Search

الحلقة الأولى؛ سورية في عام 1918

يأتي اختيار عام 1918م، بدايةً لسلسلة “سورية في عام” التي ستقدمها، دوريًا، مؤسسة ميسلون للثقافة والترجمة والنشر، لكونه عام دخول جيوش الثورة بقيادة الملك فيصل إلى دمشق، في 1 تشرين الأول/أكتوبر 1918، وفي هذا العام أيضًا، تمّ تأليف أول حكومة سورية، وترافق ذلك مع جلاء العثمانيين عن سائر بلاد الشام، وتكشّفت الأحداث عن حقيقة اتفاقيّة سايكس- بيكو، وحيثياتها التي استحالت واقعًا ملموسًا، عبر السياسات الاستعماريّة لبريطانيا وفرنسا في سورية الطبيعيّة.

تمهيد

 في بداية الحرب العالميّة الأولى، أدركت بريطانيا أنّ انضمام الدولة العثمانيّة إلى صفوف أعدائها “ألمانيا وحلفائها” سيكون له تأثيراتٌ كبيرةٌ على سير الحرب ونتائجها، فقوّة السلطان العثمانيّ بوصفه خليفة المسلمين، لها أثرها الكبير في ما لو أعلن الجهاد ضدّ الحلفاء “بريطانيا وفرنسا وروسيا والصين” وهذا ما ستستثمره ألمانيا. وبناءً على ذلك، ارتأت بريطانيا أنّ بإمكانها الاستفادة من قوّة العرب، في سبيل الحدّ من القوّة التي نالها الألمان نتيجة تحالفهم مع الدولة العثمانيّة.

كانت بريطانيا على علم بأنّ النزعة القوميّة قد وجدت طريقها في التغلغل بين صفوف العرب، وأنّ سوريّة كانت من البؤر الرئيسة لتلك النزعة. لكنّها كانت تدرك أيضًا، أنّ الثورة العربيّة لا يمكن أن تبدأ بنجاح من سوريّة أو العراق، بل لا بدّ لها من أن تبدأ من الحجاز، لأنّ الولايات السوريّة والعراقيّة كانت من مراكز احتشاد الجيوش العثمانيّة، فكان لا بدّ من التوجّه نحو الحجاز، والاتّفاق مع أمير مكّة لإثارة الثورة. كانت بريطانيا تعرف جيدًا أنّ ضمان مساعدة العرب لها يتطلّب حثّهم على الثورة في سبيل الاستقلال، وذلك يستلزم مساعدتهم في تأسيس دولةٍ مستقلّةٍ، وشرع الإنكليز يفاوضون (الشريف حسين)، ويفاوضون روسيا وفرنسا لتقرير اقتسام ميراث الدولة العثمانيّة. بذلت فرنسا جهدًا لمنع هذه المفاوضات مع (الشريف حسين)، ولكنها لم تجد مجالًا لتوقيفها، فأخذت تحاول أن تحصل على وعدٍ صريحٍ من بريطانيا، تؤكّد لها فيه عدم مساس حقوق فرنسا ومصالحها، خلال المفاوضات التي تجري مع أمير مكة. 

تخلّل ذلك كلّه، مفاوضات بين بريطانيا وفرنسا، شملت؛ تثبيت حدود سورية، والاحتفاظ بـ”حقوق” فرنسا على سورية، وكيليكيا، ولبنان، وإسكندرونة، وأضنة. ومن خلال هذه المفاوضات وسّعت فرنسا من حصتها بإدخال كيليكيا والموصل إلى حصتها، وإيصال سيطرتها إلى ديار بكر. ومع هذا، فإنّ فرنسا لم تتنازل عمّا كانت تدعيه من حقوق في سوريّة الداخليّة نفسها، ونجحت في إدخال هذا القسم من سورية، أيضًا، في منطقة نفوذها. تمخّض عن ذلك اتفاقات أُبرمت بين فرنسا وبريطانيا وروسيا، كان بموجبها؛ تعيين مناطق نفوذ كلّ دولة من هذه الدول الثلاث، وإقرار تأسيس حكومة إسلاميّة مستقلّة في الجزيرة العربية، وتتولى بريطانيا مراقبتها. وانحصرت منطقة نفوذ روسيا في شرق آسيا الصغرى وجنوبها، ولم تشمل أيّ منطقةٍ من البلاد العربية. وكانت منطقة نفوذ فرنسا قد شملت السواحل السوريّة من الناقورة إلى اسكندرونة، مع جبل لبنان وكيليكيا. أمّا مناطق نفوذ بريطانيا فقد شملت السواحل السوريّة الممتدة من الحدود المصرية إلى الناقورة، والعراق الجنوبي، من بغداد إلى البصرة، والسواحل الممتدة من خليج البصرة إلى نهاية البحر الأحمر. وأمّا البلاد الواقعة بين منطقتي النفوذ الفرنسي والبريطاني، فقد تقرّر أن تُقام فيها دولةٌ عربيةٌ مستقلةٌ “لمقابلة تأثير الأتراك وتحالفهم مع الألمان”. وأمّا فلسطين فقد تقرّر وضعها تحت إدارةٍ خاصةٍ.

كان الفرنسيون يدركون أنّ الحركة العربية ستؤثر تأثيرًا ضارًا بهم، ليس في البلاد العربية التي يطمعون بها في المستقبل، بل في البلاد العربية التي يسيطرون عليها منذ عقود، وحين قامت الثورة العربية فعلًا عام 1916، رأت فرنسا أنّه من الواجب عليها أن تؤسس صلاتٍ وديةٍ مع زعيمها، للاستفادة في إشغال الجيوش التركية، مع الحيلولة دون تطوّر الثورة إلى شكلٍ يضرّ بمصالح فرنسا في سورية، وارتأت لتحقيق هذين المطلبين أن تحصر الثورة في الحجاز، وعدم ترك المجال لها للتقدّم نحو الشمال.

في مرحلة ما بعد الحرب العالميّة الأولى، اصطدم رجال الثورة العربيّة باتفاقية سايكس بيكو، فقد تمسّكت فرنسا بنصوصها، وطالبت الإنكليز بتنفيذ أحكامها، وأصرّت فرنسا على بسط سيطرتها على سوريّة الداخليّة، في مقابل موافقتها على وضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني وحده. وعقدت هدنة مع الأتراك تتخلّى بموجبها عن كيليكيا، وضمنت بذلك تفرّدها بسورية. 

سورية عام 1918

بدايةً، تمّ الإحصاء السكانيّ الأخير الذي قام به العثمانيون في سورية بتاريخ 2 كانون الثاني/يناير 1918 -بحسب الأرشيف العثماني الرسمي في اسطنبول- وشمل هذا الإحصاء الألوية الأربعة في سورية، وفيها تسع قصبات في لواء الشام، إضافةً إلى دمشق، وأربع قصبات في لواء حماة، وستّ قصبات في لواء الكرك. ليكون المجموع 24 قصبةً ومدينة في عموم أرجاء الولاية. وبلغ مجموع السكان: 363362 نسمة.

حكومة سعيد الجزائري، عشية دخول فيصل دمشق

يقول (سعيد الجزائري) في مذكراته: عرضت خدماتي على جمال باشا، قائد القوات التركية في سورية، للمحافظة على الأمن خلال انسحاب القوات التركيّة الذي تم في 30 أيلول/ سيبتمر 1918، واتفقنا على جمع زعماء الأحياء ليحافظوا على أحيائهم، لكنّ ذلك لم يجدِ نفعًا، فعدت إلى جمال باشا، وأخذت على عاتقي حماية دمشق بوساطة المغاربة، حتى أحمي انسحاب الجيش التركي، وقبِل جمال باشا بذلك. ثم ذهبت إلى دار الحكومة، ورفعت علم الثورة العربيّة عليها، وفي هذه الأثناء وصل كثير من الوجهاء، وفي طليعتهم شكري الأيوبي.

 أسس الجزائري الحكومة، وعيّن مجلسًا للشورى من وجهاء دمشق، وهم: الشيخ طاهر الجزائري، بديع المؤيد، عطا الأيوبي، شاكر الحنبلي، وفارس الخوري. وأسند رئاسة البلدية إلى عبد القادر الخطيب، كما عيّن الجزائري أخاه عبد القادر قائدًا للفرسان العرب، وهم من المغاربة، وكانوا في منزلة القوة العسكرية لسعيد الجزائري.

يوسف الحكيم (الوزير اللاحق في حكومة الركابي التي تلت حكومة الجزائري) وفي معرض روايته حول هذه الحادثة، يقول في مذكراته: اجتمع الوجهاء الدمشقيون في بهو المجلس البلدي في ساحة المرجة بدمشق، وقرّروا إقامة حكومة تحول دون الفوضى، ريثما تصل جيوش الحلفاء، واجتمعت كلمتهم على انتخاب الجزائري رئيسًا للحكومة، وأقسم الجزائري يمين الولاء لجلالة الملك الحسين في 27 أيلول/ سبتمبر 1918. وبعدها رُفع العلم.

لورانس من جانبه، يؤكد في مذكراته، على أن لجنة فيصل، والمقصود بها “الجمعية العربية الفتاة”، قد هيّأت نفسها في دمشق لاستلام السلطة من الأتراك، وأنّ الشريف ناصر قد أرسل يتصل بعلي رضا الركابي، رئيس اللجنة، أو بمساعده شكري الأيوبي، بوجوب تشكيل حكومة مؤقتة، لكنّ الركابي كان متغيبًا، ووجّه الأيوبي بمساعدة سعيد الجزائري وأخيه. وهكذا تمّ رفع العلم بمساعدتهما.

عدّ الجزائري نفسه حاكمًا على سورية، وأرسل أوامره إلى رؤساء البلديات في بيروت وباقي المدن السورية، يعلمهم بأنّه يحكم باسم الشريف حسين، واستمرت حكومة الجزائري حتى 1 تشرين الأول/ أكتوبر 1918. ففي هذا اليوم وصل لورانس الذي دخل مع جيش الشريف ناصر، وسمع بتولي الجزائري للحكم، فتوجّه إلى دار الحكومة، وبرفقته قدري ونوري السعيد، وطلب من الجزائري مغادرة الحكومة، وإنهاء حكمه بحسب أوامر فيصل، ليتسلم بعده رضا الركابي الذي ناب عنه شكري الأيوبي.

وصل الركابي إلى دمشق في اليوم ذاته، أي في 1 تشرين الأول/أكتوبر، ويذكر بأن دمشق شهدت، في اليومين اللذين سبقا دخول فيصل، أعمال نهب وسلب واقتتال، مما اضطر نوري السعيد، عند دخوله دمشق، إلى إعطاء أوامر لقواته بإنهاء حالة الفوضى بقوة السلاح، وتمّ فرض منع التجول في دمشق بعد غروب الشمس عند دخول القوات العربية.

وممّا ذكره سلطان الأطرش في مذكراته حول تلك الأيام: اتصل بنا فيصل عند وصولنا إلى الكسوة “جنوب دمشق”، للزحف بأقصى سرعة، ودخول دمشق قبل الجيش البريطاني، وحدثت معركة بالسلاح الأبيض في الكسوة، وأُسر قائد تركي مع جنوده، وهو علي رضا الركابي، وأُتي به إلي، فلما عرفته عربيًا، أعدت إليه سلاحه وأركبته فرسًا، وعاد معنا إلى دمشق، حيث دخلناها في 30 أيلول/سبتمبر من جهة الميدان، وشهد حي الميدان آنذاك تظاهرة كبيرة بقيادة أحمد مريود والشيخ محمد الأشمر، قبل يوم واحد من دخول دمشق، ورفع المتظاهرون علم الثورة العربية، وأُطلق سراح السجناء، وكان شكري الأيوبي، أحد هؤلاء السجناء، الذي سلمه المدينة، الضابط التركي الميرلاي بهجت في 30 أيلول/ سبتمبر. وكان آخر تركي يغادر المدينة.

اختلف المؤرخون وشهود العيان حول تاريخ رفع العلم العربي في دمشق، فيقول الأمير سعيد في مذكراته، إنه رُفع في 28 أيلول 1918، ويؤكد لورنس العرب أنّ الحدث تمّ في الثلاثين من الشهر ذاته، بفارق ثمانية وأربعين ساعة. أمّا جريدة المقتبس الدمشقيّة فقد نفت كلتا الروايتين، وأكّدت في عددها الصادر يوم 27 أيلول 1918، أنّ العلم العربي رُفع في السادس والعشرين من شهر أيلول. في اليوم التالي، أقيمت الصلاة في الجامع الأموي باسم الشريف حسين، وأمّ بالمصلين الأمير سعيد نفسه، بصفته وليًا عن الأمة.

دخول الملك فيصل دمشق، واحتلال الحلفاء سورية الطبيعية

في 3 تشرين الأول/ أكتوبر 1918، دخل الأمير فيصل دمشق، كما وصل في اليوم ذاته الجنرال “إدموند أللنبي” القائد العام لقوات الحلفاء في الشرق، ونزل في فندق فيكتوريا، وثبّت الركابي رئيًسا للحكومة المؤقتة في المنطقة الداخليّة، وجرى لقاء بين أللنبي وفيصل، وحضره لورانس مترجمًا، كما حضره نوري السعيد، والقائد الأسترالي شوفيل. أفهمَ أللنبي فيصل بأنّه تلقى تعليمات من حكومته تنص على أنّ الأراضي التي احتلتها الجيوش الحليفة، تعدّ “أراضي العدو” وهي تحت إمرته وإشرافه، وأنّ بريطانيا مسؤولة عن إدارتها، وسيوكل إلى فرنسا إدارة المنطقة الساحليّة، تطبيقًا لاتفاق عُقد بينها وبين بريطانيا.

يذكر شوفيل، في مذكراته، حوارًا تم في هذا اللقاء: قال أللنبي لفيصل إنّ المنطقة العربية ستضم سورية الداخلية فحسب (معان، ودمشق، وحمص، وحماة، وحلب)، وستكون المنطقة الساحليّة، باستثناء فلسطين، تحت الإدارة الفرنسية المباشرة، وإنّه يجب على الأمير فيصل أن يتعامل مع الفرنسيين بوساطة ضابط ارتباط فرنسي، وإنّ هذا الضابط سيتعامل مع لورانس. احتج فيصل على حصر حدود الدولة العربية بالمنطقة الداخلية من سورية. ويضيف شوفيل: نظر أللنبي إلى لورانس وسأله: ألم تقل لفيصل إنّ سورية ستكون تحت الحماية الفرنسية؟ فيجيب لورانس: لا، لا علم لي بذلك. ليتابع أللنبي كلامه للورانس: كنت بالتأكيد تعرف أنّه غير مسموح لفيصل أن يتدخل بشؤون لبنان! فأجاب لورانس: لا، وهذا لم أكن أعرفه. وأنهى أللنبي هذا اللقاء بقوله لفيصل: أنت قائد القوات العربية، وأنا قائد الجيوش الحليفة، وأنت تحت إمرتي، وعليك أن تُنفذ ما يُطلب منك، وأمّا مصير المنطقة الساحلية، ومصير لبنان، وحدود الدولة العربية، فكلّها أمور ستتم معالجتها عند انتهاء الحرب.

بهذا، يكون أللنبي قد وضع اتفاقية سايكس- بيكو موضع التنفيذ، وقد أذعن فيصل لذلك، ولم يحتج على الإدارة البريطانية مثل احتجاجه على الإدارة الفرنسية في الساحل، كما لم يبحث قضيّة حكم فلسطين كما أوردها أللنبي “تحت الإدارة البريطانية” وبأنه لا شأن لفيصل فيها. وألغى الجنرال البريطاني أللنبي بعد احتلاله سورية عام 1918 القانون العثماني المتعلق بتداول العملة الورقية، وأحلّ محلها الجنيه المصري. ثم أعلن فيصل “إنّ الوفاء يجب أن يتم على أساس الذهب بالذهب، والفضة بالفضة”. وقد اعتمدت الحكومة العربية الجنيه المصري، وسمحت بتداول النقود الذهبية الأجنبية، والنقود المعدنية العثمانية، ومنعت تداول النقود الورقية العثمانية.

دخل الجيش العربي حمص في 15 تشرين الأول/ أكتوبر، وانسحب مصطفى كمال من حماة في 17 من الشهر ذاته، كما دخل الجيش العربي المعرة في 19 من هذا الشهر، ودخل حلب في السادس والعشرين منه. وفي التوقيت ذاته، هاجمت فرقتان من الإنكليز مصطفى كمال في قطمة، ليتابع الأتراك انسحابهم شمالًا، ثم عقدت هدنة في 30 تشرين الأول/ أكتوبر، وانسحب الجيش التركي نهائيًا من سورية في 12 تشرين الثاني/ نوفمبر 1918.

نظّم نوري السعيد الإدارة في حلب، وعُيّن علي رضا العسكري حاكمًا عليها، والشالجي آمرًا عسكريًا لمدينة حلب، وأخرج قوات العشائر منها. كما أصدر الشريف ناصر أمرًا بتأليف مجلس شورى حلب، لتعيين الشرطة والدرك والموظفين. كما دخلها الشريف مطر، نائب الشريف حسين.

في شمال سورية، حرّر إبراهيم هنانو المنطقة، قبل وصول الجيشين العربي والإنكليزي، وشكّل حكومةً وجيشًا في “كفر تخاريم”، ورفع العلم العربي، واتصل بالشريف ناصر أواخر تشرين الأول، ووضع نفسه تحت تصرّفه؛ ففوضه الشريف ناصر بالسيطرة على أنطاكية وتحريرها باسم الشريف حسين، فدخلها هنانو، وشكّل إدارةً محليّةً لحكم المنطقة في “الريحانية”. كما حمى هنانو الأتراك المنسحبين، ومنع الناس من الاعتداء عليهم، ومن تمزيق العلم العثماني، ومما قاله هنانو: إن هذا العلم قد أظلّ الإسلام والعروبة ستة قرون، فمن حقّه عليكم أن يظل محترمًا، وإنّ الشعب التركي يستظل به، وهو أخ للشعب العربي وإن تفرّقا.

في اللاذقية؛ غادر آخر الموظفين الأتراك في 9 تشرين الأول، وعقد وجهاء اللاذقية اجتماعًا في دار الحكومة، وألّفوا حكومةً مؤقتةً تابعةً للحكومة العربية في دمشق، غير أنّه بتاريخ 22 تشرين الثاني/نوفمبر، أبلغ الجنرال الإنكليزي “بولز” تعليماته لإعطاء منطقة اللاذقية للفرنسيين، وذلك بالاتفاق مع فيصل، الذي كان قد أرسل في 20 تشرين الأول رسالة إلى حاكم لواء اللاذقية “رشيد طليع” يطلب منه تنفيذ أوامر أللنبي، وفي 5 تشرين الثاني، وصل إلى اللاذقية الضابط الفرنسي “دولاروس”، واستلم منصب حاكم على اللاذقية.

في المنطقة الشرقية؛ احتل الإنكليز دير الزور، وأخرجوا الحكام العرب الذين أرسلهم شكري الأيوبي. وفي لبنان، أرسل نوري السعيد برقية إلى “الداعوق”، رئيس بلدية بيروت، لتأسيس حكم عربي فيها، فأمر فيصل بإرسال شكري الأيوبي إلى بيروت مع قوة عسكرية لتسلم الحكم فيها، ووصل إليها في 6 تشرين الأول، وأعلن انضمام لبنان إلى الحكومة العربية، وعيّن حبيب السعد حاكمًا مدنيًا، وهذا ما تكرر في بقية المدن الساحلية (صيدا، صور، طرابلس، والبقية)، إذ أعلنوا عن إقامة الحكم العربي. كما عيّن فيصل، جميل المدفعي حاكمًا على عمّان، وعبد الحميد الشالجي قائدًا لموقع الشام، وعلي جودت الأيوبي حاكمًا على حلب.

احتجّ الكابتن “كولوندر” على فيصل، لإرساله جنودًا إلى بيروت، كما أبلغ أللنبي وزارة الحرب البريطانية بذلك، في الوقت الذي كانت فيه القوات البريطانية قادمةً من فلسطين، وفي طريقها لاحتلال لبنان. وصلت القوات الإنكليزية، والأسطول الفرنسي إلى بيروت في 10 تشرين الأول/ أكتوبر، وعُيّن الكولونيل الفرنسي دو بياباب حاكمًا للبنان والساحل السوري. وأُنزلت الأعلامُ العربية جميعُها في المدن الساحلية. 

تمسّك فيصل ببقاء لبنان ضمن الحكم العربي، وبيّن فيصل للإنكليز أنّه إن انسحب شكري الأيوبي، فهذا يعني فقدانه لمكانته، وهدّدهم بالاستقالة، واشترط أمرين لسحب الأيوبي في مقابل عدم استقالته، وهما: اعتبار كلّ ما يتم ترتيبه في المنطقة الساحلية، كطابعٍ عسكريٍّ مؤقّتٍ، لا يؤثر على التسوية النهائية لها. والثاني: موافقة الحكومتين الإنكليزية والفرنسية على ضمان أللنبي بتحقيق الشرط الأول. ووافق أللنبي على ذلك. وقال: إن التسوية النهائية ستجري في مؤتمر الصلح، وقد وافقت على شرطي فيصل، لأنّ عواقب استقالته ستكون وخيمةً.

أُرغم فيصل على قبول احتلال الفرنسيين للبنان، كما أُرغم على استدعاء هنانو من أنطاكية، وأقنعه بتسليمها للفرنسيين. وخلال هذه المرحلة طالبت فرنسا باحتلال بعلبك، والبقاع، وحاصبيا، وراشيا، التي كانت تحت الحكم العربي، وهذه المناطق –بحسب سايكس بيكو- تتبع للفرنسيين. وطلب أللنبي من فيصل تسليمهم لفرنسا، فطالب فيصل بتأليف لجنة دولية لأخذ رأي الأهالي حول هذا الإجراء، اعتمادًا على مبدأ “تقرير المصير”. وحين أنهى أللنبي ترتيباته وتقسيماته الإدارية للمناطق العسكرية الثلاث في سورية (المنطقة الشرقية بإدارة الجيوش العربي، المنطقة الغربية بإدارة الجيش الفرنسي، المنطقة الجنوبية بإدارة الجيش البريطاني) بتاريخ 23 تشرين الأول، أبقى البلدات الأربع تابعة لسورية تحت الحكم العربي. أي إنّ “فيصل” أصبح ملكًا على سورية الحالية ماعدا اللاذقية، مضافًا إليها شرق الأردن، وبعلبك، والبقاع، وحاصبيا، وراشيا.

حكم فيصل

بعد أن استقرت الأحوال في سورية، وأصبح فيصل حاكمًا عليها، بدأ بتنظيم أمور دولته فيها، فشكّل الركابي الحكومة، وارتأى أن تكون حكومةً عربيةً لا سوريّةً فحسب، تألفت الحكومة من؛ رضا الركابي (دمشق) رئيسًا لها، عادل أرسلان (جبل لبنان) معاونًا للحاكم العسكري، سعيد شقير (بيروت) مديرًا للمالية، اسكندر عمون (جبل لبنان) مديرًا للعدلية، رشيد طليع (جبل لبنان) مديرًا للداخلية، سليم موصلي (دمشق) مديرًا للصحة، ساطع الحصري (حلب) مديرًا للمعارف، ياسين الهاشمي (العراق) رئيسًا لميرة الجيش.

كما حاول فيصل خلال حكمه أن يوازن بين التناقض القائم بين الحكم العربي، والدولة السورية، معتمدًا في ذلك مبدأ إرضاء الجميع، والده، والقوميين من جهة، والإنكليز والفرنسيين من جهة أخرى. ففي خطاب له في دمشق، في تشرين الثاني، يقول: لا أراني إلا مبتهجًا حين أذكر أنّ والدي والأمة من خلفي، يحاسبونني على عملي، ويطالبونني حينًا بعد حين بنتيجة سعيي. وفي خطاب له في مدينة حلب من الشهر ذاته يقول: فأنا باسم العرب كافة، أخبر إخواني أهل الشهباء، أنّ للحكومات الغربية، خاصّة بريطانيا وفرنسا، اليد البيضاء في مساعدتنا وشد أزرنا، ولا تنسى العرب ما دامت على وجه البسيطة، فضل تعاونهم.

أمّا النظام الذي جهد فيصل في تأسيسه لإدارة الدولة، فقد بناه على أسس حديثة، أسوة بالأمم المتمدّنة، ومن المبادئ التي اعتمدها فيصل في حكمه؛ انتخاب الأكفاء لسن قانون الدولة. كما راعى خصوصيّة كل منطقة في سن القوانين، وعمل على نشر العلم وافتتاح المدارس، وحفظ البلاد من الفوضى والعبث بمقدراتها، وشجع الشبان على الانضمام لصفوف الشرطة. ومما قاله فيصل في هذه الآونة: الغاية الأخيرة، بناء حكومة عربية على أسس العدالة والمساواة، تنظر إلى الناطقين بالضاد على اختلاف أديانهم ومذاهبهم نظرةً واحدةً، وتقوم هذه الحكومة باسم العرب، وتستهدف إعلاء شأنهم، وتأسيس مركزٍ سياسيٍّ لهم بين الأمم الراقية.

كانت المرحلة التي تولت فيها الحكومة البلاد، مرحلةً انتقاليةً وحرجةً جدًا، وقامت حكومة الركابي بتعيين مجلس للشورى من رجال العلم والأدب والقانون، وذلك للمساعدة في إدارة البلاد، ثمّ أصدرت أول جريدة رسمية في دمشق سمتها “العاصمة”، لنشر القوانين والبلاغات والقرارات الرسمية، وأصدرت أيضًا قرارًا يقضي بالتعامل بالعملة المصرية حتى في ما يخصّ الضرائب، وذلك لكونها تغطي السوق. ألغت حكومة الركابي المحاكم العثمانية، وشكّلت محاكم مدينة حديثة، لا تميّز على أساس الدين كما كانت المحاكم العثمانية سابقًا، كذلك فقد ألغت هذه الحكومة الألقاب العثمانية من أمثال “باشا” و”بيك”. استحدثت الحكومة أيضًا مجمع اللغة العربية بدمشق، وهو أقدم مجمع للغة العربية حديثًا، وأعادت العمل في كليتي الطب والحقوق المؤسستين خلال العصر العثماني، ما شكّل نواة الجامعة السورية لاحقًا، كذلك فقد عيّنت الحكومة موظفي الدولة والولاة على المدن ومسؤولي الشرطة والأمن الداخلي، وأشرفت على انتخابات المؤتمر السوري العام، وقامت بتقديم تفويض لفيصل بن الحسين لتمثيل سورية والدفاع عنها في الخارج.

أقرّ مجلس الشورى سنة تشكّله، وتحديدًا في 13 تشرين الأول/ أكتوبر 1918، قانون تشكيلات العدليّة المؤقت، وتألّف من تسع عشرة مادة، حيث حصر هذا القانون حق القضاء في المحاكم التي ألّفتها الحكومة، وهي على ثلاثة أنواع؛ عدلية وشرعية وعسكرية. كما بيّن اختصاص كلّ نوع من المحاكم، وحدّد صلاحيات القضاة وحقوقهم ورواتبهم، وتقسيمات المحكمة إداريًا.

كما أقرّ مجلس الشورى بتاريخ 17 تشرين الأول/ أكتوبر 1918، قرارًا حول استمرار العمل بالطوابع التي كانت تستعمل أيام الحكومة العثمانية. 

عسكريًا؛ لم يهتم فيصل كثيرًا بتطوير الجيش العربي، وتقويته، وعهد بأمر الجيش لياسين الهاشمي، الذي حاول أن يصنع من الجيش المؤلف من رجال البدو، والمتطوعين السوريين والعراقيين في أثناء الثورة، جيشًا حديثًا. فحلّه وشكل منه ثلاث فرق في دمشق ودرعا وحلب. ولكنّه بقي جيشًا صغيرًا تنقصه الذخيرة والسلاح الذي رفضت بريطانيا وفرنسا أن تمدهم به.

إثر إعلان الهدنة مع تركيا بتاريخ 30 تشرين الأول/أكتوبر 1918؛ أرسل الشريف حسين برقيةً إلى ابنه فيصل، يطلب منه تمثيله في مؤتمر الصلح في باريس، وخوّله التفاوض مع بريطانيا فحسب، لأن اتفاق الحسين مع مكماهون، هو الأساس _من وجهة نظره_ في علاقات العرب بالحلفاء. كما حدّد لفيصل البحث فيما يتعلق بالحدود والإدارة فحسب. فالشريف حسين كان يعتقد أن مسألة الاستقلال العربي، وإقامة الدولة العربية، أمرٌ مفروغ منه، بحسب اتفاقه مع مكماهون. اعتذر فيصل عن المشاركة بدايةً، لعدم امتلاكه نصوص العهود المعطاة من بريطانيا، بشأن استقلال الدول العربية التي كانت تابعةً للسلطنة العثمانية، فجاء رد الحسين له، بأن نصوص العهود موجودة في وزارة الخارجية البريطانية، ولا حاجة لإرسال نسخة عنها. وهذا يؤكد ما اجتمع عليه عدد كبير من المؤرخين، وهو بقاء ثقة الشريف حسين ببريطانيا مطلقةً، على الرغم من انفضاح أمر اتفاقية سايكس- بيكو، وتكريسها واقعًا في سورية. قبل فيصل المهمة، وسافر إلى بيروت وبقي فيها حتى 20 تشرين الثاني/ نوفمبر، ليعود إلى دمشق، وعهد إلى أخيه زيد أن يكون نائبًا عنه في دمشق. لينطلق فيصل إلى باريس في 22 من الشهر ذاته. وكان يرافقه نوري السعيد (رئيس مرافقيه)، ورستم حيدر (رئيس ديوانه)، وفائز الغصين (كاتبه) وتحسين قدري (مرافقه الخاص) ووالدكتور أحمد قدري (طبيبه الخاص).

خلال وجود فيصل في فرنسا، أرادت الأخيرة أن تكسبه صديقًا، لتسهيل تنفيذ سياستها في سورية، فقد اُستقبل على أراضيها استقبالًا مميزًا، وقلّده غورو وسامًا، ورافقه في زيارة إلى المدن الألمانية المحتلة من فرنسا، وطالت تلك الزيارة. ومن فرانكفورت أرسل فيصل إلى الإنكليز يسألهم، إذا ما تمّ استبعاده من حضور مؤتمر الصلح في باريس، فقد شعر أنّ غاية فرنسا هي إبعاده. فأتاه الرد من الإنكليز بالإيجاب. ثم غادر فيصل فرنسا، ووصل إلى لندن، ليستقبل بحفاوة أيضًا، حيث قابله الملك جورج الخامس، وقلّده قلادة الفارس الكبير. في 11 أيلول/ سبتمبر، أي قبل مقابلة الملك الإنكليزي بيوم، قابل فيصل بلفور، وأبلغه شكر العرب على مساعدة الإنكليز لهم. وفي أثناء زيارة فيصل إلى فرنسا وبريطانيا، كانتا تتباحثان سرًا، تعديل اتفاق سايكس-بيكو، وكان ذلك التعديل يرتكز على أربع نقاط؛ مصلحة بريطانيا الاستعمارية في العراق وفلسطين، مصلحة فرنسا الاستعمارية في سورية، المصلحة الصهيونية في فلسطين، ومسألة فصل لبنان عن سورية. أي إنّ بريطانيا ستُخرج الموصل من سورية وتضمها إلى العراق، وستوضع فلسطين، من “دان” إلى “بئر السبع” تحت إدارة بريطانيا. في المقابل ستلتزم بريطانيا بأن تكون دمشق وحلب واسكندرونة وبيروت تحت الانتداب الفرنسي، وتحصل فرنسا على حصة من نفط الموصل. وفي ما يخص المصلحة الصهيونية في فلسطين، فقد قررت بريطانيا أن يقوم لورانس بإقناع فيصل بذلك، وهذا ما حدث، فقد أفهم لورانس فيصل أنّ للحركة الصهيونية فائدة له وللعرب، من حيث أنّها تعارض الانتداب الفرنسي، ولها تأثير كبير في أميركا، وعلى ويلسن تحديدًا. كما أفهمه أنّ بريطانيا ستقف مع العرب في مؤتمر الصلح، وستؤيد فيصل. وقد رأى فيصل أنّ الاتفاق مع الحركة الصهيونية، لا يتعدّى مسألة تنظيم الهجرة اليهوديّة إلى فلسطين، وتساوي الحقوق بين السكان، وإنّ ذلك لا يضرّ بمصالح العرب بنظره، وعلى هذا الأساس، اجتمع فيصل مع زعماء الصهيونية؛ حاييم وايزمن، هيربرت صموئيل. 

في هذه الأثناء، وقبيل انعقاد مؤتمر الصلح، اجتمع الشيخ صالح العلي في 15 كانون الأول/ديسمبر 1918، مع وجهاء الساحل السوري، الذي احتلته فرنسا، والممتد من اسكندرونة شمالًا، وحتى صور جنوبًا. جرى الاجتماع في قرية الشيخ بدر، ودعا الشيخ صالح الوجهاء إلى إشعال ثورة ضدّ الفرنسيين، والانضمام إلى حكومة فيصل في دمشق. تزعّم صالح العلي الثورة، ومن أبرز رجالاته؛ شقيقه محمود، الشيخ محمد خدام، محمد إبراهيم، اسبر زغيبة. وحدثت أولّ مواجهة مع الفرنسيين في الشيخ بدر، وجرى اشتباك استمرّ زهاء الساعة، وفرّ الفرنسيون بعد خسارتهم 25 قتيلًا. وانتشرت أخبار معركة الشيخ بدر وتوافد المتطوعون للانضمام إلى صالح العلي. لتتوالى في الأعوام اللاحقة سلسلة من المعارك والاشتباكات مع الجيش الفرنسي. 

أبرز شخصيات هذا العام

الملك فيصل بن الشريف حسين(20 أيار/ مايو1883-8 أيلول/سبتمبر 1933): ينتمي إلى أسرة آل عون الهاشمية، ولد في مدينة الطائف، وترعرع عند قبيلة عتيبة في بادية الحجاز، تلقّى تعليمه الابتدائي، وأتقن اللغتين التركية والإنكليزية في الآستانة التي عاش فيها وأسرته فيما بين 1893 حتى 1908، شهد الانقلاب الذي قام به الاتحاديون في العام نفسه، فغادرها وأهله إلى مكة المكرمة، في عام 1909. وعلى أثر تنصيب والده شريفًا على مكة، وتحديدًا بعد مجيء جمعية الاتحاد والترقي، وخلع السلطان عبد الحميد الثاني، عينه والده قائدًا للسرايا العربية التي تقوم بقمع القبائل العربية المتمرّدة على السلطة العثمانية، وانتخب الأمير فيصل في مجلس “المبعوثان”  البرلمان العثماني، ممثلًا عن مدينة جدة، فعاد إلى الآستانة واكتسب في أثناء إقامته هناك خبرة سياسية ومعرفة شاملة بالسياسة التركية ورجالها. في 3 تشرين الأول/ أكتوبر 1918، دخل الأمير فيصل دمشق، وأعلن عن تأسيس حكومة عربية في دمشق. في لندن، وقّع فيصل في 3 يناير 1919، اتفاق “فيصل ووايزمان” -مع حاييم وايزمان رئيس المنظمة الصهيونية آنذاك، وأول رؤساء “إسرائيل” لاحقًا- للتعاون بين العرب واليهود في الشرق الأوسط، وذلك خلال تنقله لحضور مؤتمر باريس للسلام. في 8 مارس/آذار 1920 أعلن المؤتمر السوري العام استقلال سورية، باسم” المملكة العربية السورية ” وتتويج الأمير فيصل بن الحسين ملكًا عليها. بعد أحداث معركة ميسلون، واحتلال القوات الفرنسية دمشق، غادر الأمير فيصل سورية؛ فاتجه إلى درعا ثم إلى حيفا، ومنها إلى كومو في إيطاليا، ومنها إلى لندن، في أكتوبر/تشرين الأول 1920، وبمغادرته انتهت الملكية في سورية لتبدأ حقبة الانتداب الفرنسي على سورية. في 16 تموز/يوليو1921، أذاع المندوب السامي البريطاني السير بيرسي كوكس قرار مجلس الوزراء العراقي بمناداة الأمير فيصل ملكًا على العراق في ظل حكومة دستورية نيابية، وتوّج الملك فيصل ملكًا على العراق باسم الملك فيصل الأول. سافر الملك فيصل الأول إلى بيرن في سويسرا في  1أيلول/ سبتمبر1933، لرحلة علاج، وإجراء فحوص دورية، ولكن أُعلن عن وفاته بعد سبعة أيام، أي في 8 أيلول/سبتمبر1933، إثر أزمة قلبية ألمّت به. وقيل وقتها إنّ للممرضة التي كانت تشرف على علاجه علاقةً بموته، حيث أشيع بأنها دسّت السم في الإبرة التي أوصى الطبيب بها. وقد نشرت صحف عراقية آنذاك أنّ الوفاة لم تكن طبيعية، وشكّكت في دور بريطانيا في القضاء عليه، ودسّ السم في شرابه، أو في الحقن الطبية التي كان يُحقن بها. وكانت تقارير الأطباء السويسريين قبل وفاته بيومين تؤكد أنّه بصحة جيدة ولا يعاني من أمراض خطرة، ولكن تقرير الوفاة ذكر أنّ سبب الوفاة هو تصلب الشرايين. دُفن فيصل في المقبرة الملكيّة في منطقة الأعظميّة في بغداد.

الأمير محمّد سعيد الجزائري (1885-1970): هو حفيد المجاهد الجزائري الأمير عبد القادر الجزائري الذي عاش وأقام في سورية. استقرت عائلة الجزائري في زقاق النقيب بحي العمارة، خلف الجامع الأموي، حيث ولد الأمير محمّد سعيد عام 1883، سنة وفاة جدّه الأمير عبد القادر. الأمير سعيد هو سياسيّ جزائريّ، أقام في دمشق، ونصّب نفسه حاكمًا على المدينة خلال الفترة الانتقالية الفاصلة بين خروج الجيش العثماني، ودخول القوات العربية مع نهاية الحرب العالمية الأولى عام 1918. تحرك محمّد سعيد الجزائري  في عقب انسحاب العثمانيين من دمشق، وأعلن نفسه رئيسًا للحكومة العربية في سورية، باسم الشريف حسين بن علي قائد الثورة العربية الكبرى، واستمرّ في منصبه أيامًا قليلة، انقضت بدخول فيصل دمشق، حيث قام بتنصيب الفريق رضا باشا الركابي حاكمًا عسكريًا، ورئيسًا للوزراء، الذي قام بدوره باعتقال الأمير محمد سعيد. لم يشارك الأمير محمّد سعيد في الثورة العربية الكبرى التي أعلنت ضد الدولة العثمانية عام 1916، بقيادة الشريف حسين بن علي، وحافظ على ولائه لنظام الحكم القائم حتى خريف عام 1918، عندما وصلت طلائع الثوار إلى مشارف مدينة دمشق. استدعي الأمير محمّد سعيد إلى مقرّ الحكم العثماني المؤقت في فندق فيكتوريا على ضفاف نهر بردى، وعُقد اجتماع بينه وبين جمال باشا المرسيني، الذي طلب من الأمير تأمين حماية للجنود العثمانيين المنسحبين من دمشق. كان الأمير سعيد يأتمر على قوة عسكرية من الجنود الجزائريين الموالين لأسرته الذين جاؤوا مع جده إلى دمشق، فأمرهم بتوفير حماية للجنود المنسحبين ولأحياء المدينة المنكوبة من أيّ عمليات سرقة أو شغب. المجموعة الأولى من رجاله نُشرت جنوب المدينة في حي الشاغور، ووزعت الفرق الأخرى على الميدان، وباب شرقي، وباب توما، والقصاع، وحي الأكراد على سفح جبل قاسيون. وتوجهت مجموعة كبيرة من رجال الأمير إلى أحياء الصالحية والمهاجرين، حيث منزل الحاكم التركي ومعظم ضباطه، وذهبت مجموعة أخرى لحماية وسط المدينة، من حي باب الجابية وسوق مدحت باشا وسوق الحميدية، مروراً بساحة المرجة حيث السراي الحكومي.

علي رضا الركابي (1868-1942): ولِد علي رضا الركابي في دمشق لأُسرة دمشقية كبيرة وعريقة، عَمل أبناؤها بالتجارة. دَرس في المدرسة الرشيدية بدمشق، ثم في الكلية العسكرية في اسطنبول. وفور تخرجه منها التحق بالجيش العثماني، وعُين قائدًا عسكريًا، ومحافظًا على مدينة القدس، ثمّ على المدينة المنورة، ونُقل بعدها إلى بغداد، ومن ثمّ إلى البصرة قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914. كان معارضًا لقرار دخول الحرب، وقالها صراحة أمام كبار الضباط العثمانيين من جمعية الاتحاد والترقي، مطالبًا بحياد الجيش العثماني في معارك أوروبا. عدوه من الانهزاميين والجبناء، فأصدروا أمرًا بتسريحه وإحالته على التقاعد المُبكر، عِلمًا أنّه لم يكن قد تجاوز السادسة والأربعين من العمر. عندما عاد الركابي إلى دمشق أراد جمال باشا الاستفادة من عِلمه وخبرته، فقام بتعيينه رئيسًا لبلدية دمشق عام 1915. شكّل أول حكومة في سورية بعد استقلالها عن الدولة العثمانية، ثم أصبح رئيسًا للوزراء في إمارة شرق الأردن. رشّح نفسه لانتخابات رئاسة الاتحاد السوري الفيدرالي عام 1923، ولأول انتخابات رئاسية في الجمهورية السورية عام 1932. ولكن الحظ لم يحالفه، فاعتزل العمل السّياسي، وعاش في دمشق حتى وفاته عام 1942. أبرز انجازات رضا الركابي كانت في تعريب مؤسسات الدولة السورية كافّة، وإعادة فتح معهد الطب في منطقة البرامكة يوم 23 كانون الثاني 1919، بعد تكليف الطبيب رضا سعيد برئاسته. وفي 25 أيلول 1919، أشرف رضا الركابي على إعادة فتح معهد الحقوق، وعيّن القانوني الفلسطيني عبد اللطيف صلاح عميداً له. كما أسّس الركابي صحيفةً يوميّةً ناطقةً باسم الحكومة سميت جريدة العاصمة، وعَين المفكر الإسلامي محبّ الدين الخطيب رئيس تحرير لها. وأمر بإلغاء الألقاب العثمانية كافة داخل مؤسسات الدولة السورية، وإسقاط لقب “الباشا” الذي كان يتمتّع به منذ أن كان ضابطًا في الجيش العثماني. كما عُرف بانفتاحه الكبير على الأقليات، ومما ذُكر حول ذلك، أنّه نزل إلى حارة اليهود في دمشق القديمة، للاستماع إلى مطالب الحاخام يعقوب الدانون، وسمّى أحد أبناء الديانة اليهودية عضوًا في مجلس بلدية دمشق، الذي ضمّ اثني عشر شخصًا؛ عشرة من المسلمين، واثنان من المسيحيين؛ واحد من الطائفة الأرثوذوكسية، وثانٍ من الكاثوليكية. في 4 أب 1919، كُلف رضا الركابي بتأسيس حكومة مديرين مؤلفة من ستة مديرين، ثلاثة منهم كانوا مسيحيين؛ وهم مدير العدلية القاضي إسكندر عمون، من دير القمر، ومدير المالية سعيد شقير من الشويفات، ومدير الأمن العام جبرائيل حداد، من طرابلس الشام. أمّا بقية الحقائب، فقد ذهبت مديرية للمعارف للمؤرخ ساطع الحصري، والداخلية للزعيم الدرزي رشيد طليع. وقام بتعين ياسين باشا الهاشمي مديرًا لمجلس الشورى العسكري. اختلف الركابي مع الأمير فيصل، بسبب موقفه المهادن للضباط البريطانيين المحيطين به، وقبوله بقاء قواتهم العسكرية في مواقع عديدة منها؛ رياق، وبعلبك، وشتورا، وحوران، والكرك. ووجه لهم نقدًا لاذعًا من داخل مبنى النادي العربي، حيث كان يُعقد المؤتمر السوري العام، وتحدّث الركابي خلاله عن اتفاق سايكس بيكو الموقع بين الحكومتين الفرنسية والبريطانية خلال الحرب، واصفًا إياه بأنه “مجحف بحقوق البلاد ومخالفة لوعود الحلفاء. وفي الخطاب نفسه، أعلن الركابي عن استقالته من رئاسة الحكومة يوم 22 تشرين الثاني 1919، أي بعد ثلاثة أشهر فقط من تأليفها. في 8 آذار 1920، أعلن المؤتمر السوري العام عن استقلال سورية التام بحدودها الطبيعية، وقام بتتويج فيصل ملكاً على البلاد، وقبل دعوة الملك فيصل بالعدول عن الاستقالة، وقام بتشكيل حكومة جديدة يوم 9 أذار 1920. كان موقف الركابي صارمًا في رفضه لأيّ مواجهة عسكرية مع فرنسا، خوفًا على الجيش السوري من الهلاك. وقال مرارًا لفيصل إنّ هذا الجيش غير قادر على مواجهة الفرنسيين، وإنه سيُسحق لو فعل، بسبب تفوقهم عليه عسكرياً وتنظيمياً. وبناءً على هذا الموقف، قدم استقالته مجددًا للملك يوم 3 أيار 1920، وتمّ تعين رئيس المؤتمر السوري هاشم الأتاسي خلفًا له، ليقود حكومة حرب ومواجهة عسكرية. بعد معركة ميسلون في 24 تموز 1920. رحل الركابي عن دمشق بعد صدور قرار فرنسي باعتقاله، وذهب أولًا إلى مصر، ومن ثم إلى الحجاز، ليضع نفسه تحت تصرف الشريف حسين، الذي كلّفه بالذهاب إلى عمّان لمساعدة ابنه الأمير عبد الله بن الحسين في تأسيس إمارة شرق الأردن. استفاد الأمير من خبرة الركابي، وفي 10 أذار 1922، عينه رئيسًا للوزراء، بعد استقالة مظهر رسلان، أحد أعيان مدينة حمص المقيمين في الأردن. عَمل رضا الركابي على وضع قوانين الدولة الأردنية الحديثة، لا سيما في نطاق الأنظمة المالية والجهاز الإداري. وفي 3 تشرين الأول 1922 دعاه الأمير عبد الله إلى مرافقته في رحلة إلى لندن، لعقد معاهدة بين الأردن وبريطانيا. في عمّان اصطدم الركابي مع ضابط الاستخبارات البريطاني جون فيلبي، المقرب جدًا من الأمير عبد الله، فقدم استقالته وعاد إلى دمشق في نيسان 1923، بعد صدور عفو عام في سورية. من دمشق، أسس الركابي حزبًا سياسيًا يدعى حزب الأمة الملكي، هدفه استعادة العرش الهاشمي وإعادة تتويج فيصل بن الحسين ملكًا على سورية. ضم الحزب عددًا من رجالات فيصل القدامى، مثل عارف باشا الإدلبي، أحد أركان الثورة العربية الكبرى. أصيب رضا الركابي بجلطة أدت إلى شلل مُزمن في نهاية حياته، وتوفي في دمشق عن عمر ناهز 74 عامًا، يوم 25 أيار 1942.

نوري السعيد (1888- 1958): هو نوري سـعيد صالح ملا طه القره غولي، ولد في بغداد سنة 1888م، وتعلّم في مدارسها العسكرية. وتخرج من المدرسة الحربية في اسطنبول سنة 1906م، ودخل مدرسة أركان الحرب فيها سنة 1911م، وحضر حرب البلقان (1912-1913) وشارك في اعتناق « الفكرة العربية» أيام ظهورها في اسطنبول، وهو رجل عسكري وسياسي من قادة العراق ومن أساطين السياسة العراقية والعربية وعرّابها إبان الحكم الملكي، وكان يشغل منصب وزير ورئيس وزراء لفترات متعددة، وساهم بتأسيس عصبة الأمم وهيئة الأمم المتحدة والجامعة العربية التي كان يطمح إلى ترؤسِهَا. بدأ حياته ضابطًا في الجيش العثماني، وشارك في معارك القرم شمال البحر الأسود بين الجيش العثماني والجيش الروسي. وبعد خسارة العثمانيين عاد وحده من القرم إلى العراق، قاطعًا مسافات كبيرة ما بين السير على الأقدام وركوب الدواب. ولقد انتمى إلى الجمعيات السرية المنادية باستقلال العراق والعرب عن الدولة العثمانية، ثم شارك في الثورة العربية الكبرى مع الشريف حسين يشير عبد الوهاب بيك النعيمي في مراسلات تأسيس العراق إلى أنه قد اختير لعضوية المجلس التأسيسي للعراق عام 1920 من الحكومة البريطانية في العراق برئاسة المندوب السامي السير بيرسي كوكس. كان نوري السعيد دبلوماسيًا من الطراز الأول، يتحدث الإنجليزية بطلاقة. وصفه المقربون منه بأنّه كان ميكافيليًا بالفطرة، يؤمن بأنّ الغاية تبرر الوسيلة، فيجيد اختيار ساعته، ويعرف كيف يقتنص الفرص الثمينة لتقوية أوراقه الرابحة، وله مبدأ خاص في الحكم عرف به، وهو مبدأ “خذ وطالب”. في  1922م، نُصّبَ نوري السعيد مديرًا عامًا للشرطة في سورية. وتولى نوري منصب رئاسة الوزراء في العراق 14 مرة؛ في الفترة الممتدة بين منذ 23 آذار/ مارس 1930 ولغاية 13 أيار/ مايو 1958. من أهم القرارات السياسية التي كان لنوري السعيد دور رئيس فيها، وخلقت ضجات عنيفة، هو دوره في تشكيل حلف بغداد سنة1955، وكذلك الاتحاد الهاشمي بين العراق والأردن عام 1958. وصِف نوري السعيد بأنه رجل الغرب في العالم العربي، في المقابل رأى بعضهم أنّ لديه من المواقف القومية ما يعد في حسابات اليوم منتهى الراديكالية، وكان مقتنعًا بأن لا بد للعراق أن يعتمد على دولة كبرى ليردع أعدائه. عمل على تعريب مدينة كركوك بتوطين الموظفين العرب فيها، مستخدمًا أسلوب نقل الموظفين سنويًا منها وإليها، فالموظفون التركمان والأكراد وقسم من العرب كانوا ينقلون سنويًا إلى المحافظات الأخرى لمدة أربع سنوات لخدمة مدنية فيها، وينقل إلى كركوك موظفين عرب ليقضوا بقية عمرهم الوظيفي والحياتي فيها. ذكر عبد الرحمن عزام باشا في مذكراته عن اعتقاده أن نوري السعيد كان يعمل لمصلحة الدول الاستعمارية وجاء فيها: تصور نوري السعيد أنّ في وسعه أن يجعل من الجامعة العربية أداة يحركها في خدمة مصالح قوى الاستعمار الأجنبي في بلادنا العربية. بعد سماع نوري باشا السعيد بتفاقم الأحداث المتلاحق بعد إعلان الجمهورية في العراق، فإنه لم يكن لديه الوقت الكافي للمقاومة أو الهرب، فحاول الاختباء لمدة يومين كاملين تمهيدًا لمقاومة النظام الجديد، كما فعل عند قيام حركة رشيد عالي الكيلاني عام1941. تقدمت قوة عسكرية من المهاجمين بغرض إلقاء القبض على نوري السعيد، فتنكر بزي امرأة ليتمكن من المرور من بين المهاجمين والحشود الملتفة حولهم، وتعرف إليه أحد الشبان في منطقة الكاظمية وهو يروم الركوب في السيارة بعد أن انكشفت ملابسه التنكرية، وتمت ملاحقته، وما لبث أن تطورت المواجهة إلى اشتباك بالأسلحة الخفيفة بين نوري السعيد وعناصر القوة الأمنية. اختلفت الروايات حول مصرع نوري السعيد، فإحدى الروايات تذكر أنه أصيب بعدد من الطلقات من أحد عناصر القوة المهاجمة، وتذكر رواية أخرى وردت في مذكرات الدكتور صالح البصام أحد اصدقاء نوري السعيد الشخصيين، بأنه عندما وجد نفسه محاصرًا، انتحر بإطلاق رصاصة على نفسه. ودفن نوري السعيد في مقبرة الكرخ بعد وضع جثته في قبو بوزارة الدفاع، حيث كان يوجد العميد عبد الكريم قاسم، وقامت الحكومة البريطانية بتخصيص مبلغ زهيد لزوجته لا يكاد يكفي لسد رمقها. من مؤلفاته؛ أحاديث في الاجتماعات الصحافية. استقلال العرب ووحدتهم. محاضرات عن الحركات العسكرية للجيش العربي في الحجاز وسورية.

أبرز الصحف الصادرة في سورية عام 1918 

يقول الدكتور شمس الدين الرفاعي، صاحب كتاب “تاريخ الصحافة السورية واللبنانية من العهد العثماني حتى الاستقلال: “لكل أمة تاريخها الصحافي، ترى من خلاله، حياتها السياسية والاجتماعية، تتأمل في مجرى أحداثه، إذا ما أرادت أن تدرك مفهوم قيمة جهدها البشري”.

أدت الصحافة السورية دورًا مهمًا في تاريخ العرب الحديث، ففي بداية القرن التاسع عشر ظهرت عدة صحف ومجلات باللغة العربية في أرجاء عديدة من الوطن العربي، خاصة سورية، حيث أثّرت تأثيرًا كبيرًا في الفكر العربي القومي، وما كان من جرّاء ذلك، إلا أن قامت الحكومة العثمانية بإضطهادها. وقد شكّلت هذه الصحف الشرارة الأولى للثورة العربية الكبرى. وعندما تم جلاء الأتراك عن سورية، وحصلت على استقلالها، انطلقت الأحاسيس القومية المكبوتة، وبدأت عدة صحف يومية بالظهور، في عهد الملك فيصل الأول، حيث شاركت في المطالبة بالاستقلال التام، واشتركت في الصراع ضد الاستعمار، وحرّضت الرأي العام على التمسك بحقوقه قبل مؤتمرات الدول الأجنبية التي أرادت أن تقسّم البلاد العربية إلى مناطق نفوذ إنجليزية وفرنسية. كانت دمشق في تلك الفترة مركزًا لهذه الحركة القومية، حيث أصبحت منارةً تتجه إليها أنظار العرب، وكان ملكُها وبرلمانها وصحافتها ملاذ آمالهم.

جريدة الاستقلال العربي: جريدة يومية سياسية، صَدر عددها الأول يوم 14 تشرين الأول/أكتوبر 1918 والأخير يوم 18 شباط/ فبراير 1920. أصدرها رشيد الصلح، ومعروف الأرناؤوط. كُتِب في ترويسة الصفحة الأولى: “جريدة من العرب للعرب” وكان عثمان قاسم مديرًا للتحرير.

جريدة لسان العرب: صدر العدد الأول منها في دمشق يوم 15 تشرين الأول/أكتوبر 1918، وكان رئيس التحرير، الصحافي المعروف خير الدين الزركلي، والذي ارتبط اسمه بجريدة أسبوعية صدرت في دمشق في العهد العثماني تُدعى “الأصمعي”. توقفت “لسان العرب” يوم 25 كانون الثاني/ يناير 1919 عندما تخلّى عنها الزركلي لكي يتفرغ للعمل على جريدة جديدة، تدعى “المفيد.”

جريدة سورية الجديدة: صحيفة يومية سياسية، صدر العدد الأول منها يوم 27 كانون الأول/ ديسمبر 1918 أسسها توفيق يازجي وحبيب كحّالة، والأخير كان رئيس تحرير لها، الذي اشتهر لاحقًا عبر مجلة المضحك المبكي من نهاية العشرينيات وحتى مطلع الستينيات.

وفي هذا العام، أسس عبد الوهاب أبو السعود -وهو كاتب ومسرحي معروف-عددًا كبيرًا من النوادي، مثل: نادي الاتحاد والترقي 1918، الذي تحول إلى «النادي العربي» بعد دخول الملك فيصل دمشق. 

من مواليد هذا العام:

ولد الأديب والكاتب الروائي عبد السلام العجيلي في مدينة الرقة. كتب القصة والرواية والشعر والمقالة، وقد بلغ عدد أعماله أربعة وأربعين كتابًا حتى 2005، وتوفي عام 2006. من أبرز أعماله القصصية؛ ساعة الملازم، الخائن، الرصيف، فصول أبي البهاء.

ناجي بن عبد الرحمن مشوح (1918–1992) شاعر سوري ولد في منطقة البوكمال التابعة لمحافظة دير الزور. 

كما ولد في هذا العام الفنان صبري المدلل، واسمه الحقيقي محمد المدلل الذي تتلمذ على يد عمر البطش، عمل مؤذنًا في بدايته، ثم غنى الموشحات والقدود، وغنى في إذاعة حلب عام 1949، ثم أسس فرقة إنشاد ديني، وتوفي عام 2006.

ولد الفنان ناظم الجعفري في حي العمارة بدمشق، في 17 تشرين الأول/ أكتوبر 1918، تخرّج في قسم التصوير الزيتي في كلية الفنون الجميلة في القاهرة، وعُيّن رئيسًا لقسم التصوير الزيتي في كلية الفنون الجميلة بدمشق. أقام عدة معارض، فردية وجماعية، في دمشق وباريس وريو دي جانيرو. ويعد الجعفري، من متبعي المدرسة الانطباعية. توفي عام 2015.

الفنان محمد ناجي العبيد، من مواليد دير الزور-الجبيلية 1918، من المؤسيين الأوائل لنقابة الفنون الجميلة، وهو مؤسس نقابة الفنون التشكيليلة في دير الزور. قدّم العبيد 5037 لوحة، وأقام 115 معرضًا، دوليًا ومحليًا. توفي في 13 آذار/ مارس 2019.

ولد يحيى فريد الشهابي في بلدة راشيا، 1918، وانتقلت أسرته إلى دمشق، بدأ بنظم الشعر عام 1933، ونشر ديوانه الأول “سراب” عام 1936، درس الحقوق في جامعة دمشق، ودرس الترجمة في السوربون، وهو من مؤسسي إذاعة دمشق، وأصبح مديرًا لهيئة الإذاعة والتلفزيون في فترة الوحدة بين سورية ومصر، توفي عام 2003.

المصادر:

 تم الإعداد التاريخي لهذا العام، بالاعتماد على مراجع عديدة، منها:

 كتاب تاريخ سورية 1908-1918 آخر الحكم التركي للكاتب علي سلطان.

كتاب تاريخ سورية 1918-1920 حكم فيصل بن الحسين للكاتب علي سلطان.

كتاب بلاد الشام في مطلع القرن العشرين قراءة في وثائق الدبلوماسية الفرنسية للباحث وجيه كوثراني. 

كتاب الجيش والسياسة في سورية 1918-2000 للكاتب بشير زين العابدين.

كتاب يوم ميسلون، صفحة من تاريخ العرب الحديث للمؤرخ ساطع الحصري. موقع التاريخ السوري المعاصر. 

موقع ويكيبيديا.. ومواقع أخرى.

تاريخ سورية خلال مئة عام (1920-2020)

زاوية تاريخية تنشر كل أسبوع أو كل أسبوعين، تتناول التاريخ السوري بحسب السنوات خلال مئة عام، ما بين عامي 1918 و2020، وتعرض في كل سنة أهم الحوادث السياسية، وأبرز الشخصيات الفاعلة أو المؤثرة، إضافة إلى الفاعليات أو المحطات الثقافية المميّزة، بهدف التعريف بالتاريخ السوري بطريقة مبسّطة، ويعدّها ويحرِّرها فريق عمل بإشراف الأستاذ فادي كحلوس بالاعتماد على مصادر موثوقة.

فادي كحلوس

مدير تنفيذي لمؤسسة ميسلون للثقافة والترجمة والنشر، من مواليد 1979، خريج كلية الإعلام بجامعة دمشق، ناشط سياسي واعلامي، من مؤسسي (تجمع أحرار دمشق وريفها للتغيير السلمي – لجان التنسيق المحلية – تجمع أحرار ثورة الكرامة) 2011، له عديد من المقالات والقراءات النقدية منشورة في عدد من الصحف المطبوعة والإلكترونية.

مشاركة: