السياسة الروسية في بلاد الشام ومصر (1798–1878) من التمدد الجيوسياسي إلى التحكّم…

وصف الكتاب
اسم الكتاب بالعربية السياسة الروسية في بلاد الشام ومصر خلال الفترة 1798-1878
اسم الكتاب بالإنكليزية Russian policy in the Levant and Egypt (1798–1878)
المؤلف براءة أحمد زيدان / Baraeh Zeidan
اللغة العربية
الطبعة الأولى
تاريخ النشر تموز/ يوليو 2025
التصنيف سياسة، تاريخ
عدد الصفحات 300
الأبعاد 24 X 17
ISBN (PRINTED) 978-625-5873-14-9
ISBN (ELECTRONIC) 978-625-5873-15-6
النسخ المتوافرة ورقي وإلكتروني
سعر النسخة الإلكترونية 12 يورو
سعر النسخة الورقية 12 يورو

 

مقدمة

يتناول هذا البحث جذور التوسّع الروسي في المشرق العربي، وتحديدًا في بلاد الشام ومصر، في الفترة الممتدة من حملة نابليون بونابرت على مصر عام 1798 وحتى انعقاد مؤتمر برلين عام 1878، ويحلل الخلفيات السياسية والدينية والاقتصادية التي دفعت روسيا القيصرية إلى التوسع جنوبًا، والصدام غير المباشر مع القوى الأوروبية الكبرى، لاسيما بريطانيا وفرنسا، على حساب الدولة العثمانية المتراجعة آنذاك.

تنطلق الدراسة من فرضية مفادها أن روسيا، على الرغم من تأخر دخولها المباشر إلى ساحة التنافس الدولي في المشرق، سرعان ما رسّخت نفوذها الدبلوماسي والعسكري والثقافي من خلال أدوات الحماية الدينية للكنيسة الأرثوذكسية، والتدخل في الشؤون العثمانية، مستفيدة من تراجع المركز العثماني وتضارب مواقف القوى الكبرى.

أولًا: التمهيد الاستراتيجي للتحرك الروسي

شهد القرنان السابع عشر والثامن عشر تحولات جذرية في بنية الدولة الروسية، مع صعود القيصر بطرس الأكبر وتحديث الدولة على مختلف الأصعدة. وقد وصلت روسيا إلى البحر الأسود في عهد كاترين الثانية (1762–1796)، ثم عززت موقعها الجيوسياسي بعد معاهدة كوتشوك قينارجه (1774)، التي منحتها حق حماية المسيحيين الأرثوذكس داخل الدولة العثمانية.

هذا الامتياز استخدمته روسيا كأداة للتدخل السياسي والديني، فكان تمهيدًا لتدخلها المباشر في الصراعات الإقليمية، وأولها دعم ثورة اليونان (1822–1828) ضد العثمانيين، ثم تأكيد نفوذها في الأماكن المقدسة في فلسطين.

ثانيًا: تلاقي المصالح الاقتصادية والدينية

لم تكن السياسة الروسية مدفوعة بالبُعد الديني فحسب، بل ارتبطت بمصالح اقتصادية واضحة. فقد سعت روسيا إلى تأمين مرور تجارتها من البحر الأسود إلى المتوسط، ولا سيما صادرات القمح عبر ميناء أوديسا، ما جعل السيطرة على المضائق (البوسفور والدردنيل) هدفًا استراتيجيًا دائمًا.

تقاطعت هذه المصالح مع التوسع البريطاني، ولا سيما بعد الثورة الصناعية، إذ رأت بريطانيا في ازدياد الحضور الروسي تهديدًا لمصالحها التجارية في شرقي المتوسط، وممراتها نحو الهند. لذا تبنّت موقفًا داعمًا لبقاء الدولة العثمانية ككيان هش يحفظ التوازن الأوروبي، ويمنع الانفراد الروسي.

ثالثًا: روسيا وحروب الشام

تدخلت روسيا، بشكل مباشر أو غير مباشر، في عدد من النزاعات الكبرى في المشرق، مثل:

حرب الشام الأولى (1831–1833): سُمح لروسيا بالتدخل إلى جانب العثمانيين ضد محمد علي باشا.

حرب الشام الثانية (1839–1840): رفضت القوى الأوروبية هذا التدخل، وأوقفت تمدّد محمد علي، لكنها منحت مصر حكمًا وراثيًا، ضمن تسوية أوروبية لخدمة التوازن السياسي.

كما دعمت روسيا بعض الحركات الانفصالية في بلاد الشام، مثل حركة ظاهر العمر الزيداني، لكنها تخلّت عنه لاحقًا لأسباب تتعلق بالمصالح الكبرى، ما أدى إلى مقتله عام 1775. وقد تكرر هذا النمط من الحسابات الباردة في تدخلها لاحقًا في أحداث لبنان الطائفية (1841–1860)، حيث حُدّد دورها ضمن لجنة أوروبية لمراقبة جبل لبنان.

رابعًا: من الحرب إلى الدبلوماسية – تقويض النفوذ الروسي

اندلعت حربان كبيرتان بين روسيا والدولة العثمانية خلال القرن التاسع عشر:

حرب القرم (1853–1856): انتهت بمعاهدة باريس، وقيدت النفوذ الروسي في البحر الأسود.

الحرب الروسية – العثمانية (1877–1878): انتهت بمؤتمر برلين، الذي أعاد توزيع النفوذ الأوروبي، وحدَّ من مكاسب روسيا على الرغم من تفوقها العسكري.

أدى هذا إلى تراجع النفوذ الروسي مؤقتًا على المستوى الدولي حتى الحرب العالمية الثانية، لكنه لم يُنهِ اهتمامها بالمشرق العربي، إذ ظل قائمًا ومتجددًا وفق مصالحها، ولا سيما في فترات الصراع الجيوسياسي.

خامسًا: الامتداد المعاصر للسياسة القيصرية

تُبرز الأحداث المعاصرة في سوريا ولبنان والعراق أوجه التشابه مع الحقبة القيصرية. فالصراع على أنابيب الغاز، ومحاولات روسيا تأمين نفوذ دائم في المتوسط، أعاد تشكيل العلاقة بين موسكو ودمشق. ويتضح أن الحضور الروسي في الحرب السورية ما هو إلا امتداد للرؤية الجيوسياسية القديمة نفسها: الحفاظ على طريق جنوبي يصل أوروبا عبر تركيا وسوريا، تأمينًا لمصالح الطاقة والهيمنة الإقليمية.

خاتمة

تُظهر هذه الدراسة أن السياسة الروسية في المشرق العربي لم تكن وليدة القرن العشرين أو اللحظة السوفياتية، بل تعود بجذورها إلى الحقبة القيصرية، وهي سياسة راوحت بين استخدام الدين كغطاء، والاقتصاد كأداة، والقوة كوسيلة. وإذا كان مؤتمر برلين عام 1878 قد مثّل نهاية مرحلية للطموحات الروسية في المنطقة، فإن فشل حل المسألة الشرقية حينها ترك الباب مفتوحًا أمام عودتها بأشكال أكثر تعقيدًا في القرن الحادي والعشرين.

إحالات ومراجع مختارة

1. عبد الكريم، يوسف. (2010). التوسع الروسي في الشرق الأوسط. دار الفكر العربي، القاهرة.
2. فؤاد، محمد. (2015). السياسة الروسية في بلاد الشام ومصر. مجلة الدراسات الدولية، 34(2)، 45-68.
3. ستافروس، إيليا. (2009). الحرب الروسية-العثمانية وتداعياتها. مطبعة الجامعة، بيروت.
4. أحمد، سليمان. (2017). مؤتمر برلين وإعادة توزيع النفوذ. مجلة التاريخ السياسي، 21(4)، 123-150.

الملخص (Abstract)

بالعربية:
يبحث هذا الكتاب في السياسة الروسية تجاه بلاد الشام ومصر خلال الفترة 1798–1878، مستعرضًا دوافع التوسع الجيوسياسي الروسي، والعوامل الدينية والاقتصادية التي ساعدت في تعزيز نفوذ روسيا في المنطقة. كما يتناول الأبعاد العسكرية والدبلوماسية لهذا النفوذ، خصوصًا خلال الحروب الكبرى والتدخلات الروسية. في النهاية، يعرض الكتاب استمرارية هذا النفوذ وأثره على السياسة المعاصرة في المشرق العربي.

In English:
This book examines Russian policy towards the Levant and Egypt during the period 1798–1878, exploring the motives behind Russia’s geopolitical expansion and the religious and economic factors that enhanced Russian influence in the region. It also discusses the military and diplomatic dimensions of this influence, particularly during major wars and Russian interventions. Finally, the book highlights the continuity of this influence and its impact on contemporary politics in the Arab East.

إهداء الكتاب:
إلى الذين آمنوا بالكلمة قوة لا تنضب، وبالحق نورا لا يخبو. إلى شعوب منطقتنا المنهكة التي ما تزال تبحث عن الخلاص.

  • باحثة وأكاديمية سورية، من مواليد دمشق 1979، حاصلة على دكتوراه في التاريخ الحديث والمعاصر في العلاقات الدولية والسياسات الخارجية من جامعة دمشق عام 2014. مقيمة في ألمانيا حيث عُدِّلت شهاداتها كدرجة دكتوراه مع مرتبة ''جيد جدًا '' (Sehr gut anerkannt ). حاصلة على شهادة دولية في الاتصالات ولغة المصطلحات التاريخية من Hochschule Trier وشهادة C1 من معهد مانهايم لتعليم اللغة الألمانية. عضو في رابطة أدباء الشام منذ 2021، تكتب في الشعر والنثر والقصة القصيرة والخواطر، وتنشر مقالات وأبحاثًا في دوريات علمية محكّمة ومقالات رأي في صحف عربية ودولية، وعضو اتحاد الصحافيين والكتاب الفلسطينيين منذ 2010. حاصلة على Umschulung im مرشد تربوي-اجتماعي pädagogischen Fähigkeiten من معهد EVB-TRAINING GmbH في دورتموند. تعمل حاليًا مدرسة لغة ألمانية في مدرسة Burggymnasium Altena، وتعمل حاليًا على مشروع Postdoc في معهد GiGA لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا.

منشورات آخرى

صدر حديثاً