Search

تقويم العلاقات التركية- الروسية في سياق الأزمة السورية


عبد القادر باهار جيجك*عثمان أغير**
 ترجمة علي كمخ
فهرس المحتويات

مقدمة.. 2

أولًا- مبررات ودواعي تدخل كل من الجمهورية التركية وروسيا الاتحادية في الأزمة السورية.. 3

ثانيًا- مجالات التعاون وساحات الصراع بين تركيا وروسيا في سورية.. 4

مجالات التعاون.. 4

حماية وحدة تراب سورية.. 4

مواجهة السياسات الأميركية في المنطقة.. 5

التخفيف من الأخطار والتهديدات، ومكافحة الإرهاب… 5

ساحات الصراع.. 5

دوام سلطة الأسد.. 5

دعم فصائل مختلفة على الأرض….. 5

تأسيس منطقة خالية من الإرهاب… 5

دعم روسيا قوات النظام وتزويدها بالسلاح… 6

وجود حزب العمال الكردستاني/ حزب الاتحاد الديمقراطي في المنطقة.. 6

ثالثًا- تقويم العلاقات التركية- الروسية في سياق الأزمة السورية.. 6

رابعًا- الخاتمة.. 11

خامسًا- المصادر. 12

ملخص

مع انتهاء حقبة الحرب الباردة، ظهرت آفاق إمكان تعاون وعمل مشترك في العلاقات التي سارت بين تركيا وروسيا في إطار من التنافس والصراع خلال المرحلة التاريخية. فقد تم نقل العلاقات التي بدأت بين البلدين اقتصاديًا في الحقبة الجديدة إلى المجال السياسي. غير أن الحرب الأهلية السورية التي اندلعت في وقت توطدت فيه العلاقات بين البلدين أكثر من أي وقت مضى، تسببت في بروز مشكلات جديدة في العلاقات القائمة بينهما. وقد أثرت ساحات وملفات الصراع الجديدة سلبًا في العلاقات الثنائية بين تركيا وروسيا التي وصلت إلى حافة الانهيار مع إسقاط المقاتلات التركية الطائرة الروسية، إلا أن هذه العلاقات أُطلقت مجددًا لتدخل مسارها الطبيعي نتيجة المواقف والسياسات العقلانية لكلا الجانبين. وقد ساهم استعداد البلدين لأخذ زمام المبادرة لحل المشكلات معًا، في تطوير ردود أفعال البلدين للعمل بشكل مشترك في الأزمة السورية. ويمكن في هذا الإطار عد الختام الناجح لمسار آستانة، وهي الخطوة الملموسة الوحيدة التي تم تطويرها على الساحة الدولية لإيجاد حل للحرب الأهلية الدائرة في سورية، نموذجًا لحل المشكلات والقضايا الإقليمية الأخرى. ومن هذا المنطلق؛ ستتناول هذه الدراسة النقاش حول مدى مساهمة المبادرات التركية- الروسية في حل القضايا الإقليمية التي تشكل الأزمة السورية محورها، وتقويم العلاقات بين البلدين في سياق هذه الأزمة من خلال تحليل ساحات الصراع والتوافق بين تركيا وروسيا منذ انطلاق الأزمة السورية وحتى الآن، باعتماد مناهج البحث الوصفية التاريخية فيها [[1]]

 كلمات مفتاحية: تركيا. روسيا. الأزمة السورية. الربيع العربي. أزمة الطائرة.

مقدمة

قامت روسيا الاتحادية على أنقاض الاتحاد السوفياتي الذي تفكك عام 1991 بوصفها خلفًا ووريثًا شرعيًا له. وهي عضو دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وأكبر دولة برية في العالم. وتعد بسبب امتلاكها التكنولوجيا النووية والقدرة العسكرية والموقع الجغرافي السياسي المهم بين آسيا وأوروبا، والموارد الطبيعية والإمكانات الاقتصادية والقوى البشرية العاملة المدربة، من أهم جيران تركيا. والأمر الرئيس الذي يجعل تركيا وروسيا محط اهتمام دول العالم، هو محاولتهما صوغ سياساتهما الخارجية على قواعد القوة العالمية إلى جانب القدرات والإمكانات السياسية والاقتصادية والعسكرية التي تمتلكانها.

وقد سارت العلاقات التركية- الروسية وتطورت على أرضية تنافسية وتصارعية على مدار التاريخ نظرًا إلى كثرة الملفات الخلافية بينهما. ففي الوقت الذي كانت فيه فترات التعاون بين البلدين قاصرة ومحدودة جدًا، استخدم الروس مبررات الدفاع عن حقوق الأرثوذكس على أنها وسيلة للتدخل في الشؤون الداخلية للإمبراطورية العثمانية. ومال القسم الأعظم من السياسة التوسعية لروسيا القيصرية نحو مناطق آسيا الوسطى والقوقاز ومناطق البلقان التي كانت تتبع لأراضي الدولة العثمانية التركية. ومع انهيار الدولة العثمانية ودولة روسيا القيصرية، وقيام الجمهورية التركية والاتحاد السوفياتي مكانهما بعد الحرب العالمية الأولى، سعت كلتا الدولتين إلى النأي بنفسيهما عن الصراعات الدولية في فترة ما بين الحربين العالميتين. غير أن الغزو الألماني لروسيا خلال الحرب العالمية الثانية حمل الروس على الانضمام في الحرب إلى جانب الحلفاء (Yılmaz ve Yakşi, 2016, 10). خرجت روسيا من الحرب العالمية الثانية منتصرة، فطالبت بأراض من جمهورية تركيا (مدن قارص وأردهان)، وأثارت قضية تعديل وضع المضائق لمصلحتها، فأجبرت تركيا على التحرك مع التكتل الغربي، والانضمام من حيث النتيجة إلى حلف (ناتو) شمال الأطلسي. فبقيت العلاقات في المرحلة الجديدة المسماة بـ “فترة الحرب الباردة” بين البلدين المنضويين إلى كتلتين مختلفتين على مستوى محدود جدًا. لكن مع انفراط عقد الاتحاد السوفياتي وتفككه، وانتهاء الحرب الباردة، تحسن إمكان التعاون بين البلدين وفرصه، وانتقلت العلاقات التي بدأت على أسس اقتصادية إلى الساحة السياسية. فعلى الرغم من اتسام العلاقات بين روسيا وتركيا بالهشاشة في الفترة الجديدة بسبب كثرة مناطق الصراع، إلا أن هذه العلاقات أظهرت بمرور الوقت تطورًا متعدد الأبعاد، بما في ذلك مجالات وسبل التعاون في البحث عن حلول للمشكلات الإقليمية. لكن هذا الوضع لم يساهم في إغلاق ملفات الصراع بينهما تمامًا، إذ ما زالت المسائل المتنازع عليها في آسيا الوسطى والبلقان والقوقاز وسورية والبحر الأسود، تنتظر حلاً.

تحول الربيع العربي (الاسم الذي أطلق على مطالب الشعوب بالحرية الذي بدأ من تونس) إلى حرب أهلية في سورية، ومع تدخل القوى الكبرى في المسألة باتت المشكلة بداية لأزمة من الصعب حلها. فقد اتبعت تركيا في البداية سياسة الباب المفتوح الذي كان من نتيجتها دخول نحو أربعة ملايين طالب لجوء سوري إلى تركيا. واتفقت في طريق حل القضية السورية مع الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي على ضمان حدودها الجنوبية، وقيام الدول المذكورة بتقديم المساعدات النقدية لإنفاقها على اللاجئين، وعلى إيجاد حل للأزمة من دون الأسد. ولكن دع عنك التزام الدول الغربية بالعهود التي قطعتها على نفسها جانبًا، بل على العكس تمامًا، فقد باشرت هذه الدول خلال المرحلة بدعم وتقوية حزب الاتحاد الديمقراطي، ذراع حزب العمال الكردستاني في سورية، المتمركز على الحدود الجنوبية لتركيا. ولذلك اضطرت تركيا التي تجاهل شركاؤها مصالحها في المنطقة، إلى التوجه نحو روسيا لإيجاد حلول مشتركة تنهي الأزمة السورية. وانطلاقًا من ذلك ساهم التحرك التركي- الروسي المشترك لحل الملف السوري والملفات الإقليمية في قطع مسافات شاسعة في العلاقات بين البلدين، ونقلها إلى مرحلة جديدة.

بدأت دولة روسيا الاتحادية في سبيل تحقيق مصالحها بعد مدة قصيرة من بداية الحرب الأهلية في سورية باستغلال الأزمة وسيلةً للوصول إلى الشرق الأوسط وشرق البحر المتوسط، والاستقرار في المنطقة. غير أن الخلاف السياسي الأساس بين تركيا وروسيا في سورية تركز حول الأسد، إذ بينما دعمت روسيا نظام الأسد مباشرة، ركزت تركيا جهدها على إيجاد حل يستبعد الأسد، ودعمت قوى المعارضة. وعلى الرغم من كل ذلك، فإن السياسات الأميركية في سورية التي باتت تهدد مباشرة الأمن القومي التركي، وكذلك العزلة الدولية التي تعيشها روسيا، حملت البلدين على التقارب لتأخذ العلاقات بينهما فيما يتعلق بالأزمة السورية زخمًا جديدًا. وانطلاقًا من هذا، سنعمل في هذه الدراسة على معالجة العلاقات التركية- الروسية في سياق الأزمة السورية.

تتضمن الدراسة- التي أُعدت استنادًا إلى فرضية عدم استطاعة البلدين تحقيق التوافق الكامل في مسألة حل القضية السورية، لكن بإمكانهما التحرك معًا في القضايا المرفوضة لديهما التي تمضي بها دول الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأميركية- تقويمًا لعلاقات البلدين في سياق المسألة السورية، والوقوف على ملفات النزاع والتوافق بينهما منذ بداية اندلاع الأزمة السورية حتى تاريخه وتحليلها. وستناقش الدراسة المشكلات المتعلقة بمدى مساهمة تطوير المبادرات التركية- الروسية إيجابيًا في إيجاد حلول للمعضلات الإقليمية وفي مقدمتها الأزمة السورية، وما إذا كانت السياسة التنافسية للبلدين في سورية ستتحول إلى تعاون بينهما أم لا؟ استخدمت في الدراسة مناهج البحث التاريخية والوصفية واعتمدت طرق معالجة المعلومات النوعية والكمية المستخدمة في العلوم الاجتماعية على أنها أداة لمعالجة المعلومات من خلال الاستعانة بالكتب والمقالات ومصادر الإنترنت والمجلات وما إلى ذلك من المصادر المكتوبة.

 

أولًا- مبررات ودواعي تدخل كل من تركيا وروسيا في الأزمة السورية

إن العملية التي بدأت بإضرام شاب النار في نفسه في تونس عام 2010، سميت بـ “الربيع العربي” وكانت سببًا في اشتعال الحرب الأهلية السورية، وهو الاسم الذي أطلق على عموم الحركات الشعبية التي بدأت بإعلان الشعب التونسي والشعوب العربية الأخرى مطالبهم بالتغيير والديمقراطية. ففي حين أدت الأعمال والاعتصامات إلى الإطاحة بالحكومات في كل من تونس ومصر وليبيا، لم يحصل أي تغيير في الأنظمة في اليمن وسورية لأسباب داخلية وخارجية مختلفة. ولم يتحقق الصلح والسلام من حيث النتيجة. ومن الممكن أن ألخص أسباب التطورات التي حدثت في العالم العربي بعنوانين رئيسين وهما، الأسباب الداخلية والأسباب الخارجية.

أما الأسباب الداخلية فتتلخص في مطالب الشعوب بالحرية، والقضاء على الفساد المستشري في معظم الدول العربية، إضافة إلى المشكلات الاقتصادية، ووجود طبقة وسطى متنامية، والحكومات الاستبدادية، وتأييد أغلبية الأنظمة لإسرائيل ومناصرتها للغرب. وأما الأسباب الخارجية فيمكن إيجازها بالتغير الحاصل في النظام الدولي، وسهولة الوصول إلى المعلومات ومشاركتها مع العولمة، والانزلاق الذي أصاب محور موازين القوى العالمية والدولية (Baharçiçek, 2017, 357-361). فيما عدت روسيا أن السبب الجذري لحراك الربيع العربي، السياسة النشطة التي تنفذها الولايات المتحدة في سبيل إعادة صوغ وتشكيل الشرق الأوسط، والقضاء على المصالح الاستراتيجية لروسيا (Yılmaz, 2019, 250).

غير أن أسباب الحرب الأهلية التي اندلعت في سورية مع امتداد شرارة الربيع العربي إليها تتمثل في الخلافات الطائفية، والصعوبات الاقتصادية، والضغوط السياسية الممارسة من النظام الاستبدادي (Samaylov, 2018, 1)، وضعف التأييد الاجتماعي، وتنامي المعارضة المناهضة له، وافتقاره إلى القوة الكافية لقمع الحراك الشعبي، وعدم رغبة النظام الذي يتكئ بدرجة كبيرة على الأقلية النصيرية في التخلي عن السلطة، وتنافس القوى الكبرى في الشرق الأوسط.

يستند تدخل كل من روسيا وتركيا في الأزمة السورية من عدة جوانب إلى مبررات وأسباب متباينة. فلو جاز التقويم في ما يتعلق بروسيا الاتحادية، فسيظهر الأمر مرتبطًا بشكل رئيس بالعلاقات السورية- الروسية الموروثة من العهد السوفياتي. إذ إن سورية التي كانت إحدى قلاع الاتحاد السوفياتي في الشرق الأوسط خلال حقبة الحرب الباردة، أصبحت آخر معاقل روسيا في المنطقة، وفي البحر الأبيض المتوسط عند تناولها بالتوازي التطورات الأخيرة.

على الرغم من أن روسيا تولي أهمية كبيرة للمنطقة العربية التي تحتل مكانة مهمة في سوق الطاقة العالمية (Sapranova, 2017, 395)، إلا أن المنطقة ليست ذات أهمية حياتية بالنسبة إليها، بسبب عدم اعتمادها الشرق الأوسط في مجال الطاقة. فهي تتحرك في المنطقة من غايتها الأساس المتمثلة بتقييد النفوذ الإقليمي للولايات المتحدة الأميركية، ومنع القوى الإقليمية الفاعلة؛ تركيا ومصر وإيران، من أن تغدو قوة منافسة لها مستقبلًا، وإثبات قوتها وتأثيرها في السياسة الدولية. ويمكن تفسير سياسات روسيا عند تقويمها من وجهة النظر هذه بـ “الواقعية العدوانية” التي تعد من نظريات العلاقات الدولية.

تكمن الأهمية السورية بالنسبة إلى روسيا في البعد الاستراتيجي أكثر من العوامل الاقتصادية، إذ تسعى روسيا عبر سورية إلى منع الولايات المتحدة من تغيير ميزان القوى في الشرق الأوسط تمامًا لمصلحتها، وبالتالي حماية مكانتها بوصفها دولة قوية تواصل وجودها في المنطقة (Samaylov, 2019, 211). وتعد قاعدة طرطوس البحرية [[2]] التي هي بمنزلة بوابة روسيا إلى الشرق الأوسط، ومحاولات منع الولايات المتحدة والدول الإسلامية السنية من الهيمنة على الشرق الأوسط، واكتساب القدرة في هذه المنطقة، والعمل على تغييب الأزمة الأوكرانية، ورفع الحظر الاقتصادي، وإظهار فشل السياسات الإقليمية للولايات المتحدة، وتحييد الدور التركي الفاعل وإفشالها في المنطقة، وانضمام مقاتلين من شمال القوقاز في صفوف داعش إلى ساحات القتال في سورية [[3]]، وخلق جو من عدم الثقة بين الحلفاء من خلال تحييد حلف شمال الأطلسي، والتستر على الشائعات التي تتردد حول الفساد الداخلي من خلال اكتساب القوة في السياسة الداخلية، وإحياء سياسات الشعور والوعي الوطني في روسيا، وإعاقة إقامة دولة تركمانية في سورية، وزيادة صناعة السلاح والإتجار به، ودعم إقامة الدولة النصيرية، من أهم أسباب الوجود الروسي في سورية (Yılmaz,2016, 159-233).

في حين أن أسباب التدخل التركي في الأزمة السورية مفهومة أكثر بالمقارنة مع روسيا. إذ تتقاسم سورية 911 كيلومترًا من الحدود البرية مع تركيا، وتحمل مخاطر أمنية جدية بالنسبة إليها. حيث إنها، أي تركيا، استهدِفت بعدد كبير من القذائف من أسلحة بعيدة المدى من سورية، أدت إلى فقدان عديد من المواطنين الأتراك حياتهم، إضافة إلى تعرض المواطنين السوريين من ذوي الأصول التركمانية إلى التطهير العرقي بذريعة الحرب الأهلية، ما حملهم على اللجوء إلى تركيا التي واجهت تدفقاً خطراً للاجئين في ظل الأزمة، وباتت بحلول نهاية عام 2019 تستضيف نحو أربعة ملايين طالب لجوء سوري. وقد حدثت مشكلات خطرة على صعيد أمن الحدود، إذ وسع تنظيم داعش الإرهابي دائرة نفوذه باتجاه الحدود التركية، وبات قسم كبير من الحدود البرية التي يبلغ طولها 911 كيلومترًا تحت سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي، الذراع السوري لتنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي [[4]]، ما شكل تهديدًا كبيرًا على الأمن القومي التركي. وبناء على ذلك، فإن التدخل التركي في سورية له ما يبرره، على عكس التدخل الروسي الذي انبنى غالبًا على تطلعاتها وتوقعاتها المتعلقة بالسياسة الدولية.

 

ثانيًا- ساحات الصراع ومجالات التعاون بين تركيا وروسيا في سورية

كانت مقاربات روسيا وتركيا في بداية الحرب الأهلية السورية حيال المشكلة متباينة ومختلفة، روسيا الاتحادية التي تجنبت التدخل المباشر في الأزمة حتى عام 2015، بدأت باتباع سياسات استباقية بدءًا من هذا التاريخ. فقد تركز الصراع السياسي الرئيس بين روسيا وتركيا في سورية على النظام السوري وبشار الأسد، ففي حين دعمت روسيا قوات النظام بشكل مباشر، كثفت تركيا جهدها نحو قوى المعارضة بالتركيز على إيجاد حل من دون الأسد. وتجاه كل هذا، كانت السياسة الأميركية في سورية التي بدأت تشكل تهديدًا للأمن القومي التركي، وعزلة روسيا على الساحة الدولية، قد ساهمت في التقارب بين البلدين، فظهرت بينهما (إلى جانب ساحات التنافس والصراع) مجالات للتعاون والشراكة. وانطلاقًا من ذلك، سنورد في هذا القسم مجالات التعاون والصراع بين البلدين في المنطقة.

1.      مجالات التعاون

تعد حماية وحدة أراضي سورية، واتخاذ مواقف مشتركة تجاه السياسات الأميركية في المنطقة، وتغيير النظام بالوسائل الدستورية، والحد من التهديدات، ومحاربة الإرهاب، هي المجالات التي يتعاون فيها البلدان في المسألة السورية أو يحملان الأفكار نفسها حولها.

§       حماية وحدة تراب سورية

تعارض تركيا مسألة تقسيم سورية إلى أجزاء عديدة بأي شكل من الأشكال، وتعدها مشكلة أمن قومي بالنسبة إليها، وتريد الحفاظ على وحدة أراضي سورية. أما روسيا الاتحادية التي قبلت في البداية الاعتراف بحكم ذاتي ثقافي لكيان كردي شمال سورية. سرعان ما استبعدت هذه الفكرة لتركز على مسألة وحدة أراضي سورية بعد أن انصاع هذا الكيان جزئيًا لأوامر  وسيطرة الولايات المتحدة الأميركية. إذ بينما تؤيد الولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا وفرنسا وبعض الدول العربية تقسيم سورية إلى ثلاث مناطق (سنية وكردية ونصيرية)، تريد تركيا وروسيا في الطرف الآخر أن تواصل سورية وجودها بكونها دولة واحدة موحدة غير مجزأة. وفي حين تدعم تركيا مسألة حماية وحدة الأراضي السورية لأن قيام أي كانتون كردي محتمل قد يهدد أمنها القومي، تنظر روسيا إلى القضية بعين القلق من احتمال وقوع الكانتونات الكردية والعربية السنية التي سيتم إنشاؤها تحت سيطرة الولايات المتحدة.

§       مواجهة السياسات الأميركية في المنطقة

تحركت تركيا في بداية الأزمة السورية بالتعاون مع دول الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، وأرادت حلاً يستبعد بشار الأسد من العملية من خلال دعم المعارضة المعتدلة. وفي هذا الإطار، قطع حلفاؤها وعودًا بضمان أمن حدودها وتقديم العون لها في قضية المهاجرين وتبني أعباءهم المالية، وأرسل حلف (ناتو) إلى تركيا منظومة الدفاع الصاروخية باتريوت لنشرها في الأراضي التركية. فيما اعتقد الروس أن الولايات المتحدة ترغب باستبعاد روسيا عن القضايا العالمية من خلال تحييدها في سورية وإخراجها من الشرق الأوسط تمامًا. لذلك رأت روسيا أن لا مفر لها من الانتصار في سورية لكي تثبت للرأي العام الداخلي والمجتمع الدولي على حد سواء، أنها فاعلة ومؤثرة في القضايا الدولية. وبينما كانت تركيا والولايات المتحدة الأميركية تتحركان على الأرض معًا في البداية، توقفت الولايات المتحدة فجأة عن التعامل مع تركيا، وحولت بوصلتها باتجاه حزب الاتحاد الديمقراطي [[5]] بذريعة محاربة تنظيم داعش الإرهابي، بعد أن أدركت قوة تركيا المحتملة بوصفها فاعلًا مؤثرًا في الشرق الأوسط. وهو ما حمل البلدين تركيا وروسيا على البحث عن طرق للتوافق بينهما، إلا أن روسيا تريد على غرار الولايات المتحدة، منع تركيا من الإضرار بمصالحها عبر زيادة مستوى نشاط تركيا في المنطقة.

§       التخفيف من الأخطار والتهديدات، ومكافحة الإرهاب

لما كانت روسيا على علم بانخراط عدد لا بأس به من مواطنيها في صفوف تنظيم داعش، وترى أن في ذلك تهديدًا لها، فقد أرادت وتركيا القضاء على داعش والتخلص منه، حيث يسود لدى شريحة كبيرة من الرأي العام في كلا البلدين تصور بأن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) ما هو إلا مشروع أميركي. لذلك، فإن كلا البلدين يعتقدان بأن القضاء على التهديد الإرهابي سوف يساهم في توسيع نطاق حركتهما في سورية.

2.      ساحات الصراع

يعد دعم الطرفين فصائل مختلفة في الميدان، ومسألة إنشاء المنطقة العازلة، وتقديم روسيا الأسلحة الثقيلة لقوات النظام، ووجود حزب العمال الكردستاني، وحزب الاتحاد الديمقراطي في المنطقة، على أنها ساحات للصراع بين البلدين في المشكلة السورية.

§       دوام سلطة الأسد

روسيا، التي تعد سورية بوابتها على البحر المتوسط، والنظام السوري شريكها الاستراتيجي في الشرق الأوسط، عززت قواعدها العسكرية في سورية منذ بداية الأزمة، وبدأت بدعم نظام الأسد في كل المجالات. إذ تنظر روسيا إلى نظام الأسد على أنه الشريك الذي لا يمكن الاستغناء عنه، لأن روسيا تدرك تمامًا عدم قدرتها على مواصلة وجودها الطويل الأجل في سورية من دون هذا النظام. في حين أن تركيا تدعم حلًا في سورية يستبعد الأسد من العملية. وبينما دعمت الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي أطروحات تركيا في البداية، إلا أنها أحجمت عن تأييد تركيا فيما يتعلق بالعوامل الخارجية السلبية للأزمة السورية، ولم تبذل ما يكفي من الجهد لإضعاف حكومة الأسد. ومن المعروف أن تركيا وروسيا مختلفتين حتى الآن حول هذه المسألة، وأن روسيا تسعى إلى المصالحة بين تركيا والأسد، فيما تتواصل تركيا مع نظام الأسد بشكل غير مباشر عبر روسيا.

§       دعم فصائل مختلفة على الأرض

على الرغم من أن التدخل الروسي في سورية كان بذريعة محاربة تنظيم الدولة الإسلامية، إلا أنها كثفت مع مرور الوقت هجماتها على المعارضة المدعومة من تركيا وقطر والسعودية، في حين بقيت عملياتها ضد تنظيم داعش محدودة جدًا (Yılmaz, 2016, 192). ودعمت قوات الأسد على الأرض ووفرت الإسناد الجوي لجنوده. في حين وقفت تركيا في الجبهة المقابلة لتدعم فصائل المعارضة المعتدلة والتركمان ضد الأسد. وكانت روسيا التي وفرت الغطاء الجوي لقوات الأسد، تهاجم بشكل مباشر بين الحين والآخر قوات المعارضة المعتدلة التي تدعمها تركيا. ما جعل الوضع قضية معقدة يصعب حلها.

§       تأسيس منطقة خالية من الإرهاب

طالبت تركيا منذ بداية الأزمة في سورية بإنشاء منطقة آمنة على الحدود التركية- السورية من أجل إيواء اللاجئين، وتلبية احتياجاتهم من المنظمات الدولية. غير أنّ كلًا من الولايات المتحدة وروسيا لم تكونا جادتين في دعم هذا المشروع الذي كان سيوفر في حال تحققه فوائد كبيرة لتركيا من جهة أمن الحدود، وإضعاف هيمنة حزب الاتحاد الديمقراطي التي نشأت ملاصقة لحدودها. ويبدو أن السبب الحقيقي الذي يكمن وراء إحجام كل من القوتين العظمتين في المساهمة في تحقيق هذا المطلب المعقول، هو عدم رغبتهما في أن تصبح تركيا لاعباً قوياً في المنطقة. إذ يمكن تفسير هذا الموقف بـ “الواقعية العدوانية” التي تعد من أهم النظريات التي ترسم سلوك القوى العظمى اليوم.

وانطلاقًا من ذلك، أطلقت تركيا بتاريخ 9 تشرين الأول/ أكتوبر عام 2019 عملية نبع السلام العسكرية ضد أهداف إرهابية في شمال سورية، وكان الهدف منها؛ ضمان أمن الحدود من خلال إنشاء منطقة آمنة، وإبعاد حزب الاتحاد الديمقراطي من المنطقة، وتأمين إعادة قسم من اللاجئين السوريين الذين يقارب عددهم أربعة ملايين إنسان إلى ديارهم. وبتاريخ 17 تشرين الأول/ أكتوبر توصلت تركيا والولايات المتحدة الأميركية إلى اتفاق بشأن وقف العملية، لكن تركيا أعلنت مع ذلك مواصلة العملية بسبب عدم تلبية متطلباتها. ثم بعد ذلك وبتاريخ 22 تشرين الأول/ أكتوبر التقى الرئيسان فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان في سوتشي، وقررا في عقب اجتماع استغرق 7 ساعات، عدم السماح بوجود العناصر الإرهابية في المنطقة، وإبعاد قوات وحدات حماية الشعب إلى عمق 30 كيلومترًا عن الحدود التركية، وقيام القوات التركية والروسية بعد انتهاء المهلة المحددة بـ 150 ساعة بتسيير دوريات عسكرية مشتركة بعمق 10 كيلومتر غرب وشرق منطقة عمليات نبع السلام. وبالفعل بدأت الدوريات المشتركة لقوات البلدين بمهماتها بعد الاتفاق مباشرة.

§       دعم روسيا لقوات النظام وتزويدها بالسلاح

إن قيام روسيا بتزويد قوات الأسد ودعمها بالسلاح منذ بداية الأزمة كما هو معلوم، من أهم نقاط التوتر والاختلاف بين البلدين، إذ يستخدم النظام الأسلحة الثقيلة التي يحصل عليها من روسيا ضد الجيش السوري الحر الذي تدعمه تركيا. فيما يقدم الجنود الروس دعمًا نشطًا فعليًا لقوات النظام في مناطق الاشتباكات. وقد كشفت وسائل الإعلام عن فقدان روسيا جنودًا على مستوى القادة (جنرالات) في هذه الاشتباكات.

§       وجود حزب العمال الكردستاني/ حزب الاتحاد الديمقراطي في المنطقة

إن تفضيل الولايات المتحدة الأميركية وحدات حماية الشعب لتكون حليفة لها، حملت تركيا على التقارب أكثر من روسيا. غير أن روسيا لم تتخذ أي خطوة باتجاه منع نشاط تنظيم حزب العمال الكردستاني/ حزب الاتحاد الديمقراطي الإرهابي في المنطقة، ما يعد تهديدًا صارخًا للأمن القومي لتركيا. بل الأهم من ذلك، امتنعت حتى عن وصف هذه التنظيمات “بالإرهابية” على المستوى الرسمي. ويبدو أن روسيا ستستمر في استغلال عامل وحدات حماية الشعب بما يتماشى مع مصالحها طالما أنها لا تشكل هذه الأخيرة خطرًا على نظام الأسد.

 

ثالثًا- تقويم العلاقات التركية- الروسية في سياق الأزمة السورية

لم تعد روسيا الاتحادية القوة العظمى القادرة على إدارة وتوجيه دفة تطورات النظام الدولي وحدها. ولكن وصفها على أنها مجرد قوة إقليمية عادية سيكون غبن بحقها. إذ إن روسيا الاتحادية وريثة الاتحاد السوفياتي، التي ترنحت ووصلت إلى شفا انهيار كبير بعد تفككه، استطاعت لملمة نفسها وتضميد جراحها بعد ذلك (Tellal, 2014, 230-231)، وبدأت بالتعافي وما زالت تواصل تعافيها. وقد تمكنت روسيا (من خلال استخدام مواردها من الطاقة سلاحًا استراتيجيًا، وحصولها على ميزة في البحر الأسود بإلحاق شبه جزيرة القرم بأراضيها، وتفوقها الميداني على دول الغرب، وتعطيل سياسات الولايات المتحدة. في سورية) من زيادة نفوذها في الشرق الأوسط، وإثبات أنها لا تزال قوة مهمة في السياسة الدولية.

وعلى الرغم من أن تركيا وروسيا اللتان تقعان في المنطقة نفسها تتواجهان من وقت إلى آخر بشأن القضايا الإقليمية، إلا أنهما تعربان في مناسبات مختلفة عن اهتمامهما بالعلاقات المتبادلة. فمع انتهاء الحرب الباردة نشأت فرص تطوير التعاون في مجالات عديدة بين روسيا وتركيا التي كانت مستحيلة في العهد السوفياتي. إن تعزيز مجالات التعاون العديدة ذات الإمكانات العالية بمبادرة البلدين، خاصة في مجال الطاقة والتجارة والسياحة، قدم مساهمات استراتيجية واقتصادية كبيرة للطرفين (Koçak, 2017, 7). وعلى الرغم من أن كلا البلدين كانتا مضطرتين إلى التعامل مع الأزمات الاقتصادية والسياسية بعد حقبة الحرب الباردة (Urazova, 2013, 46)، فقد تشكلت آمال بانتقال أبعاد العلاقات بينهما إلى مستويات أكثر تقدمًا مع تطور العلاقات الاقتصادية. لكن “الحرب الأهلية السورية” التي اندلعت في وقت توطدت فيه العلاقات بين البلدين أكثر من أي وقت عبر تاريخهما. قد أثارت وأججت مخاطر الصراع والتنافس بينهما.

أحاطت التناقضات الكثيرة بالسياسات الروسية- التركية تجاه سورية وخلقت أزمتها مشكلات خطرة بين البلدين. فقد واجهت تركيا مع الأزمة تحديات أمنية كبيرة وتدفقاً خطرًا للاجئين (Askerov and Tchantouridze, 2018, 45). فلتركيا حدود طويلة مع سورية تقدر بـ 911 كيلومترًا يصعب السيطرة عليها بالكامل، لذلك كان على أنقرة مع اشتداد وتيرة الحرب الأهلية في سورية التعامل مع المشكلات الأمنية العديدة الناشئة عن هذا الوضع. فإضافة إلى القتال ضد تنظيمات كداعش وحزب العمال الكردستاني، كان من الضروري لفت الانتباه بوجه خاص إلى المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي نتجت عن دخول نحو أربعة ملايين طالب لجوء إلى تركيا فارين من الحرب الأهلية السورية. حمّلت أنقرة نظام الأسد بالذات مسؤولية اشتداد عنف الحرب الأهلية، وبدأت منذ خريف عام 2011 وبرفقة بعض الدول الغربية بدعم فصائل المعارضة التي تقاتل الأسد. هذا الموقف وضع تركيا وجهًا لوجه مع روسيا التي باتت إحدى أهم داعمي نظام الأسد إلى جانب إيران خلال الحرب الأهلية الدائرة في البلاد (Erşen, 2016, 154-155).

كان التدخل الروسي في المعادلة السورية خطوة غيرت بشكل كبير من سير الحرب الأهلية في البلاد. فقد تمكنت موسكو من تحويل هذه الحملة التي كان يُنظر إليها في بداية الأمر على أنها خطوة لإشغال الشعب، وصرف نظره عن التوتر الناجم عما حصل في أوكرانيا وشبه جزيرة القرم، إلى فرصة لتوسيع نطاق نفوذها نتيجة الفراغ الجيوسياسي الذي خلفته إدارة أوباما في الشرق الأوسط (Köse, 2018). إذ أرادت روسيا مغتنمة هذه الفرصة، حماية وجودها في سورية من خلال الحفاظ على قاعدة طرطوس العسكرية التي ورثتها من الحرب الباردة، والعودة مرة أخرى إلى الجغرافيا التي هيمنت عليها خلال الحقبة السوفياتية. أما تركيا، فقد تبنت بشكل عام سياسة متناغمة مع حلف شمال الأطلسي، وبذلت جهدًا مشهودًا للحد من وقوع المزيد من الضحايا بين السكان المدنيين في هذه الحرب، وعملت على تطوير سياسات لمنع ظهور التشكيلات التي من شأنها تهديد أمنها وأمن أراضيها على الجانب الآخر من الحدود (Tüfekçi, 2017, 144). وفي ضوء هذه المواقف المتباينة، كان لبدء العمليات العسكرية الروسية في أيلول/ سبتمبر عام 2015 آثارًا ونتائج خطرة على خطط وسياسات تركيا، أولى هذه النتائج تمثلت في ازدياد نشاط قوات النظام من خلال العمليات الجوية التي أطلقتها روسيا ضد كل من داعش وقوات المعارضة المدعومة من تركيا من جهة، وتقييد نطاق حركة القوات البحرية التركية من خلال زيادة قواتها في قاعدة طرطوس العسكرية من جهة ثانية (Samaylov, 2018,147-148).

أدت الخلافات العميقة في وجهات النظر التي برزت مع التطورات المرتبطة بالحرب في سورية والانتفاضات العربية التي اكتسبت زخمًا كبيرًا عام 2011، إلى خلق مشكلات جدية بين البلدين بمرور الوقت. فقد اجتذبت العمليات العسكرية الجوية المباشرة التي بدأتها روسيا في أيلول/ سبتمبر 2015 بغرض دعم نظام الأسد، ردود فعل وانتقادات الجانب التركي (Erşen, 2016, 153). وكانت حادثة إسقاط الطائرة الروسية سوخوي- 24 من المقاتلات التركية F-16 على الحدود السورية في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2015، قد مهدت الطريق لبدء حدوث أزمة خطرة بين البلدين. فقد تعرضت تركيا بعد هذه الحادثة لأضرار بمليارات الدولارات نتيجة الحصار الاقتصادي الذي فرضته روسيا، إلى جانب فقدانها القدرة والإمكانية على التحرك بحرية في الساحة السورية (Balta, 2017). وقال بوتين في تصريح له: “إن الطائرة الروسية التي أسقطت من الحربيات التركية كانت تستهدف داعش، ولم تكن تشكل تهديدًا لتركيا على الإطلاق” (Sudakov, 2015). ثم أتبعه بقرار يحظر الواردات من تركيا، ويمنع الرعايا الروس من السفر إلى تركيا للسياحة.

جدول يوضح حجم التجارة الخارجية بين جمهورية تركيا وروسيا الاتحادية (بالدولار الأميركي)

السنوات الواردات الصادرات الحجم
2008 31,364,477 6,483,004 37,847,480
2009 19,450,086 3,189,607 22,639,693
2010 21,600,641 4,628,153 26,228,794
2011 23,952 914 5,992,633 29,945,548
2012 26,625,286 6,680,777 33,306,063
2013 25,064,214 6,964,209 32,028,423
2014 25,288,597 5,943,014 31,231,611
2015 20,401,757 3,588,331 23,990,088
2016 15,162,386 1,732,954 16,895,340

المصدر: المؤسسة التركية للإحصاء، http://tuik.gov.tr/UstMenu.do?metod=temelist

لقد تجلت الآثار السلبية لأزمة الطائرة التي حدثت في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015 في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وانعكست تلك الآثار على معطيات عامي 2014 -2016 أيضًا. إذ يلاحظ أن حجم التجارة الخارجية بين البلدين الذي كان يقدر بـ 31 مليونًا في عام 2014، قد انخفض بنحو 50 في المئة عام 2016. وانخفضت صادرات تركيا التي بلغت 5،943،014 دولارًا في عام 2014، إلى 1،732،954 دولارًا عام 2016 بتراجع قدره 70.8 في المئة، فيما انخفضت وارداتها من روسيا بنسبة 40 في المئة بين عامي 2014- 2016.

أقدمت روسيا بعد أزمة الطائرة هذه على نشر منظومة الدفاع الصاروخية S- 400 في المنطقة، لترفع مستوى قدراتها وهيمنتها في سورية، واستطاعت حرف الانتقادات الموجهة إليها من الرأي العام الدولي بسبب غزوها شبه جزيرة القرم عن هدفها، وتمكنت بذلك من صرف انتباه الرأي العام الداخلي عن الأزمة الاقتصادية وغيرها من المشكلات الداخلية.

تحركت روسيا ونشطت في منابر دولية عديدة في مقدمتها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، معلنة أن الطائرة الروسية أُسقطت من تركيا بشكل غير عادل وغير قانوني في أثناء محاربتها تنظيم داعش، أي أكثر التنظيمات الإرهابية خطرًا. ولم تكتف بهذا، بل اتهمت تركيا بدعم داعش، مدعية أن التنظيم الإرهابي يحقق بيوعات النفط، وهي أكبر مصادر التمويل لديه عبر تركيا. وأرادت منع الجهات الفاعلة مثل الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة الأميركية وألمانيا وبريطانيا وفرنسا من تقديم الدعم لتركيا من خلال بث دعاية مفادها: أن مقاتلي التنظيم يستخدمون الحدود التركية بكل حرية وسهولة في طريق الانتقال إلى دول مختلفة (Demir, 2016, 147).

وفي يونيو/ حزيران عام 2016، أعلنت روسيا أن الرئيس رجب طيب أردوغان قدم رسالة اعتذار  بشأن حادثة إسقاط الطائرة. حيث أعلن الجانب التركي عن اعتذاره لأسرة الطيار المقتول، فيما أكد الجانب الروسي أن العبارات الواردة في الرسالة كانت كافية. لكن لم يتم نشر النص الكامل للرسالة (Avatkov, 2017, 423). وعلى الرغم من أن زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى سانت بطرسبورغ في 9 آب/ أغسطس عام 2016، ولقاءه بالرئيس فلاديمير بوتين قد ساهمت إلى حد ما في البدء بمرحلة إعادة العلاقات إلى طبيعتها، إلا أن الاختلاف بين البلدين في وجهات النظر المتعلقة بسورية لم تنته (Erşen, 2016, 153).

وقد ذكر Ismayil (2018، 80) أن روسيا التي فرض الغرب عليها عقوبات بعد غزو القرم، تواجه مشكلات اقتصادية كبيرة منذ عام 2014، وأعرب انطلاقًا من ذلك أن القيادة الروسية لم يكن في وسعها مواصلة الأزمة السياسية مع تركيا لفترة طويلة في وضع تراجعت فيه أسعار النفط إلى أدنى مستوى لها وهو 35 دولارًا في عام 2016. وقال: إن الحظر الاقتصادي الذي فرضه الغرب على روسيا ساهم بشكل إيجابي في حل المشكلة. ولم تمض سنة على الأزمة حتى بدأت العلاقات تلين، غير أن السؤال حول ما الذي جناه الأطراف من هذه الأزمة، لم يلق جوابًا شافيًا بعد!

وإن كانت سياسات الطرفين في سورية لم تتطابق تمامًا، فإن التقارب بين البلدين قد ضمن التزام روسيا الصمت تجاه عملية درع الفرات التي أطلقتها تركيا في 24 آب/ أغسطس 2016، ومنحت الفرصة لاستمرار العملية بنجاح من أجل تطهير شمال سورية من إرهاب داعش وحزب العمال الكردستاني (Tüfekçi, 2017, 148). إضافة إلى ذلك، كان إعلان بوتين دعمه غير المشروط للحكومة المنتخبة في تركيا بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة التي استهدفتها في 15 يوليو/ تموز عام 2016، بمنزلة خطوة مهمة في طريق بناء الثقة في علاقات البلدين (Sudakov, 2015).

فوافق مجلس النواب الروسي الدوما على اتفاق السيل التركي [[6]] الموقعة في اسطنبول في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2016. تلاه إعلان الجنرال سيرجي رودسكوي رئيس إدارة العمليات الرئيسة في هيئة الأركان العامة الروسية في 18 كانون الثاني/ يناير عام 2017، عن قيام روسيا وتركيا بتنفيذ أول عملية جوية مشتركة ضد عناصر داعش جنوب مدينة الباب السورية. ونتيجة محادثات السلام السورية، التي اكتملت جولتها الثانية في آستانة عاصمة كازاخستان، قررت الدول الضامنة روسيا وتركيا وإيران تشكيل فريق عمل ثلاثي لمراقبة وقف إطلاق النار في سورية (sputniknews.com, E. Tarihi: 02.01.2010). فكانت هذه التطورات دليلًا ملموسًا على أن العلاقات بين تركيا وروسيا بدأت تدخل سياقها الطبيعي بعد أزمة الطائرة.

إن انخراط روسيا في الحرب، وعدم قدرة تركيا على الحصول على الدعم الكافي من الولايات المتحدة في مكافحة المشكلات الإقليمية والتهديدات القادمة من سورية، أدى إلى ظهور مركز قوة جديد في السياق السوري. فمهد تحالف الأمر الواقع بين تركيا وروسيا وإيران الطريق إلى تخفيف الاشتباكات في سورية، وإن كان ذلك جزئيًا. إذ خلق هذا التحالف بديلاً قوياً لسياسات الولايات المتحدة الأميركية الأحادية الجانب. فمواصلة الولايات المتحدة تنفيذ سياسات من شأنها زيادة التوترات، وخلق النزاعات في الشرق الأوسط، جعلت التحالف الفعلي بديلاً جذابًا لجهة بلدان المنطقة (Erol, 2017, 208-209). ذلك لأن الدعم الأميركي العلني لحزب الاتحاد الديمقراطي الذي يشكل تهديدًا خطرًا لتركيا انطلاقًا من الأراضي السورية، أجبر تركيا على البحث عن حلول جديدة (Askerov, Byrne, Matyok, 2018, 83). واستطاعت تركيا وروسيا إظهار العزم على مواصلة العملية التي بدأت على الرغم من عملية الاغتيال التي أودت بحياة أندريه كارلوف [سفير روسيا في أنقرة].

لقد أكد قادة تركيا وروسيا وإيران في كل القمم التي انعقدت بينهم، وحدة أراضي سورية (Balta, 2017). إذ إن إطلاق تركيا عملية درع الفرات من خلال توحيد الرأي، والتحرك المشترك مع هذين البلدين في الجولة الأولى من محادثات آستانة التي جرت في كانون الثاني/ يناير عام 2017، هي تطورات مهمة جدًا في هذا الصدد. غير أن الخلافات العميقة في الرأي بين البلدين حول القضايا المتعلقة بالدور الذي سيؤديه الأسد في المرحلة الانتقالية في سورية، ومستقبل العلاقات الروسية مع حزب الاتحاد الديمقراطي/ وحدات حماية الشعب. ما زالت مستمرة. وعلاوة على كل هذا، هناك من يعتقد أن مواصلة أنقرة التعاون العسكري مع كل من واشنطن وموسكو بشأن الملف السوري غير ممكن كثيرًا في ظل الأوضاع الحالية (Erşen, 2016, 167). ومع ذلك، فإنه لا يبدو من المنطقي أن نتوقع استقلال تركيا عن النظام الأمني التابع لحلف (ناتو) الموجودة فيه منذ عام 1952. من جانب آخر، فإن روسيا تنظر بعين الريبة إلى الدول التي تتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية وتتخذ مواقف عدائية منها، وما السياسات التي اتبعتها في جورجيا وأوكرانيا وأذربيجان في الآونة الأخيرة إلا أمثلة ملموسة على ذلك. وقد لوحظ مؤخرًا أن روسيا ركزت على سياسات تؤدي من حيث النتيجة إلى إبعاد تركيا عن الكتلة الغربية عبر ملفات وساحات الصراع التي بينها وبين الغرب.

ففي الجولة السادسة من مباحثات آستانة التي عقدت في 15 أيلول/ سبتمبر عام 2017، أعلنت الدول الضامنة لوقف إطلاق النار؛ تركيا وروسيا وإيران، أنها ستشكل أربع مناطق لخفض التصعيد، تشمل الغوطة الشرقية وبعض المناطق في شمال محافظة حمص، وإدلب وأجزاء من المحافظات المجاورة لها، وأجزاء معينة من جنوب سورية (Samaylov, 2018, 177-178). ومع اتفاق سوتشي الذي توصلت إليه روسيا وتركيا في 17 أيلول/ سبتمبر عام 2018، انتقلت العلاقات التركية- الروسية في سورية إلى نقطة استراتيجية، وتم الاتفاق التام بينهما في قضايا السيطرة على مناطق خفض التصعيد، ومكافحة الجماعات الإرهابية (Yılmaz, 2019, 293). لكن الذي حدث، أن النظام والقوات المدعومة من إيران، وبفضل الإسناد الجوي الروسي، تمكنت من الاستيلاء على ثلاث مناطق، (باستثناء إدلب) من المناطق الأربع المقرر حمايتها بإعلان عن وقف إطلاق النار. فاضطر مئات الآلاف من المدنيين الفارين من هذه الهجمات إلى اللجوء شمالًا، إلى مناطق قريبة من الحدود التركية. هذا التطور وضع تركيا بسبب الضغوطات الاقتصادية والضغط الشعبي، في موقع غير القادر على مواجهة موجة كبيرة وجديدة من الهجرة.

ومن التطورات الأخرى التي كانت سببًا للمواجهة بين تركيا وروسيا، عملية نبع السلام التي أطلقت خريف عام 2019. فمع بدء العملية، دعت دول عديدة وعلى رأسها الولايات المتحدة، تركيا إلى وقف العملية، بل إن الولايات المتحدة ذهبت خطوة أبعد من ذلك، وأعلنت أنها ستتخذ قرارًا بفرض عقوبات اقتصادية بحق تركيا. وبتاريخ 17 تشرين الأول/ أكتوبر، توصلت تركيا والولايات المتحدة الأميركية إلى اتفاق بشأن وقف العملية، لكن تركيا أعلنت مع ذلك عن مواصلة العملية بسبب عدم تلبية متطلباتها. ثم بعد ذلك وبتاريخ 22 تشرين الأول/ أكتوبر التقى الرئيسان فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان في سوتشي وقررا في عقب اجتماع استغرق 7 ساعات، عدم السماح بوجود العناصر الإرهابية في المنطقة، وإبعاد قوات وحدات حماية الشعب إلى عمق 30 كيلومترًا عن الحدود التركية، وقيام القوات التركية والروسية بعد انتهاء المهلة المحددة بـ 150 ساعة بتسيير دوريات عسكرية مشتركة بعمق 10 كيلومتر غرب وشرق منطقة عمليات نبع السلام. وبالفعل بدأت الدوريات المشتركة لقوات البلدين بمهماتها بعد الاتفاق مباشرة.

غير أنه وعلى الرغم من كل هذه الاتفاقات والنصوص الواردة فيها، واصلت روسيا وقوات النظام قصفها إدلب. وأدى القصف إلى نزوح كثيرين من أماكنهم، ما تسبب في المزيد من المآسي الإنسانية الجديدة (Pitel vd. 2020). وتسبب استهداف روسيا والنظام والجماعات المدعومة من إيران مناطق خفض التصعيد في إدلب، في نشوء موجة جديدة من النزوح والهجرة (www.sabah.com.tr).

وعلى الرغم من أن اتفاق سوتشي بين تركيا وروسيا قد ساهم في إنشاء منطقة لخفض التصعيد في إدلب، إلا أن مقتل [[7]] نحو خمسين جنديًا تركيًا في الهجمات التي شنتها قوات النظام في أوقات مختلفة على الجنود الأتراك العاملين في المنطقة بدعم من روسيا في أوائل عام 2020، كان السبب في أكبر التوترات بين البلدين بعد عملية اغتيال كارلوف.

وبالنظر إلى توقيت الهجمات وتطورات ما قبل الهجوم، تظهر أدلة وإشارات مهمة. إذ يمكن تلخيص أسباب وأهداف تلك الهجمات على النحو الآتي:

  • تحقيق تركيا أهدافها في الأزمة السورية بشكل كبير، وازدياد قدرتها على حماية أمن حدودها في هذا السياق.
  • قدرة تركيا على الحفاظ على موازنة علاقاتها في الملف السوري بين الثنائي الأميركي- الروسي على الطاولة وعلى الأرض على حد سواء، وإدارة العملية بنجاح دون الدخول في أزمة عميقة مع الولايات المتحدة، بالشكل الذي خلق خيبة أمل لدى بعض الشرائح.
  • بدء تركيا بتحويل طاقتها في سورية إلى مناطق الأزمات الأخرى، وتزايد نشاطها في شرق البحر المتوسط وشمال أفريقيا وانعكاسات ذلك على العلاقات التركية- الروسية، خاصة في المسألة الليبية.
  • ردود فعل تركيا الشديدة على “اتفاق القرن” [[8]] وانعكاساتها على الميدان.
  • التطورات التي تشهدها العلاقات التركية- الأوكرانية.
  • الدور التركي في نطاق “صنع اللعبة وإفساد الألاعيب”، وعدم الارتياح من كفاءتها المتعاظمة في هذا السياق.
  • نفوذ تركيا المتزايد على الصعيدين الإقليمي والعالمي، وتحولها إلى جهة فاعلة لا يمكن إخضاعها.

فقد عُدت هذه الهجمات من أخطر المواجهات التي حدثت بين القوات التركية وقوات النظام منذ بداية الأزمة السورية (Frantzman, 2020). لكن لا يمكن تقويم هذه الهجمات على أنها هجمات موجهة من قوات الأسد ضد تركيا فحسب. فقد تلقت مسارات آستانة وسوتشي القائمة على التعاون التركي- الروسي- الإيراني، طعنة كبيرة، وتضررت بشكل خطر بهذه الهجمات. وعند الأخذ بالهيكلية الموجودة في سورية في الحسبان، فيظهر أنه من غير المعقول الاعتقاد بأن قوات الأسد نفذت مثل هذه الهجمات من دون علم روسيا وإيران. فعند تقويمها في هذا السياق سيبدو من المؤكد أن آثار ونتائج هذا الهجوم سيكون لها تأثير من منظور أوسع في الأزمة السورية. فقد يتسبب صراع واسع النطاق في إدلب في مجازر بين المدنيين، كما يتسبب في موجة جديدة من الهجرة نحو تركيا، وقد يؤدي إلى تسلل عناصر إرهابية إلى الأراضي التركية. ولذلك، إذا لم تتمكن روسيا وتركيا من إيجاد حل لهذه العملية برمتها، فمن المتوقع أن تتضرر عمليات آستانة – سوتشي، وبشكل عام العلاقات التركية- الروسية بشكل كبير.

فالعلاقات التركية- الروسية تمر في سياق الأزمة السورية باختبار جديد. لكن من الواضح أن العلاقات تتجه نحو التعمق والتوطيد على الرغم من الأزمات التي اعترضتها. إذ إن العلاقات الطيبة التي أنشأها قادة البلدين كانت فعالة في تجاوز الأزمات بينهما. حيث كان للزيارة الأولى للرئيس بوتين التي قام بها بعد فوزه الكبير في انتخابات عام 2018، إلى تركيا معنىً خاص. إذ أعلن البلدان أنهما سيتخذان مواقف مشتركة ضد السياسات الغربية التي تقودها الولايات المتحدة في سورية والشرق الأوسط، وسيبحثان عن الحلول بالتعاون معًا. وبناء على ذلك، يمكن عد شراء منظومات السلاح، واستعداد البلدين لإيجاد حل مشترك للمشكلة السورية من أهم التطورات في تاريخ العلاقات بين البلدين.

من ناحية أخرى، تظهر الأهداف الأولوية لكل من أنقرة وموسكو اختلافًا وتباينًا. إذ لا يمكن القول إن الجانبين بذلا ما بوسعهما من جهد للكشف عن مصالحهما المشتركة (Tchantouridze, 2018, 149). فعند إجراء تقويم في سياق الحرب الأهلية السورية يتعلق بالعلاقات بين تركيا وروسيا اللتين تختلف مقاربتهما لمشكلات الأمن الإقليمية والدولية، يُلاحظ بروز ملفات صراع جديدة بين تركيا وروسيا مع هذه الأزمة، لكن البلدين تمكنا على الرغم من ذلك من تطوير إمكانات التعاون التكتيكي بينهما بسبب سياساتهما التي لم تكن تنسجم مع سياسات الولايات المتحدة الأميركية.

تعد الأزمة السورية اليوم محك العلاقات التركية- الروسية واختبارًا لديمومتها، وعلى الرغم من عدم تمكنهما من حل بعض المشكلات العالقة بينهما، وتأجيل بعضها، وتجميد بعضها الآخر، إلا أن البلدين كانا يحاولان في السنوات الأخيرة اتخاذ مواقف قريبة أو متشابه بشأن قضايا عديدة على المستوى الإقليمي والعالمي، وهو خيار مدروس يعيه الطرفان (Yılmaz, 2019, 183). فكما أن الأزمة السورية أنتجت مجالات جديدة للتنافس بين تركيا وروسيا، فقد أوجدت أيضًا فرصًا جديدة للتعاون فيما بينهما. هذه القضايا التي نوقشت بكل جوانبها في الدراسة؛ تؤكد فرضية البحث التي تشير إلى أن “تركيا وروسيا لن تتمكنا من التوصل إلى توافق كامل على حل الأزمة السورية. لكنهما ستستمران بالعمل المشترك في المسائل التي تتعارض فيها مع الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأميركية”.

ويعد جهد تركيا وروسيا وإيران لإنتاج حل مشترك للأزمة السورية تطوراً واعداً على صعيد السلام الإقليمي. فعلى الرغم من انتهاج تركيا سياسة مختلفة تمامًا عن السياستين الروسية والإيرانية في سبيل حل الأزمة السورية في بداية الأمر، إلا أن عدم وفاء الولايات المتحدة الأميركية بالوعود والالتزامات التي قطعتها لتركيا، ودعمها العلني والمكشوف للتنظيمات الإرهابية (حزب العمال الكردستاني/ حزب الاتحاد الديمقراطي) في طريق إقامتها دولة كردية على الحدود الجنوبية لتركيا، حمل تركيا على التحرك جنبًا إلى جنب مع روسيا وإيران. لكن امتناع روسيا عن اتخاذ موقف واضح من الهجمات التي استهدفت الجنود الأتراك في إدلب، والتصريحات التي كانت بمنزلة بيانات داعمة للأسد، خاصة في وسائل الإعلام الروسية المعروفة بقربها من بوتين، وتأكيد الأهمية الكبيرة لنظام الأسد. كلها عززت لدى الرأي العام التركي الفكرة القائلة إن ذلك الهجوم لم يكن لينفذ لولا علم روسيا. وقوت الاعتقاد بأن روسيا لا يمكن أن تكون شريكًا موثوقًا به. فمدى بلوغ العلاقات الروسية – التركية التي اجتازت اختبارًا صعبًا في سورية، الاستقرار من عدمه، يعتمد تصرف البلدين تجاه تطورات المنطقة بحس سليم من خلال إبداء الحساسية تجاه أولويات بعضهما.

وفي هذه النقطة، تجب الإشارة إلى أن تطبيع العلاقات الروسية- التركية في هذه المرحلة سيكون تطوراً إيجابياً، ليس بالنسبة إلى البلدين فحسب، وإنما بالنسبة إلى المنطقة بأسرها. فالتعاون بينهما يفرض أهمية بالغة، وإلا تعرض البلدان إلى مشكلات خطرة بدءًا من البحر الأسود إلى القوقاز، ومن الشرق الأوسط إلى آسيا الوسطى وصولًا إلى الشرق الأقصى (Ismayil, 2018, 80). لذا؛ فإن قدرة البلدين على إيجاد حلول مشتركة لكل هذه المشكلات الإقليمية مرتبط بأدائهما القائم على التعاون فيما بينهما لإيجاد حل للمسألة السورية. وقد أظهر قيام كل من تركيا وروسيا ومعهما إيران بتطوير مبادرات مشتركة في إيجاد حلول للمشكلات الإقليمية، مساهمته في تطوير ردود أفعال البلدين واستجابتهما للعمل معًا على الرغم من التأثيرات السلبية لهذه الأزمة (التي أبرزت ساحات صراع جديدة) على علاقات البلدين. أضف إلى أنه على الرغم من الجدل والنقاش حول الآثار التي آلت إليها هجمات إدلب، فإن مسار مباحثات آستانة التي تعد الأرضية الملموسة الوحيدة لحل الأزمة السورية على الساحة الدولية، وتوافُق الدولتين بشأن إبعاد العناصر الإرهابية إلى مسافة معلومة من الحدود التركية في عقب عملية نبع السلام، قد شجع البلدين على إنتاج سياسات في سياق مجالات التعاون بمعزل عن ساحات الصراع القائمة بينهما.

 

رابعًا- الخاتمة

تقع سورية في منطقة جغرافية ذات أهمية استراتيجية لكل من تركيا وروسيا على حد سواء. فلكلا البلدين أسبابهما ومبرراتهما المختلفة للتدخل في الأزمة السورية. فعند تقويم هذا التدخل من وجهة النظر الروسية نجد أن أسباب ذلك تتجسد في؛ الحفاط على قاعدة طرطوس العسكرية (وهي القاعدة البحرية الوحيدة الباقية لروسيا من الحرب الباردة خارج حدودها)، وبالتالي على وجودها في سورية وفي مواصلة هذا الوجود في الشرق الأوسط، وحمل الرأي العام الدولي على نسيان ردود الفعل التي أبداها تجاه الغزو الروسي للقرم، وإثبات فاعليتها وقوتها في الساحة الدولية. أما من وجهة نظر تركيا، فإنه من الواضح أن هذه القضية ذات أهمية حيوية بالنسبة إليها. فقد باتت تركيا مع اندلاع الحرب الأهلية السورية وجهًا لوجه مع موجة عارمة من اللاجئين، وتعرضت أراضيها لكثير من عمليات القصف بقذائف تعجيزية من أسلحة بعيدة المدى، انطلاقًا من الأراضي السورية أدت إلى وقوع ضحايا، إلى جانب المشكلات والتحديات الأمنية الخطرة على الحدود، إذ انتقلت السيطرة على جزء مهم من الحدود البالغة 911 كيلومترًا إلى يد حزب الاتحاد الديمقراطي، الذراع السوري لحزب العمال الكردستاني الإرهابي، ما شكل خطرًا وتهديدًا كبيرًا على أمنها القومي. لذلك؛ فإن مبررات ودواعي التدخل في الأزمة السورية تختلف بين كل من؛ روسيا التي لا تمتلك على أي حدود برية مع سورية، وتركيا التي تتلاصق مع هذا البلد بأطول حدود برية لها مع جيرانها. فبينما كان التدخل التركي اضطرارًا لمواجهة العوامل السلبية لهذه الحرب الأهلية الدائرة بالقرب من حدودها، كان التدخل الروسي يستند أكثر إلى تعظيم مصالحها السياسية الداخلية والخارجية.

فلدى روسيا وتركيا ملفات صراع عالقة في سورية، ويبدو من الصعب حلها، مثل استمرار نظام الأسد، والمعارضة المعتدلة، وإنشاء المنطقة العازلة. وكانت حادثة إسقاط المقاتلة الروسية في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2015 من الطائرات المقاتلة التركية وفقًا لقواعد الاشتباك، سببًا لتدهور كبير في العلاقات بين البلدين، فرضت روسيا على إثرها عقوبات سياسية واقتصادية على تركيا وعززت من نفوذها في سورية. لكن مع بدء انقشاع الغيوم وتحسن العلاقات بين الجانبين بدءًا من عام 2016، تمكن البلدان من تطوير إمكانات التعاون من خلال مواجهة السياسات الأميركية واتجهتا إلى البحث عن حل سياسي للمشكلة مع إيران. غير أن الهجوم الذي استهدف الجنود الأتراك في إدلب، جعل هذا الجهد محل نقاش وجدل، وأثار لدى الرأي العام في تركيا مرة أخرى قضية عدم إمكان عد روسيا شريكًا يمكن الوثوق به.

إذ إن إصرار روسيا على مسألة الإبقاء على نظام الأسد ومحاولتها تنفيذ ما تريد فعله في سورية عبر هذا النظام، يزج بحلول الأزمة السورية في طريق مسدود، كما يلحق أفدح الأضرار بعلاقات البلدين. إذ إن الموقف الوحشي لنظام الأسد تجاه شعبه في سورية يجعل من المستحيل حل المشكلة السورية، حتى لو وافقت تركيا والغرب على استمرار نظام الأسد وبقائه. لأنه من الواضح أن الشعب السوري الذي ذاق أشد الآلام وعانى ويلات كثيرة من هذا النظام، يستحيل عليه أن يقبل بقاء نظام الأسد في السلطة مهما كان.

وكما يظهر من حادثة إسقاط تركيا الطائرة الحربية الروسية وفق قواعد الاشتباك، وهجوم قوات النظام على الجنود الأتراك، فإن العلاقات التركية- الروسية واقعة دائمًا- وخاصة في سورية- بين فكي كماشة المنافسة الجيوسياسية بين البلدين. وتعتمد كفاءة كل من تركيا وروسيا للاستفادة من هذه المجالات، إدارة التنافس الجيوسياسي جنبًا إلى جنب مع إمكان التعاون المتاح لهما.

فعلى الرغم من وجود خلافات سياسية كبيرة بين تركيا وروسيا تتعلق بنزاعات؛ آسيا الوسطى وشبه جزيرة القرم وأرمينيا وأذربيجان، وعدم الاعتراف بحزب العمال الكردستاني بوصفه منظمة إرهابية من الجانب الروسي، وخطوط نقل الطاقة، إلا أن البلدين استطاعا تطوير علاقاتهما الاقتصادية (مشروع محطة Akkuyu للطاقة النووية، وشراء تركيا منظومة الدفاع الصاروخية S- 400) بشكل مستقل عن هذه المشكلات، بل اتخذا خطوات مهمة في نقل العلاقات إلى أبعاد استراتيجية. لكن الحرب الأهلية السورية أضافت مناطق نزاع جديدة إلى مناطق الصراع هذه. ومع ذلك ظهرت فرص تعاون جديدة بينهما. فلو كتب الحل للمسألة السورية، وتم فض النزاع الدائر في سورية من خلال عملية آستانة التي ترعاها الدول الثلاث روسيا وتركيا وإيران بمبادرة مشتركة منهما، فمن المتوقع أن تكتسب العلاقات بين البلدين زخماً جديداً. فقبل كل شيء سيسجل للبلدين أنهما لاعبين إقليميين كبيرين في الساحة الدولية، وسيكون من السهل عليهما أخذ زمام المبادرة لإنتاج الحلول في القضايا الإقليمية الأخرى. وسيساهم ذلك عند تقويمه من وجهة نظر السياسة الدولية، في تغيير النظرة القائلة إن “القضايا العالمية لا يمكن حلها من دون دعم الدول والمؤسسات الغربية”، إذ يعد العلاقات الوطيدة التي تأسست بين قادة البلدين ستكون فاعلة ومؤثرة في حل المشكلات والقضايا العالقة بينهما.

خامسًا- المصادر

  • AVATKOV, Vilademir, (2017), Turetskaya Respublika, st.418-425, Vneşnaya Politika Russii 1991-2016, Pod Obşey Redaktsiey i c Predicloviem Akademika A.V. Torkunova, Moskva: İzdatelstvo “MGİMO” Universitet,
  • ARBATOVA, Nadejda, (2013), “Çok Kutuplu Dünya’da Türkiye-Rusya İlişkileri”, s.56-67, Türkiye Cumhuriyeti Rusya Federasyonu İlişkileri, Ed. Haydar Çakmak ve Seyfettin Erol, Ankara: Barış Kitabevi,
  • ASKEROV, Ali, Lasha Tchantouridze (2018), “Contending Policies of Russia and Turkey, The Syrian Crisis, p.45-65, Contemporary Russo-Turkish Relations From Crisis To Cooperation, Ed. Ali Askerov, London: Lexington Books,
  • ASKEROV, Ali, Sean Byrne, Thomas Matyok, (2018), “Effect of US PYD/YPG Policy on Russo- Turkish Relations”, p.83-104, Contemporary Russo-Turkish Relations From Crisis To Cooperation, Ed. Ali Askerov, London: Lexington Books,
  • BAHARÇİÇEK, Abdulkadir, (2017), “Arap Baharı ve Türkiye Ortadoğu İlişkileri”, s.3563-365, Türkiye’de Siyaset ve Uluslararası İlişkilerde Güncel Tartışmalar, Ed. Osman Ağır, Ankara: Seçkin Yayıncılık,
  • BALTA, Evren, (2017), “Kirpi ikilemi: Türkiye ve Rusya ilişkileri”, http://www.aljazeera. com.tr/gorus/kirpi-ikilemi-turkiye-ve-rusya-iliskileri, Erişim Tarihi:22.08.2019
  • DEMİR, Ali Faik, (2016), Türkiye-Rusya İlişkilerinde Suriye Krizinin Yansımaları ve Et kileri, Marmara Türkiyat Araştırmaları Dergisi, Cilt III, Sayı 2
  • DURAN, Burhanettin, (12 Ağustos2016), Türkiye’nin Yeni Rusya Politikası, https://www.sabah.com.tr/yazarlar/duran/2016/08/12/turkiyenin-yeni-rusya-politikasi, Erişim Tarihi:22.07.2019,
  • EROL, Mehmet Seyfettin, (2017), Yeni Dünya Düzeni-Yeni Ortadoğu İnşasında “TürkiyeRusya-İran Üçlüsü” ve Avrasya Sürecinin Geleceği, s.208-214, VII Uluslararası Karadeniz Sempozyumu, Giresun Üniversitesi,
  • EROL, Mehmet Seyfettin, (2020), İdlib Saldırısının Bölgesel-Küresel Jeopolitik Bağlamda Yol Açacağı Olası Sonuçlar, https://www.aa.com.tr/tr/analiz/idlib-saldirisinin-bolgesel-kuresel-jeopolitik-baglamda-yol-acacagi-olasi-sonuclar/1723909, Erişim Tarihi: 05.02.2020,
  • ERŞEN, Emre, (2016), Suriye Sorunu Gölgesinde Türkiye-Rusya İlişkilerinde Normalleşme Süreci, Marmara Türkiyat Araştırmaları Dergisi, Cilt III, Sayı 2,
  • FRANTZMAN, Seth J. (2020), “Russia Stuck in Middle as Turkey And Syrian Regime Clash in Syria”, https://www.jpost.com/Middle-East/Russian-stuck-in-middle-as-Turkey-andSyrian-regime-clash-in-Syria-616326, Erişim Tarihi: 05.02.2020,
  • ISMAYIL, Toğrul, (2018), Turkey- Russia Relations After The Shooting Down of a Russian Warplane, p.65-80, Contemporary Russo-Turkish Relations From Crisis To Cooperation, Ed. Ali Askerov, London: Lexington Books,
  • KOÇAK, Muhammet, (2017), Türkiye Rusya İlişkileri, SETA, Analiz, Mayıs, 2017, Sayı, 201,
  • KÖSE, Taha, (2018), 27 Ocak 2018, “Türkiye-Rusya İlişkilerinin Suriye Denklemindeki Fırsat ve Riskleri”, https://www.sabah.com.tr/yazarlar/perspektif/talhakose/ 2018/01/27/turkiye-rusya-iliskilerinin-suriye-denklemindeki-firsat-ve-riskleri, Erişim Tarihi:22.09.2019,
  • PİTEL, Laura vd. (2020), “Turkey’s Erdogan Vows to Make Syria ‘Pay’ After Attack”,https://www.ft.com/content/05afc41a-465d-11ea-aeb3-955839e06441, Erişim Tarihi: 05.02.2020
  • SAMAYLOV, Yaraslov, (2018), Rusya’nın Suriye Politikası, Ankara: Hitabevi Yayınları,
  • SAPRANOVA, Mariya A. (2017), “Russiya Na Bilijnim i Srednem Vostoke, Arabskiy Mir”, st.395-408, Vneşnaya Politika Russii 1991-2016, Pod Obşey Redaktsiey i c Predicloviem Akademika A.V. Torkunova, Moskva: İzdatelstvo “MGİMO” Universitet,
  • SUDAKOV, Dimitry, (2015), “Putin: Turkey Supports Terrorism And Stabs Russia İn The Back”, http://www.pravdareport.com/russia/kremlin/24-11-2015/132690-russia_turkey _plane_putin-0/, Erişim Tarihi: 16.10.2019,
  • SUDAKOV, Dimitry, (2015), Russia and Turkey: Marriage of Convenience http://www.pravdareport.com/russia/politics/27-07-2016/135142-russia_turkey-0/,Erişim Tarihi: 15.10.2019
  • TCHANTOURİDZE, Lasha, (2018), “The Black Sea Question in Russo-Turkish Relations, p.125-148, Contemporary Russo-Turkish Relations From Crisis To Cooperation, Ed. Ali Askerov, London: Lexington Books,
  • TELLAL, Eren, (2014), “Zümrüdüanka: Rusya Federasyonu’nun Dış Politikası”, s.189-236, Ankara Üniversitesi SBF Dergisi, Sayı: 65-3,
  • TÜFEKÇİ, Özgür, (2017), “İşbirliği ve Kriz İkileminde Türkiye-Rusya İlişkileri”, s. 135-155, AK Partinin 15. Yılı Dış Politika, Ed. Kemal İNAT vd. İstanbul; Seta Kitapları 29,
  • URAZOVA, Elena, (2013), “Soğuk Savaş Sonrası Dönemde Rekabetten İşbirliğine Türk Rus İlişkileri: Beklentiler, Hedefler, Başarılar ve Hayal Kırıklıkları”, s.44-56, Türkiye Cumhuriyeti Rusya Federasyonu İlişkileri, Ed. Haydar Çakmak ve Seyfettin Erol, Ankara: Barış Kitabevi,
  • YILMAZ, Salih ve YAKŞİ, Abdullah, (2016), “Osmanlı Devleti’nden Günümüze Türk-Rus İlişkileri, s.9-57, TYB Akademi, Yıl:6, Sayı: 17,
  • YILMAZ, Salih, (2016), Rusya Neden Suriye’de, Ankara: Yazar Yayınları, Birinci Basım,
  • YILMAZ, Salih, (2019), Putin Dönemi Rusya Dış Politikası ve Güvenlik Doktrinleri, Ankara: Nobel Yayınevi,

http://tuik.gov.tr/UstMenu.do?metod=temelist, Erişim Tarihi: 17.10.2019

https://tr.sputniknews.com/rusya/201712311031613880-2017-turk-rus-iliskileri-ucak-krizioncesine-dondu/Erişim Tarihi: 17.10.2019,

https://www.sabah.com.tr/dunya/2020/01/28/son-dakika-esed-gucleri-astana-anlasmalari-vesoci-mutabakatini-hice-sayarak-maarratunnumani-ele-gecirdi, Erişim Tarihi: 17.01.2020

https://www.aa.com.tr/tr/dunya/esed-rejiminden-soci-zirvesi-oncesi-idlibe-yogunsaldiri/1391472, Erişim Tarihi: 17.01.2020

اسم المادة الأصلي TÜRKİYE-RUSYA İLİŞKİLERİNİN SURİYE KRİZİ BAĞLAMINDA DEĞERLENDİRİLMESİ
الكاتب عبد القادر باهار جيجك، عثمان أغيرAbdulkadir BAHARÇİÇEK، Osman AĞIR
المصدر وتاريخ النشر مجلة dergipark المحكمة- 09 تموز/ يوليو 2020
رابط المادة https://dergipark.org.tr/tr/download/article-file/1018403

[1] تم الاستئناس في إنتاج هذه الدراسة بنص البيان المقدم إلى الندوة الثانية عشرة للإدارة العامة (KAYSEM 12) بعنوان “مناقشات حول المجتمع والاستيطان والإدارة في تركيا” التي نظمتها جامعة كيريك قلعة في الفترة بين 25-27- 2018.10.

* أستاذ دكتور، محاضر وعضو هيئة تدريسية في جامعة إينونو، كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية، قسم العلوم السياسية والإدارة العامة،

** أستاذ مساعد، محاضر وعضو هيئة تدريسية في جامعة إينونو، كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية، قسم العلوم السياسية والإدارة العامة،

[2] تعمل هذه القاعدة منذ عام 1971 وهي القاعدة البحرية الوحيدة لروسيا خارج جغرافيا ما بعد الاتحاد السوفيتي.

[3] ذكرت مصادر مختلفة أن هناك حوالي 3000 جهادي متطوع من شمال القوقاز في سورية.

[4] يعد حزب العمال الكردستاني PKK ذراع المرجع الأعلى للتنظيم المسمى بـ KCK في تركيا، وحزب الاتحاد الديمقراطي PYD ذراعه في سورية، وPÇTK ذراعه الإيراني، وPEJAK ذراعه العراقي.

[5] زعمت الولايات المتحدة أنها حاربت تنظيم داعش الإرهابي إلى جانب حزب الاتحاد الديمقراطي. لكن حقيقة استيلاء حزب الاتحاد الديمقراطي على المناطق التي أخلتها داعش والاستقرار فيها، أثار القناعة بأن الولايات المتحدة استغلت تنظيم داعش الإرهابي كأداة لتثبيت حزب الاتحاد الديمقراطي في المنطقة.

[6] خط أنابيب السيل التركي البحري: يبدأ من ساحل أنابا في روسيا ويتقدم بطول 930 كم تحت البحر الأسود ويصل إلى تركيا على سواحل تراقيا. يخلق خط الأنابيب مصدرًا موثوقًا وآمنًا للطاقة لتركيا وجنوب أوروبا وجنوبها الشرقي من خلال ربط احتياطيات الغاز الطبيعي الضخمة في روسيا بشبكة توزيع الغاز الطبيعي في تركيا مباشرةً.

(http://turkstream.info/tr/project/).

[7] في 3 شباط/ فبراير عام 2020، استشهد سبعة جنود ومستخدم مدني واحد، وجرح 13 عسكريًا جراء القصف المدفعي المكثف لقوات النظام على جنود أتراك أثناء قيامهم بمهامهم في موقع استراتيجي مهم على مفترق طريقي M4 وM5 الدوليين قرب ناحية سراقب في الجنوب الشرقي من إدلب. كما أسفر القصف المدفعي المكثف الذي شنه النظام في 10 شباط/ فبراير عام 2020 أيضًا عن استشهاد 5 جنود أتراك وإصابة 5 جنود آخرين. وفي 27 شباط/ فبراير 2020 استشهد 34 جنديًا تركيًا في غارات جوية لقوات الأسد، غير أن أكثر من 3000 عنصر من عناصر النظام لقوا مصرعهم في عملية درع الربيع التي أطلقت في أعقاب الحادثة مباشرة، وتم تدمير العديد من المعدات العسكرية للنظام.

[8] نص الرئيس الأميركي حول الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني (للحصول على معلومات تفصيلية، انظر. https://www.aa.com.tr/tr/dunya/trumpin-sozde-baris-planinin-ayrintilarinda-nesi-var/1719978).

وحدة الترجمة

وحدة الترجمة مسؤولة عن أعمال الترجمة في مؤسسة ميسلون، من اللغات الأوروبية إلى العربية، وبالعكس؛ ترجمة ما تُصدره مؤسسة ميسلون باللغة العربية، وفقًا لاختيار إدارتها، إلى عددٍ من اللغات الأخرى، بهدف إيصال دراساتها إلى الناطقين باللغات الأخرى، وترجمة البحوث والدراسات والمقالات المهمة من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية بهدف تعريف المثقفين والباحثين والمهتمين في منطقة الشرق الأوسط ببعض ما ينشر عن المنطقة في مراكز البحوث العالمية.
علي كمخ

ترجمة: علي كمخ

محامٍ ومستشار قانوني ومترجم، يحمل الجنسيتين التركية والسورية، من مواليد عام 1967، خريج سورية، جامعة حلب، كلية الحقوق دورة عام 1990- 1991. يتحدث اللغتين العربية والتركية بإتقان ويعمل في الترجمة منذ سنوات. عمل مستشارًا قانونيًا ومترجمًا في عدد من الشركات التركية العاملة في ليبيا قبل عام 2011. ترجم عددًا من القوانين والتشريعات التركية إلى اللغة العربية، منها؛ قانون الأجانب والحماية الدولية ولائحته التنفيذية، اللائحة التنفيذية للحماية المؤقتة، قانون الجنسية التركي، قانون العائلة التركي وقانون المنظمات والجمعيات التركي. إضافة إلى ترجمة عدد كبير من الأبحاث والدراسات والمقالات بمختلف موضوعاتها السياسية والفكرية والاجتماعية والاقتصادية، سواء إلى اللغة العربية أو اللغة التركية.

مشاركة: