الغرب وفي العالم العربي يرفضون فكرة الارتباط أو الزواج من المرأة المتحررة في طبعها، لأن ذلك سوف يؤثر سلبا على الحياة العاطفية والأسرية، وسوف يؤدي في نهاية المطاف إلى الانفصال بين الأزواج وتفكيك الأسر. حيث يلاحظ بأن أنصار “رد بل” يعتمدون في الغالب على بعض الدراسات والحوارات التي لها علاقة بالقضايا التي تعزز مواقفهم من النسوية، أو المرأة التي تهدد الحياة الأسرية، وعلى وجه الخصوص، إذا كانت تعيش في بيئة متحررة ومغرية(49).

يؤثر علم النفس التطوري بشكل كبير على أنصار “رد بل”، فهم ينظرون من خلاله على أن المرأة تمتلك شكلا غريزيا للسلوك يمكن تحريره عندما تكون المرأة في بيئة مغرية وتغيب فيها الضوابط الأخلاقية. يتمثل هذا السلوك في البحث عن البدائل الذكورية التي يمكن أن تحفظ لها مصالحها ومستقبل أطفالها. وهذا التصرف نابع من جهاز قديم في دماغ الإنسان هو “الحوفي” الذي تشكل قبل القشرة المخية الحديثة. لأن جهاز “الحوفي” هو جهاز هرموني في الأساس وتأثيره كبير على سلوك الشخص(50).

أ. تقافز القردة

إحدى أهم المفاهيم المرتبطة بمجتمع “رد بل” والتي تعبر عن سلوك المرأة في البحث عن البدائل الذكورية هو ما يرتبط بتأثير فكرة “تقافز القردة” (monkey branching)(51). وهو مصطلح يستخدمه ناشطو “رد بل”(52) للتعبير عن الشخص الذي يبدأ في علاقة ويقوم بعدها بمواعدة أشخاص آخرين بينما لا يزال في علاقته الأولى، مثل إرسال الرسائل النصية، والاتصال، والمغازلة، وحتى الذهاب في مواعيد مع أشخاص ليسوا من شركائهم. وهذه الممارسة تشير إلى دخول المرأة في علاقة مع رجل قبل التخلص من علاقتها الأولى، وذلك بهدف تحديد الرجل المقصود، وهي إستراتيجية تتخذها النساء من أجل الانتقاء الجنسي.

وعلى سبيل المثال، فإن الفتاة التي تحب شابا من درجة (Omega) ضمن دائرة الممكنات والخيارات المتوفرة، يمكن لها أن تتخلى عنه إذا وجدت شابا أفضل منه من الدرجة (Beta). ويمكن لها أيضا أن تتخلى عن الشاب من درجة (Beta) إذا وجدت شابا آخر من مرتبة عالية (Alpha). فبحسب دراسة أجرتها جامعة ميسوري في عام 2003 وجدت أن الإناث يفضلن عمومًا الذكور المسيطرين كأزواج(53). وبالتالي، فهي تدعم الموقف القائل بأن المرأة تفضل الارتباط أو الزواج من شركاء ناجحين ثقافيًا أو لديهم إمكانات عالية لتحقيق النجاح. وذلك لأن الذكور المهيمنون يوفرون حماية أكبر لهن، وهو ما يجعل من الوضع الاجتماعي للرجل يعد أمرًا مهمًا في اختيارات المرأة.

عندما تجد المرأة الرجل المناسب (A) الذي يمتلك موارد ورساميل أعلى من الرجل (B)، فإنها تتجه إلى إستراتيجية تقوم على التمسك بهما معًا. وحينما تتأكد من ضمانها للرجل (A)، ومن أنه سوف يتزوجها فإنها تنهي العلاقة مع الرجل (B) من خلال تقديم له مجموعة من الأكاذيب والتبريرات المزيفة. لكن إذا لم تتمكن من الحصول على ضمانات أو فوائد من الرجل (A)، فإنها تخرجه من دائرة الممكنات والخيارات وتحتفظ بالرجل (B). ومع ذلك، هذا لا يمنعها من البحث المستمر عن خيارات أفضل لمستقبلها العاطفي والأسري. علاوة على ذلك، هناك نسخة من هذا المنطق “تعمل على مواقع TradCon يشار إليها بظاهرة “الأرملة ألفا” (Alpha Widow)، حيث تظل النساء اللواتي مارسن الجنس خارج نطاق الزواج دائمًا مسكونات بتخيلات عشاقهن السابقين من الذكور ألفا ولن يرضيها زوج بيتا ذكر إطلاقًا(54).

يعتمد أنصار “رد بل” في موقفهم على نشر مجموعة من الدراسات والمقالات والتجارب المعيشية حول خيانة المرأة، بهدف التأكيد على أن التنوع الجنسي للمرأة يوفر لها الوسائل الإضافية لدعم نفسها، عن طريق امتلاك الموارد وتمكين أطفالها في نهاية المطاف من البقاء على قيد الحياة. فضلا على أن الرجل عندما يكون غير قادر على إعالة أسرته، فإن المرأة تعتمد على مساعدة رجل آخر (العشيق). حيث إن هناك اعتقاد “بأن النساء مدفوعات للزواج من رجال داعمين عاطفيًا واقتصاديًا ويساعدهم في تربية أطفالهم. وفي الوقت نفسه، يُعتقد أن لدى النساء دافعًا بيولوجيًا متناقضًا للنوم مع الرجال الذين سيوفرون لهم “جينات جيدة” علمًا أنه لن يساعدهن بالضرورة في إعالة الأبناء”(55).

ب. أرملة ألفا

تعد أرملة ألفا (Alpha Widow) أكثر ما يخيف الرجال “رد بل”. وبالتالي، يحذر أصحاب “رد بل” من مواعدة المرأة الجميلة التي تعرف بـ”أرملة ألفا”، نظرًا إلى أنها ارتبطت واعتادت على مواعدة “رجال ألفا” الذين انفصلوا عنها؛ فهي المرأة التي ابتعد عنها رجل ألفا (A) الذي يتوفر على الموارد والرساميل العالية (الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والفيزيقية والعاطفية) والذي تجتذب إليه الكثير من النساء، لكونه يستطيع أن يساهم في حمايتهن وتلبية رغباتهن وتعزيز الرفاهية لديهن. فقد وجدت إحدى الدراسات أن الرجال يميلون إلى تفضيل النساء الشابات والجذابات، بينما النساء تميل إلى تفضيل الرجل الثري والمتعلم والطموح والجذاب(56).

وعليه، عند ارتباط المرأة (أرملة ألفا) برجل من الدرجة “B” أو “O”، وبغض النظر عن روعة ذلك الرجل من حيث لطفه معها، أو العمل الذي يشغله، فإنها سوف ترى فيه أنه فشل فشلا ذريعا في تلبية معايير ألفا التي كانت تعيشها مع صديقها أو زوجها السابق، وهو الشيء الذي يجعلها في بعض الأحيان تختار الانفصال عنه أو طلب الطلاق. حيث يتأثر قرار المرأة بالبقاء متزوجًة أو عدمه أيضًا بكمية ونوعية الموارد التي يوفرها لها(57).

إن أرملة ألفا، هي تلك المرأة الجميلة التي دخلت في علاقة عاطفية أو جنسية مع “رجل ألفا”، وهي علاقة لا تخضع بالضرورة إلى ما نسميه بالزمن العاطفي أو الزمن الجنسي، حيث يمكن لهذه العلاقة أن تستمر لمدة يوم أو أسبوعين، وربما تستمر إلى شهر أو إلى خمسة أعوام. ومع ذلك، فإن تأثير “رجل ألفا” على المرأة يكون عميقًا، لأن المرأة تكتسب نحوه شعورًا لا يمكن التخلص منه، وفي بعض الأحيان تكون غير واعية تمامًا بتأثير ذلك عليها. ولكن هذا لا يمنع أن هناك نساء استطعن التعافي من الانفصال عن رجل ألفا.

هناك اعتقاد عند مجتمع “رد بل” بأن العلاقة الأولى للمرأة برجل ألفا تترك لديها بصمة رومانسية. وبالتالي، فهو يكون مرتبطا بها مدى الحياة، لأن ارتباط المرأة برجل ألفا في لقائها يترك لديها انطباعًا دائمًا. فالمرأة (أرملة ألفا) تصبح أكثر حنينًا وتعلقًا برجل ألفا، وقد تشعر بالندم على الفرصة التي أضاعتها معه، وهو ما يجعلها في كثير من الأحيان تتمنى العودة إلى الماضي، حيث يفترضون أنه، حتى لو ارتبطت برجل ما، فإنها تقوم بمقارنته بـ “رجل ألفا” في مختلف جوانب حياتها. وهذا ما يخلق الكثير من المشكلات ويتسبب في الطلاق أو الانفصال والخيانة.

في الحقيقة، إذا أخدنا بمنطق مجتمع “رد بل”، سوف نجد عدة عوامل تدفع “أرملة ألفا” للبحث عن “رجل ألفا” في علاقتها العاطفية، وهذه العوامل مرتبطة أساسًا بقدرة الرجل على تقديم الموارد لها ولأطفالها في حالة الحمل وتفضيلها للرجل الأكبر سنا منها والذي يتماشى مع قدرته على الحصول على الموارد، إلى جانب قدرته على الإنجاب حتى سن الثمانين. ثم، معرفتها مسبقا بتفضيل الرجل للمرأة الجميلة ذات ملامح خارجية ترتبط بالشباب، مثل نعومة الجلد، وانبساط العضلات، ولمعان الشعر، وامتلاء الشفاه…(58). وهي كلها رساميل مساعدة عند المرأة في الانتقاء الجنسي المفتوح. وعليه، لا بد من أن يكون شريكها متفوقًا عليها على مستوى الموارد والرساميل.

2 ـ 3: صعود الخطاب الذكوري ضد المرأة الموظفة

كانت دعوة الناشط المغربي إلياس الخريسي الملقب بـ”الشيخ سار” عاملًا مهمًّا في إثارة الجدل بسبب إنشائه مجموعة على منصة الفيسبوك بعنوان: “مغاربة ضد الزواج بالموظفات” انخرط فيها أكثر من 57 ألف شخص(59). فقد اعتبر أن النساء الموظفات فاشلات في لعب دور الأمهات الصالحات في المجتمع المغربي، وتفضيله لربات البيوت لما تلعبنه من دور محوري في تربية الأبناء والاعتناء بأعباء المنزل. الأمر الذي عرضه لموجة من الانتقادات من طرف النساء والمؤيدين لحقوق المرأة. وعلى الرغم من حذف المجموعة، إلا أن الحملة تم تبنيها من جانب ناشطي “رد بل” على الفيسبوك، (ريد بيل المغرب ـRed pill Maroc) و(مجتمع الحبة الحمراء بالعربي ـ Red Pill Arabic community). كما ساهم إلياس الخريسي بدوره من خلال صفحته الرسمية بمشاركة مقطع فيديو على مجموعة (ريد بيل المغرب ـRed pill Maroc) يبرر فيه أسباب دعوته بعدم الزواج من المرأة الموظفة.

يدعي مجتمع “رد بل” في المغرب أنه يحاول الكشف عن أكاذيب النساء وإظهار الحقيقة التي تتمثل بأن النسوية في المغرب وباقي دول العالم تهدف أساسًا إلى إخضاع الرجال بغرض إلحاق الأذى بهم واستنزاف مواردهم. ولهذا، يحاول أفراد مجتمع “رد بل” في المغرب توظيف مجموعة من الأساليب، مثل التفكير العقلاني والتشريع الديني وعلم النفس التطوري، من أجل شرح وتبرير مواقفهم المعادية اتجاه النسويات أو الحركات النسائية. حيث تعد فكرة “رد بل” الرجال بتقديم أجوبة عن أسئلتهم حول كيفية تجنب الاستغلال من طرف النساء.

أ. الخوف من الخيانة

     تم ملاحظة العديد من التعليقات والتدوينات في المجموعتين (ريد بيل المغرب ـRed pill Maroc) (مجتمع الحبة الحمراء بالعربي ـ Red Pill Arabic community). فقد أشار الأعضاء بكون المرأة أكثر قابلية لممارسة الخيانة، خصوصا إذا كانت تعمل في القطاع العام أو مستخدمة في القطاع الخاص. ففي اعتقادهم، أنه غالبًا ما تكون المرأة الموظفة أكثر احتكاكًا بالرجال، فضلًا عن أن هناك إمكانية إجبارها على الخضوع لنزوات رئيسها أو مديرها خوفًا من فقدان الوظيفة(60). محاولين تعزيز طرحهم بروايات واقعية يتقاسمونها مع باقي الأعضاء، بغية التنبيه لخطورة الموقف والإكراهات التي يمكن مواجهتها في حياتهم اليومية. إلى جانب اعتمادهم على ما كتبته استر فيلار (Esther Vilar) بأن الوظيفة بالنسبة للمرأة هي بيئة لاصطياد الفرائس، حيث تقول: “الذهاب إلى العمل يعني بالنسبة لها المغازلة والمواعيد الغرامية والمضايقة والمزاح، مع وجود مقدار ضئيل من العمل من أجل المظاهر ـ العمل الذي كقاعدة عامة لا تملك مسؤولية تجاهه (…) في اللحظة التي تجد فيها “السيد صحيح” تتقاعد بأمان تاركة المجال لوريثاتها”(61).

يستند أفراد مجتمع “رد بل” في المغرب على التشريع الديني الذي يستوجب من المرأة الجلوس في البيت لقوله تعالى: “وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى”(62). فهم يرون في جلوس المرأة داخل البيت أمرًا ربانيًّا، من أجل ضبط سلوكها وتصرفاتها، وأن السبب الرئيس يكمن في حمايتها من الانحلال الأخلاقي الذي يروجه أعداء المرأة المسلمة، مثل النسوية؛ إذ يتوقعون من المرأة أن تقدم تضحيات من أجل زوجها، وإظهار التواضع وخدمة احتياجاته، وإظهار الشرف والاحترام لزوجها؛ في حين يُتوقع من الرجل أن يسعى باستمرار لتحقيق الثروة والمكانة الاجتماعية، والسعي دائما للحصول على مكانة أعلى حتى يحافظ على انجذاب زوجته إليه. فضلًا عن أن موقف مجتمع “رد بل” يعكس خوفهم من خيانة المرأة بسبب معرفتهم ببعض المصطلحات والمفاهيم مثل “تقافز القردة” و”أرملة ألفا” المنتشرة على شبكة الإنترنت. ونتيجة لذلك، فإن الموقف المشترك للجماعات الذكورية هو أن “النساء لديهن ضرورة تطورية للنوم مع “رجال ألفا” الذين سيزودهن بجينات جيدة، بينما يتزوجن ويستغلن “رجال بيتا” الذين سيوفرون لأطفالهن الدعم العاطفي والاقتصادي”(63).

يؤكد هذا التصور بشكل ملموس على أن أنصار مجتمع “رد بل”، متأثرين إلى حد كبير بالتفسيرات التي يقدمها علم النفس التطوري. فهناك مجموعة من الكتابات المتخصصة التي تشرح بعض السلوكيات التي تمارسها النساء من أجل الانتقاء الجنسي والبحث عن الموارد. وعلى سبيل المثال، نجد عالم النفس التطوري دافيد باس (David Buss)(64) يشير إلى أن الأدلة العلمية عبر مختلف طرق البحث والفترات الزمنية والثقافات، تؤكد الفرضية القائلة بأن النساء قد طورن تفضيلًا قويًّا لعلاقة طويلة المدى مع قرين لديه القدرة على توفير الموارد. وأحيانًا أخرى، يمكن لهن الاقتران برجل مؤقت عالي المكانة من أجل الوصول إلى دوائر اجتماعية أعلى. كما أنهن في حالة عدم حصولهن على الفوائد والموارد من خلال الاقتران بالرجل، فإنهن يعملن على الحصول عليها عن طريق معاشرة رجل آخر (العشيق)، أو اتخاذ قرار الانفصال (الطلاق) بغرض البحث عن رجل قادر على توفير الموارد والفوائد لهن.

في هذا الإطار، يستخدم أفراد مجتمع “رد بل” ما يسمى بقانون “بريفلوت” للتأكيد على أن المرأة لا تؤتمن ولا يمكن الوثوق بها، لأن القانون في نظر بريفولت يسري على كل النساء دون استثناء، والاختلاف بين النساء هو في الدرجة فقط. الأمر الذي يستوجب على الرجل أن يعرفه ويدركه قبل الاقتران بالمرأة. وعليه، يتمثل قانون بريفلوت في النتائج التالية(65):

  • على الرغم من أن المرأة قد حصلت في الماضي على منافع من علاقتها برجل، فإن هذا لا يضمن لها استمرار العلاقة معه.
  • إذا وعدت المرأة رجلًا بمواصلة علاقتها معه في المستقبل مقابل منفعة تحصل عليها منه اليوم، يصبح وعدها باطلًا بمجرد تحقيق المنفعة.
  • إذا منح الرجل وعدًا بتقديم منفعة مستقبلية لشريكته، فإن ذلك له قدرة محدودة على تأمين علاقة مستمرة مع امرأة، هذا التأثير يتناسب عكسيًا مع الفترة الزمنية حتى تأمين المنفعة، ويتناسب طرديًا مع ثقة المرأة بالرجل.
  • وبالتالي، يلاحظ أن منظور المجموعتين (ريد بيل المغرب ـRed pill Maroc) (مجتمع الحبة الحمراء بالعربي ـ Red Pill Arabic community) لا يختلف عن منظور رجال “رد بل” في المنصات والمواقع الغربية حول بحث المرأة عن بدائل ذكورية. ولذلك، نجد أن فكرة رجل “رد بل المثالي” هو الشخص الذي لن يسمح لأي امرأة تحت وصايته بالسفر إلى الخارج أو الذهاب إلى مكان ما من دونه، خشية أن تستسلم لشخص آخر عندما تكون بعيدة عن نفوذه. لأن هناك بعض الدراسات المتكررة التي تدعم الخيانة الزوجية، مثل دراسة أليسيا والكر (Alicia Walker)(66)، ودراسة وينزداي مارتن (Wednesday Martin)(67)؛ وهي دراسات تؤكد أن ما يقال حول الرجال بأنهم في الغالب من يخونون لأن شريكة حياتهم تفقد اهتمامها بالجنس هو رأي عفا عليه الزمن. إذ تشير الدراستان إلى أن المرأة في الوقت الراهن، هي أكثر من تكافح للبحث عن شركاء جدد، لأنها تشعر بالملل في غرفة النوم، إلى جانب شعورها بالتمكين في كثير من الأحيان حيث يمكنها التخلص من قواعد المجتمع. وليس الغرض من الإشارة لهذه الدراسات، هو إثبات أن المرأة غير مخلصة، لأنه من الصعب ولأسباب موضوعية الحصول على بيانات موثوقة، ولكن الغرض هو الإشارة إلى التحولات الاجتماعية التي تدفع بعض الرجال إلى كراهية النساء والخوف من خيانتهن. 

ب. وظيفة المرأة لا تناسب الحياة الأسرية

يقدم أعضاء مجتمع “رد بل” مجموعة من التبريرات والمواقف الرافضة للزواج من المرأة الموظفة أو العاملة، نظرًا إلى أن عمل الزوجة لا يساعد في السير العادي للعلاقة الزوجية، وقد يؤدي إلى خلافات عميقة بين الأزواج بسبب خروج المرأة من البيت الزوجية لساعات طويلة. فهناك من يعتبر أن خروج المرأة إلى العمل ساهم في زعزعة استقرار العلاقات بين الجنسين، والسلطة بين الزوجين.

ولتأكيد موقفهم، قام أنصار “رد بل” بمشاركة بعض الدراسات بغرض تأكيد رفضهم لخروج المرأة إلى العمل. وقد كانت من بينها، دراسة أنجزها “معهد دراسات الأسرة الأميركي”(68)، وجاءت فيها: أن الخلاف والنزاع بين الأزواج الذين لديهم أطفال، لا يرتبط بالمال، أو التعب الشديد من أجل الجنس، أو الاهتمام بالأطفال، على الرغم من أن هذه الموضوعات يبقى عليها الخلاف دائمًا بين الأزواج. وإنما الخلاف الأكبر والأكثر شيوعًا هو ما يتعلق بالأعمال والمسؤوليات. فقد أشار ما يقرب من نصف الأزواج الذين لديهم أطفال في سن الروضة (49%) إنهم جادلوا حول الأعمال والمسؤوليات. في حين أن 43% كان يجادل حول المال، و41% حول الأطفال، و38% حول كونهم متعبين جدًّا من ممارسة الجنس. وأن الأزواج الذين كانوا يتجادلون حول الأعمال المنزلية، كانوا أقل سعادة بجودة علاقاتهم الزوجية. فالأزواج الذين أبلغوا عن المزيد من الخلافات كانوا أكثر عرضة للانفصال أو الطلاق، وكان أطفالهم أكثر عرضة للإصابة بمشكلات عاطفية أو سلوكية في المنزل والمدرسة.

وكنتيجة، فإن مثل هذه المنشورات التي تتم في وسط ذكوري على منصات التواصل الاجتماعي، من شأنه أن يؤدي إلى تحقير دور المرأة خارج البيت. كما أن هناك نشطاء مغاربة مثل لوكسمبورغ دوغلاس (Luxembourg Douglas)(69)، وهو أحد أهم ناشطي “رد بل” في المغرب، اعتمدوا في موقفهم من المرأة الموظفة على دراسات وأبحاث في العلوم الاجتماعية(70)، للتأكيد على أن عمل المرأة يؤدي بها إلى الطلاق(71). هذه الدعوات الذكورية، من شأنها أن تساهم في نشر بعض الصور النمطية عن المرأة الموظفة أو العاملة، من قبيل: المرأة مكانها في البيت، والموظفة لا تصلح للزواج، لأنها لا تستطيع الموازنة بين الحياة الأسرية ووظيفتها. فهناك اعتقاد بين الرجال بأن على المرأة أن تمتهن الأعمال الوردية، بينما على الرجل أن يعمل ويمتهن الأعمال الزرقاء.

ولذلك، يتم النظر إلى الذكورة التقليدية في المجتمع المغربي على أنها تعبر عن مجموعة من الممارسات الاقتصادية والاجتماعية والتصورات الثقافية المرتبطة بكون المرء رجلًا. فأن تكون رجلًا، معناه أن تكون قادرًا على جلب أو استخراج الموارد بغرض الإنفاق، و”أن تكون عقلانيا وحكيما، وأن تكون دائما في المقدمة، وأن تأخذ زمام المبادرة وتكون قادرا على القيام بمهام صعبة”(72). كما أن المجتمع المغربي يصنف الرجال إلى نوعين: الأول هو “الراجل” الذي يعبر عن الصرامة والقوة والحزم والقوامة. والثاني هو “الرويجل” الذي يعبر عن الرجل الضعيف واللين(73) أمام المرأة. وعليه، يرى أعضاء مجتمع “رد بل” أن النساء يقسمن الرجال بين ذكور ألفا وذكور بيتا، وأن النساء يفضلن ذكور ألفا (أصحاب الموارد والسلطة) على ذكور بيتا. فرجال ألفا يتم التعامل معهم باحترام تام من طرف جل النساء. أما رجال بيتا، فإنهم معرضون في أي وقت إلى الازدراء والمعاملة السيئة من طرف النساء.

زيادة على ذلك، يرى أعضاء المجموعتين “رد بل” أن الزواج ليس ضروريًا بالنسبة إلى الرجل. وأن على الرجل في البداية، أن يركز كثيرًا على بناء مستقبله المادي وأن يعمل على تطوير نفسه على جميع الأصعدة، وبالتالي ألا يجبر نفسه على الزواج من امرأة وهو في مستوى اقتصادي ضعيف. فالزواج في الأصل لمن له الباءة: “من استطاع منكم الباءة فليتزوج”(74). وبناء عليه، فإن الزواج ليس سببًا للرفاهية الاقتصادية فحسب، بل هو نتيجة أيضًا؛ حيث تشير الدراسات السوسيولوجية بأن الأشخاص الذين يتمتعون بأفضل الآفاق الاقتصادية يمكن أن يكونوا أكثر الناس إقبالا على الزواج، والنتيجة هو التمتع بزواج أكثر استقرارًا. بالمقابل، يميل الطلاق بين من هم أقل حظًا اقتصاديًّا في المقام الأول، حيث تظهر الأبحاث باستمرار أن احتمال الطلاق يرتبط ارتباطًا عكسيًّا بمؤشرات الحالة الاجتماعية الاقتصادية، مثل دخل الأسرة والتحصيل التعليمي، ويرتبط ارتباطا إيجابيا بالصعوبات الاقتصادية(75)، كما أنه قد يميل إلى النساء العاملات بدوام كامل.

وباختصار، إن تنامي إيديولوجية “رد بل” في المغرب، ودعمها بالدراسات والبحوث العلمية التي تتوافق مع منظور الحركة، قد تؤدي إلى تشجيع الرجال بعدم الزواج من المرأة الموظفة أو العاملة، حيث رأينا في المجموعتين (ريد بيل المغرب ـRed pill Maroc) (مجتمع الحبة الحمراء بالعربي ـ Red Pill Arabic community) أن بعض الرجال الذين ابتلعوا الحبة الحمراء (الإيديولوجيا) قد قرروا وأعلنوا الانفصال عن خطيباتهم بسبب شعورهم بالخداع والاستغلال، إلى جانب اعتقادهم أيضًا بأن الزواج ما هو إلا فخ بالنسبة إلى الرجل. وتبعا لذلك، يمكن أن يؤدي برجل “رد بل” إلى تبني مواقف أكثر راديكالية، مثل موقف الحركة الأميركية “الميغاتو” (MGTOW)، التي تعني “الرجال السائرون في طريقهم الخاص” (Men Going Their Own Way)(76)، وهو ما رأيناه مؤخرًا عندما تبنى الناشط المغربي (Luxembourg Douglas) موقف “الميغاتو”، وعبر عنه في مقطع فيديو تحت عنوان: “أنا شاب مغربي وأخذت القرار”.

نقاط نقدية

مثل هذه التبريرات التي يقدمها رجال الحبة الحمراء أو مجتمع “رد بل” قد يرفضها البعض وقد يقبلها البعض الآخر. قد تبدو التبريرات بعيدة عن الحقيقة، ومن الممكن أن يعتبرها البعض حقيقة موضوعية. ومع ذلك، فإنني أزعم أن مثل هذا المنظور، كما وصفته، يفتح زاوية للتفكير النقدي حول مجتمع “رد بل”.

إن فكرة الحبة الحمراء هي استعارة من فيلم المصفوفة؛ مورفيوس الذي يمد يديه إلى نيو ليكشف له عن حبتين صغيرتين: تأخذ الحبة الزرقاء فإنك تبقى في واقع مزيف، وتصدق ما تريد أن تصدقه. أما في حالة أخذك للحبة الحمراء فإنك تستيقظ من واقع مزيف، وتصبح مقتنعًا بنظرية المؤامرة. غير أن المشكلة التي أجدها عند رجال “رد بل” عمومًا، هي أن الواقع الذي يتم تقديمه قائم على الكراهية والتمييز والإقصاء ضد المرأة، كما أن الواقع لا يستند إلى حقائق أو أدلة سليمة، بل هي بالأحرى مجموعة معقدة من التخمينات والتبريرات التي يمكن أن تكون ساذجة أحيانًا.

لا يمكن بأي حال من الأحوال، أن نتفق مع رجال “رد بل” في تصوير النساء على أنهن يمثلن “الشر المطلق” من خلال استنادهم إلى علم النفس التطوري بهدف تبرير كراهيتهم أو مواقفهم السلبية اتجاه النساء. كما أن الدراسات التي تم الاستناد إليها يتم تعميمها على جميع النساء، وهو ما لا يمكن الأخذ به في ظل اختلاف الثقافات ودرجة الحرية التي تتمتع بها النساء. ومع ذلك، لا نختلف معهم بكوننا في الحاجة فعلًا إلى الفلسفة والعلوم الاجتماعية، باعتبارها أدوات مساعدة في فهم القضايا التي تعاني منها المجتمعات، مثل الطلاق والخيانة الزوجية والعنف والفروق الجنسية وغيرها.

في مجتمع “رد بل” على الإنترنت، ينظر رجال الحبة الحمراء إلى أنفسهم بوصفهم ورثة وحماة للتقاليد الكلاسيكية. بالنسبة لهم، يجب حماية التقاليد الذكورية من أي سياسة تقدمية تهدف إلى زعزعة السلطة عند الرجل أو مكانته داخل المجتمع. ومع ذلك، لا يمكننا أن نمنع المرأة من حقها في مشاركة الرجل ومنافسته على السلطة وتحقيق مكانة أعلى في المجتمع على الرغم من أن التمايز بين الجنسين سيظل حقيقة مؤكدة لا يمكن إنكارها، وكما يقول ليبوفتسكي: “التباين الجنسي مستمر رغم محاولة (التقدم) وديناميكية التكافؤ إزالتها، لكن التحليل المفصل للمعطيات يؤكد أنه حتى طرح التكنولوجيات الأكثر تقدمًا لم يؤدِّ إلى تراجع التمايز الجنسي في العمل وإلى عدم التأهل النسائي، بل استطاع إعادة تكوينها على أحسن وجه. وصارت تعمل بنظام كامل في صميم الزمن الحاضر، فالتوجهات المدرسية تظهر أن مسيرة تطلعات الفتيات والفتيان تظل متباعدة جوهريًا. وفي قلب التعليم المهني الهيمنة الذكورية صارخة في تعلم مهن مثل البناء والصناعة، والأولوية لدى الفتيات ترتبط بمهن مثل تصفيف الشعر والسكرتارية والأزياء والصحة، (…) حتى وإن لم تعد أي مهنة تعتبر معقلًا حصريًا للذكور، وإن خطت الفتيات بأعداد أكبر من الفتيان نحو التعليم الجامعي، فالفصل في التوجهات وفقًا للجنس هو أمر واضح وضوح الشمس (…) نتوهم كثيرًا إذا اعتقدنا أن ديناميكية المساواة تُعِد لعالم بجنس واحد: فإعادة الإنتاج الاجتماعي للاختلاف الجنسي تظل عملية متواشجة مع أزمنة ما بعد الحداثة”(77).

يمارس رجال “الحبة الحمراء” الإساءة والسخرية من المرأة على الإنترنت، لأنهم يشعرون بالخوف والتهديد من القوانين التي يعتبرونها غير منصفة لهم، نظرًا إلى أنهم أكثر عرضة للمشكلات الصحية والانتحار والموت بسبب التحديات والمشكلات التي يواجهونها سواء في بيئة العمل أو في الحياة الأسرية. لأنه بغض النظر عن مكانة الرجال في المجتمع أو في القبيلة، فإنه على مر الزمن، كان على الرجال عبء النجاح أو الموت. وكانوا دائمًا بمفردهم وعلى معرفة بأنه لا أحد سوف يأتي لإنقاذهم. وعلى الجانب الآخر، لا يمكن إنكار أن المرأة كانت وما تزال تواجه مجموعة من المعيقات والتحديات في مجال الحقوق، لكونها تمثل الجنس الأضعف. وربما هذا ما جعلها تعاني التمييز والعنف والاضطهاد في مختلف المجتمعات الإنسانية. وعليه، فإن الإساءة والسخرية من المرأة على منصات التواصل الاجتماعي، لن يساعد إلا في تعزيز الكراهية وتقسيم المجتمعات بين الجنسين، كما لن يمنع المرأة من الخروج أو العمل. لأن الحركات النسوية تهدف إلى تمكين المرأة ودفعها نحو التعاون مع باقي النساء لكي يصبحن أكثر جماعية بغرض الوقوف إلى جانب النساء الأخريات في أي نوع من الصراع الثقافي أو ثنائي الجنس.

تدفع فلسفة “رد بل” الرجال إلى تحمل المسؤولية والنضال بغرض الارتقاء إلى مستوى اجتماعي أعلى. ولكن هذا لا يمنعهم من إظهار الكراهية نحو النسوية، لأنهم يرون فيها على أنها تريد من الرجل أن يكون عبدا للمرأة من خلال اللعب على وتر الضحية. وكما يشير ليبوفتسكي فإن “الحديث عن هستيريا الضحية لا يعني أن العنف الممارس على المرأة هو وحي الخيال؛ فسوء المعاملة والاعتداءات الجنسية أمر لا يمكن إنكاره. في المقابل نرى أن الإحصائيات المخيفة التي يلوح بها أنصار النسوية قابلة للجدل، ويجب ألا تخدعنا حيادية الأرقام، فوراء موضوعية الأرقام الظاهرية يتوارى مشروع أيديولوجي لإعادة كتابة الواقع”(78). وبناء عليه، فإن رجال “رد بل” مدركين لهذا الوتر الحساس، ويصرون في مناقشتهم على إجبار النساء على التكيف مع حياة الرجل والخضوع له بشكل مطلق؛ حيث يجب على الرجل أن يعامل المرأة مثل الملكية الخاصة وليس كشريك في الحياة.

يطالب مجتمع “رد بل” أن يكون الرجل هو المسيطر على الموارد والقوي لاجتذاب النساء. وفي الوقت نفسه، ينتقد انجذاب النساء إلى الرجل الذي يمتلك الموارد ضمن سياق اجتماعي وثقافي ذكوري يجعل من قيمة الرجل تختزل فيما يملك من موارد، حيث ننسى أن غياب المساواة هو ما أسهم في بروز إستراتيجيات النساء المضادة القائمة على استغلال الرجل الذي يجعل منها متاع له ثمن يختلف حسب ما تمتلكه من مقومات جسدية. كما أن مجتمع “رد بل” يدعو إلى محاكاة المجتمعات الحيوانية التي يكون فيها ذكر مسيطر يمتلك الموارد. وبالتالي العودة إلى حرب الذكور على غرار ما يحدث لدى الحيوانات، وهذه الحرب تبرز من خلال تقسيم الذكور إلى أصناف متمايزة.

يرفض رجال “رد بل” أن تكون عند نسائهم علاقات سابقة أو أية علاقة برجال بعد الارتباط أو الزواج، وهذا حقهم الطبيعي، لأنه من المفروض على النساء إظهار الشرف والاحترام لأزواجهن. غير أنهم يصرون على أنه لا يمكن الوثوق بالمرأة إطلاقًا مهما كانت الظروف والمبررات الخاصة بها. ومع ذلك، فإن عدم الثقة بين الرجل والمرأة يمكن أن يخلق مشكلات كثيرة بينهما، لأن العلاقة يجب أن تكون مبنية على الثقة والاحترام بين الرجل والمرأة. فحينما يحب شخصان بعضهما بعضًا، فإنه من المفروض أن يضحيا ويعملا معًا لتحقيق أحلام وأهداف كل شريك. وبالتالي، فالحب والثقة يساعدان الرجال والنساء معا على تلبية احتياجاتهم.

على سبيل الختام

يكتسب الرجال من خلال الحبوب الحمراء رؤى متنوعة حول النساء. فمن خلال التجارب السيئة التي يتم نشرها ومشاركتها على منصات التواصل الاجتماعي، فإن الرجال يكتسبون المناعة ضد الفكر النسوي. حيث تلعب مجموعات “رد بل” على تعزيز فكرة أن النسوية تهدد مكانة الرجل في المجتمع. وأن امتياز الرجل مهدد من خلال تأنيث المجتمع، مثل زعزعة استقرار سوق العمل، وارتفاع في نسبة الطلاق. فضلا على أنها تسعى لتأمين نفسها من خلال تعزيز مفهوم الذكورة الإيجابية.

يمكن النظر إلى أنصار مجتمع “رد بل” على أنهم يمتلكون موقفًا سلبيًّا من الفكر النسوي، الذي يحاول تعظيم معاناة المرأة على حساب معاناة الرجل. وعلى ما يبدو، يعاني غالبية الرجال في مجتمعات “رد بل” من كونهم لا يكسبون التعاطف والتقدير على الرغم من التضحيات التي يقدمونها. بالمقابل، يرون في المرأة أنها تستغل ضعفها، من خلال ترويج فكرة الضحية والمظلومية، لكي تكسب التعاطف بهدف الوصول إلى مواقع مهمة أو لتحقيق رهاناتها الخاصة، أو لأغراض أخرى.

من جانب آخر، يتوقع أفراد مجتمع “رد بل” بالمغرب أن الرجل إذا كان من ذكور (ألفا) فإن النساء سوف تُظهر الاحترام والوفاء في علاقاتهن الرومانسية، والتكيف مع حياة الرجل من أجل مصلحته ومصلحتها. ولهذا، تأتي أهمية فلسفة “رد بل” في كونها تساعد الرجل في تحسين حياته باستمرار وتعزز أهدافه، وتدفع المرأة أيضًا إلى دعمه للوصول إلى تلك الأهداف.

وبناء على ما سبق، فإن تجاهل هذه الأنواع من التفاعلات، يمكن أن يؤدي إلى تعزيز الانقسامات بين الرجال والنساء في المجتمعات الإنسانية. فهناك تخوف من تنامي العداء ضد المرأة من طرف الحركات الذكورية التي تدخل ضمن المانوسفير. ومع ذلك، لا يزال من الصعب تصنيف “رد بل” بشكل صحيح، لأن المجتمع المغربي غير مبالي بالطرق التي يقدم بها أصحاب “رد بل” أنفسهم إلى المجتمع بسبب غيابهم على أرض الواقع.

المراجع المعتمدة

  • باس، دافيد. (2009)؛ علم النفس التطوري: العلم الجديد للعقل، ترجمة مصطفى حجازي، ط 1، الدار البيضاء ـ المغرب: المركز الثقافي العربي/أبوظبي ـ الإمارات العربية المتحدة: مشروع كلمة.
  • إيفانز، ديلان/زاريت، أوسكار. (2016)؛ علم النفس التطوري: دليل مصور يحكي قصة تطور العقل البشري، ترجمة أحمد موسى، ط 1، القاهرة ـ مصر: المركز القومي للترجمة.
  • ليبوفتسكي، جيل. (2012)؛ المرأة الثالثة: ديمومة الأنثوي وثورته، ترجمة دينا مندور، ط 1، القاهرة ـ مصر: المركز القومي للترجمة.
  • Angela Confidential Psy.D. (2018) ; How to Destroy A Man Now (DAMN). A Handbook-Lemons to Lemonade Publishing, LLC .
  • Briffault, Robert. (1931) ; The Mothers (Vol. I). New York, NY: The Macmillan Company. P. 191
  • Cashdan, Elizabeth. (1996). Women’s mating strategies. Evolutionary Anthropology: Issues, News, and Reviews, 5(4), 134–143.
  • Charmaz, Kathy. (2006) ; « Constructing grounded theory ». Los Angeles-SAGE Publications.
  • Cooper, Richard. (2020) ; « The Unplugged Alpha : The No Bullsh*t Guide to Winning With Women and Life ».  Entrepreneurs in Cars.
  • Dialmy, Abdessamad. (2009) ; « Vers une nouvelle masculinité au Maroc ». CODESRIA, Dakar.
  • Dignam, Pierce Alexander. & Rohlinger, Deana A.( 2019); «Misogynistic Men Online: How the Red Pill Helped Elect Trump». Signs: Journal of Women in Culture and Society 44, no. 3: 589-612.
  • Farrell, Warren. (1994) ; The Myth of Male Power : Why Men Are the Disposable Sex. Fourth Estate.
  • Folke, Olle & Rickne, Johanna. (2016) ; « All the Single Ladies: Job Promotions and the Durability of Marriage». Workin Paper Series 1146, Research Institute of Industrial Economics.
  • Geary, D. C., Vigil, J., & ByrdCraven, J. (2004). Evolution of human mate choice. Journal of Sex Research, 41(1), 27–42.
  • Ging, Debbie. (2019). « Alphas, Betas, and Incels ». Men and Masculinities, Vol. 22(4).
  • Hartley, Dale. (2016) ; « Briffault’s Law: Women Rule Why can’t a woman be more like a man? ». psychologytoday, Posted October 31, 2016. In web : https://t.ly/NKHb
  • Martin, Wednesday. (2018) ;Untrue :  Why Nearly Everything We Believe About Women, Lust, and Infidelity Is Wrong and How the New Science Can Set Us Free-Little, Brown Spark.
  • Mountford, J. (2018) ; « Topic Modeling The Red Pill » . Social Sciences, 7(3), 42.
  • Poortman, A.-R. (2005) ; «Women’s Work and Divorce: A Matter of Anticipation? A Research Note». European Sociological Review, 21(3), PP. 301–309.
  • Smith, Dorothy E. (1990) ; The conceptual practices of power : A feminist sociology of knowledge. Northeastern University Press.
  • Smith, Helen. (2013) ; « Men on Strike : Why Men Are Boycotting Marriage, Fatherhood, and the American Dream-and Why It Matters ». Encounter Books. 
  • Smock, Pamela J. & Manning, Wendy D. & Gupta, Sanjiv. (1999 ); «The Effect of Marriage and Divorce on Women’s Economic Well-Being». American Sociological Review, Dec., 1999, Vol. 64, No. 6 (Dec., 1999), PP. 794-812.
  • Sommers, Christina Hoff. (2001) ; « The WAR AGAINST BOYS: How Misguided Feminism Is Harming Our Young Men Paperback ». Simon & Schuster.
  • Tomassi, Rollo. (2017) ; The Rational Male : Positive Masculinity. Counterflow-Media-LLC.
  • Tomassi, Rollo. (2022) ; The Rational Male : The Players Handbook, A Red Pill Guide to Game. Counterflow Media.
  • Van Valkenburgh, S. P. (2021). « Digesting the Red Pill: Masculinity and Neoliberalism in the Manosphere ». Men and Masculinities.
  • Vilar, Esther. (1972) ; The Manipulated Man. Farrar, Straus and Giroux .
  • Walker, Alicia M. (2018) ; The Secret Life of the Cheating Wife: Power, Pragmatism, and Pleasure in Women’s Infidelity, Lexington Books: Lanham, MD.
  • Zill, Nicholas. (2020) ; «What Couples with Children Argue About Most». Institute For Family Studies. JULY 29, 2020.
  • Zuckerberg, Donna . (2018) ; Not All Dead White Men: Classics and Misogyny in the Digital Age. Harvard University Press.

     

(1). “مانوسفير” مفهوم شامل يشير إلى عدد من المنظمات والحركات والمجتمعات التي تشترك في معاداة المرأة. إنه يشمل أنواعًا من الخطابات التي تظهر تفوق الذكور على النساء والتي تنشط على شبكة الإنترنت، مثل نشطاء حقوق الرجال (MRAs)، والميغتاو (MGTO)، ريد بيل (Red Pill)، وفنانين الإغواء (PUAs).

(2). Charmaz, Kathy. (2006) ; « Constructing grounded theory ». Los Angeles-SAGE Publications, P.14.

(3). مجموعة غربية: https://www.facebook.com/groups/321963376366709

(4). مجموعة مغربية: https://www.facebook.com/groups/1191841835062692

(5). مجموعة مغربية: https://www.facebook.com/groups/499638954900974 

(6). Van Valkenburgh, S. P. (2021). « Digesting the Red Pill: Masculinity and Neoliberalism in the Manosphere ». Men and Masculinities, P.87

(7). Mountford, J. (2018) ; « Topic Modeling The Red Pill » . Social Sciences, 7(3), 42. P.2. 

(8). Van Valkenburgh, S. P. (2021). Op. Cit, P.89.

(9). Ibid, P.89.

(10). Angela Confidential Psy.D. (2018) ; How to Destroy A Man Now (DAMN). A Handbook-Lemons to Lemonade Publishing, LLC .

(11). Donna Zuckerberg . (2018) ; Not All Dead White Men: Classics and Misogyny in the Digital Age. Harvard University Press , P.1.

(12). Esther Vilar. (1972) ; The Manipulated Man. Farrar, Straus and Giroux .

(13). Donna Zuckerberg . (2018) ; Op. Cit, P.4.

(14). Warren Farrell. (1994) ; The Myth of Male Power : Why Men Are the Disposable Sex. Fourth Estate.

(15). Rollo Tomassi. (2022) ; The Rational Male : The Players Handbook, A Red Pill Guide to Game. Counterflow Media.

(16). Richard Cooper. (2020) ; The Unplugged Alpha : The No Bullsh*t Guide to Winning With Women and Life. Entrepreneurs in Cars

(17). Van Valkenburgh, S. P. (2021). Op. Cit, P.90.

(18). Ibid, P.90.

(19). Robert Briffault. (1931) ; The Mothers (Vol. I). New York, NY: The Macmillan Company. P. 191

(20). Dorothy E. Smith. (1990) ; The conceptual practices of power : A feminist sociology of knowledge. Northeastern University Press , P.23.

(21). Debbie Ging. (2019). « Alphas, Betas, and Incels ». Men and Masculinities, Vol. 22(4), P.639.

(22). Mountford, J. (2018) ; Op. Cit, P.2.

(23). هيلين سميث طبيبة نفسية شرعية في نوكسفيل، تينيسي، وهي متخصصة في الأطفال والشباب البالغين العنيفين

(24). Helen Smith. (2013) ; « Men on Strike : Why Men Are Boycotting Marriage, Fatherhood, and the American Dream-and Why It Matters ». Encounter Books.

(25). كريستينا ماري هوف سومرز (مواليد 1950) هي مؤلفة وفيلسوفة أميركية متخصصة بالأخلاق، وهي باحثة مقيمة في معهد أميركان إنتربرايز 

(26). Christina Hoff Sommers. (2001) ; « The WAR AGAINST BOYS: How Misguided Feminism Is Harming Our Young Men Paperback ». Simon & Schuster. (27). استر فيلار هي طبيبة وكاتبة أرجنتينية ألمانية ولدت في عام 1935، درست الطب ثم درست علم النفس وعلم الاجتماع، لها مجموعة من الكتب، أهمها “فن التلاعب بالرجل”، الذي صدر في فترة السبعينيات من القرن الماضي، في ذروة بداية صعود الحركات النسوية. 

(28). Esther Vilar. (1972) ; Op. Cit, P.148.

(29). جيل ليبوفتسكي. (2012)؛ المرأة الثالثة: ديمومة الأنثوي وثورته، ترجمة دينا مندور، ط 1، القاهرة ـ مصر: المركز القومي للترجمة، ص: 59. 

(30). المرجع نفسه، ص: 29 ـ 30. 

(31). Pierce Alexander Dignam, and Deana A Rohlinger.( 2019); «Misogynistic Men Online: How the Red Pill Helped Elect Trump». Signs: Journal of Women in Culture and Society 44, no. 3: 589-612., P.595.

(32). Debbie Ging. (2019). Op. Cit, P.649. 

(33). Ibid, P.644. 

(34). كثيرًا ما استخدم مصطلح “كلاب المال” في الو.م. الأميركية، للتعبير عن المرأة التي تلهت وراء المال والموارد الاقتصادية. وقد ظهر هذا المصطلح على منصات التواصل الاجتماعي في أحد المقالب والتجارب الاجتماعية التي يقوم بها الرجال نحو النساء بغرض كشف طمعهم وخيانتهم. (35

. يستخدم الشباب المغربي من الذكور مصطلح “القهويات” للتعبير على النساء القبيحات والشريرات والمنحرفات والمستغلات لتضحيات الرجل. كما أنه لفظ يعبر عن المرأة التي لم تحترم القواعد الأخلاقية والاجتماعية. فهي المرأة المنحرفة في سلوكياتها.

(36). Van Valkenburgh, S. P. (2021). Op. Cit, P.89. 

(37). Ibid, P.89

(38). Van Valkenburgh, S. P. (2021). Op. Cit, P.85. 

(39). Mountford, J. (2018) ; Op. Cit, P.4.

(40). Rollo Tomassi. (2017) ; The Rational Male : Positive Masculinity. Counterflow-Media-LLC. 

(41). Mountford, J. (2018) ; Op. Cit, P.8.

(42). تدرك المرأة أن أفضل وسيلة لضمان قرب الرجل منها هو استنزاف جيبه، لأنها تعتقد أن استنزاف جيب الرجل من خلال طلباتها سوف يمنعه من التفكير أو الذهاب إلى إمرأة أخرى، وذلك حتى لا يخسر أمواله عليها. وهذه العملية تحدث في كل السياقات العاطفية (المواعدة ـ الخطوبة ـ الزواج).

(43). Van Valkenburgh, S. P. (2021). Op. Cit, P.91.

(44). رجل متوسط لم يأخذ الحبة الحمراء بعد وهو أدنى من ذكر ألفا. ويسميه مجتمع ريد بيل بالمغرب باسم “حميدة” وهو الرجل المتوهم بفكرة أن إسعاد المرأة بتحقيق كل طلباتها سوف يجعلها تقبل به في حياتها، كما أن الاسم يشير إلى الرجل الذي يضعف أمام المرأة وإغراءاتها.

(45). Debbie Ging. (2019). Op. Cit, P.650.

(46). Pierce Alexander Dignam, and Deana A Rohlinger.( 2019); Op. Cit, P.600.

(47). تيودور روبرت بيل (المعروف باسمه المستعار Vox Day)، هو مدون يميني متطرف ومعروف بشكل أساسي بالتدوين لدعم سياسات اليمين البديل والفاشية الجديدة والمتفوقين للبيض.

(48). Pierce Alexander Dignam, and Deana A Rohlinger.( 2019); Op. Cit, P.601.

(49). يتم استخدام مقاطع فيديو متعلقة بالمقابلات التي أجراها عالم النفس الكندي جوردن بيترسون مع وسائل الإعلام كدليل على تناقضات النسوية. كما يعتمدون على بعض الحوارات التي أجراها الملاكم والناشط الأميركي أندرو تيت (Andrew Tate) أمام النسويات.

(50). مقطع فيديو لبرنامج رحلة في الذاكرة، موضوع الحلقة “كيمياء الحب”، قناة روسيا اليوم، تم مشاركته على صفحة (مجتمع الحبة الحمراء بالعربي ـ Red Pill Arabic community) بتاريخ 20 تموز/ يوليو 2022.

(51). Debbie Ging. (2019). Op. Cit, P.649.

(52). تم استعارة هذا السلوك من خلال سلوك القردة لأنها تتبع إستراتيجية عند الانتقال من غصن لآخر، فالقرد لا يقفز إلى غصن جديد، حتى يمسك بالغصن الذي سيقفز إليه، أي أنه لا يترك الجذع الأول إلا بعدما يتمسك بالجذع الثاني.

(53). Geary, D. C., Vigil, J., & Byrd‐Craven, J. (2004). Evolution of human mate choice. Journal of Sex Research, 41(1), 27–42. 

(54). Debbie Ging. (2019). Op. Cit, P.650. 

(55). Van Valkenburgh, S. P. (2021). Op. Cit, P.92.

(56). Cashdan, Elizabeth. (1996). Women’s mating strategies. Evolutionary Anthropology: Issues, News, and Reviews, 5(4), 134–143. 

(57). Geary, D. C., Vigil, J., & Byrd‐Craven, J. (2004). Op. Cit, P.30.

(58). ديلان إيفانز وأوسكار زاريت. (2016)؛ علم النفس التطوري: دليل مصور يحكي قصة تطور العقل البشري، ترجمة أحمد موسى، ط 1، القاهرة ـ مصر: المركز القومي للترجمة. 

(59). تم افتتاح المجموعة في أواخر شهر دجنبر 2022. ولكنها تعرضت للاختراق وتم إقفالها من طرف هاكر وحذفها بسبب التبليغ ضدها من طرف المعارضين للحملة.

(60). تكررت كلمة “مدير” بين النشطاء أكثر من أي كلمة أخرى.

(61). Esther Vilar. (1972) ; Op. Cit, P.150-151.

(62). القرآن الكريم، سورة الأحزاب، الآية 33.

(63). Van Valkenburgh, S. P. (2021). Op. Cit, P.92.

(64). دافيد باس. (2009)؛ علم النفس التطوري: العلم الجديد للعقل، ترجمة مصطفى حجازي، ط 1، الدار البيضاء ـ المغرب: المركز الثقافي العربي/أبوظبي ـ الإمارات العربية المتحدة: مشروع كلمة.

(65). Dale Hartley. (2016) ; « Briffault’s Law: Women Rule Why can’t a woman be more like a man? ». psychologytoday, Posted October 31, 2016. In web : https://t.ly/NKHb

(66). Alicia M Walker. (2018) ; The Secret Life of the Cheating Wife: Power, Pragmatism, and Pleasure in Women’s Infidelity, Lexington Books: Lanham, MD.

(67). Wednesday Martin. (2018) ;Untrue : Why Nearly Everything We Believe About Women, Lust, and Infidelity Is Wrong and How the New Science Can Set Us Free-Little, Brown Spark.

(68). Nicholas Zill. (2020) ; «What Couples with Children Argue About Most». Institute For Family Studies. JULY 29, 2020. 

(69). لوكسمبورغ دوغلاس (مجهول الهوية) يعتبر من أهم نشطاء حركة ريد بيل في المغرب، ينشط كثيرًا على منصات التواصل الاجتماعي (الفيسبوك/اليوتوب)، ويقدم محتويات حول أفكار ريد بيل، وله اسم مستعار على تطبيق تيك توك تحت اسم (gentlemanstalk1). 

(70). Olle Folke & Johanna Rickne. (2016) ; « All the Single Ladies: Job Promotions and the Durability of Marriage». Workin Paper Series 1146, Research Institute of Industrial Economics. 

(71). Poortman, A.-R. (2005) ; «Women’s Work and Divorce: A Matter of Anticipation? A Research Note». European Sociological Review, 21(3), PP. 301–309.

(72). Abdessamad Dialmy. (2009) ; « Vers une nouvelle masculinité au Maroc ». CODESRIA, Dakar, P.28. 

(73). Ibid, PP.14-15.

(74). حديث شريف.

(75). Pamela J. Smock, Wendy D. Manning and Sanjiv Gupta. (1999 ); «The Effect of Marriage and Divorce on Women’s Economic Well-Being». American Sociological Review, Dec., 1999, Vol. 64, No. 6 (Dec., 1999), PP. 794-812, P.796.

(76). “الميغاتو” حركة ذكورية راديكالية كارهة للنساء تنشط على الإنترنت. وهي حركة ترفض فكرة المساواة بين الرجل والمرأة، وتنتقد المنظمات والجمعيات الحقوقية التي تدافع عن المرأة، لكونها تسعى إلى تدمير مكاسب الرجل وسلب ممتلكاته. وبالتالي، يفترض في الرجل ألّا يضحي من أجل المرأة، أو أن يقدم لها أي مساعدة مهما كانت ظروفها الاجتماعية والاقتصادية. وتدافع عن فكرة العيش دون اتصال مع الجنس الأنثوي.

(77). جيل ليبوفتسكي. (2012)؛ المرأة الثالثة، مرجع سابق، ص: 242. 

(78). المرجع نفسه، ص: 72.

عبد الإله فرح

باحث في علم الاجتماع بجامعة ابن طفيل القنيطرة ـ المغرب. له مجموعة من المقالات المنشورة في المجلات العلمية المحكمة. له مشاركات في الندوات على المستوى الوطني والدولي، باحث مهتم بقضايا التنظير والنظرية في السوسيولوجيا، إلى جانب اهتمامه بقضايا المجتمعات الافتراضية. يحضر الدكتوراه في علم الاجتماع في كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة تحت إشراف الأستاذ الدكتور مبارك الطايعي.

مشاركة: